لست قانونياً.. ولكننى أتمنى أن يكون فى القانون المصرى نص يمنع الرؤساء السابقين وعائلاتهم من نشر مذكراتهم قبل عرضها على لجنة تضم ممثلين لأجهزة الأمن القومى والبرلمان، بدلاً من الفضائح التى بدأت دار النشر البريطانية الكبرى «كانون جيت» فى تسريبها لبعض وسائل الإعلام على سبيل «الترويج» المسبق للمذكرات التى تحترق الفضائيات والصحف شوقًا لمعرفة ما فيها. أعلم أن كلامى لن يعجب الكثيرين، ولكن من يضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار آخر، سيفكر فيه مرتين، فما كدت أعلق على «بعض» مما جاء فى «تسريبات» مذكرات سوزى هانم الشهيرة بجلالة الملكة، حرم المخلوع، حتى فوجئت بأن مبارك المتنحى نفسه قد باع مذكراته إلى نفس دار النشر، مقابل 10 ملايين دولار كدفعة أولى، وبدأت الدار بنفس الأسلوب فى تسريب بعض «الفلاشات» عما تحتويه هذه المذكرات من أسرار لجذب أنظار القراء وموزعى الكتب. وعلى الرغم من أن المسئولية القانونية عن كل ما سيجىء فى هذه المذكرات ستقع على الكاتب ودار النشر، وهذان بالطبع لديهما مستشاروهما القانونيون، إلا أن هناك مسئولية أخرى ليس لها من يدافع عنها ألا وهى «المسئولية الأخلاقية» التى ربما يؤدى غيابها إلى مزيد من التشويه لصورة مصر ورموزها. لا تعنينى من قريب أو بعيد صورة مبارك المخلوع أو الهانم التى كانت تطرب للمنافقين عندما ينادونها ب«جلالتك» - والعياذ بالله، فالجلال لله سبحانه وتعالى ذى الجلال والإكرام – إن ما يهمنى ويعنينى صورة «مصر» التى لا أعتقد بأنهم سيحافظون عليها.. أو يحترمونها.. أو يعرفون قدرها. فإذا كانت سوزى فى مذكراتها – أو ما تسرب منها ونشرته مجلة «الصياد» اللبنانية – لم تتورع، أو تخجل من وصف زوجها (أبو عيلاء وجيمى) بأنه اعتمد على الإسرائيليين، واتخذ مستشاراً سرياً مدفوع الأجر هو بنيامين بن أليعازر، وأن (أبو عيلاء) كان «مسكيناً لأنه أطرش تقريباً»!. وأنها «كانت مثل الأم له تعاقبه عندما يخطئ»!. وأنها «هى من علمته الصلاة لأنه لم يكن يعرف كيف يصلى»!. وأنه «تعلم شرب الكحوليات منذ عام 1964 أيام وجوده فى الاتحاد السوفيتى، وكان ذلك سبباً لإصابة كبده حتى الآن». وأنه كان رعديداً خشى أن يغتاله رجاله يوم تنحيه فاصطحب حراسه معه فى «الحمام»!!. أما المفاجأة الأكبر فهى أن الرئيس السابق أيضًا استغل وقت فراغه فى إملاء مذكراته على «صحفى كبير»، وباعها لنفس دار النشر البريطانية، التى سربت أيضًا أجزاءً محدودة منها تضمنت أشياء يندى لها الجبين، وإن كانت ليست بأسرار، مثل أن «أم الرئيس» السيدة نعيمة محمد مرسى مبارك رفعت على ابنها محمد حسنى السيد مبارك قضية نفقة لرفضه الإنفاق عليها بعد وفاة والده، رغم كون مبارك وقتها نقيبًا فى القوات الجوية، وانتهى الأمر بالتصالح على أن يدفع لها مبارك 340 قرشًا شهريًا. وبغض النظر عن الفضائح الشخصية التى تحملها مذكرات المخلوع وحرمه، فإن ما يهمنى هو «القياس» على ما تسرب، فمن تسىء إلى نفسها بالإساءة إلى زوجها الذى جعلها سيدة مصر الأولى، فلن تتورع عن الإساءة لمصر وأهلها وتاريخها!. ومن لا يجد عيباً فى «عقوقه» لأمه، فلن يجد غضاضة فى «عقوقه» لمصر كلها!. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وحفظ الله مصر من عقوق بعض أبنائها. [email protected]