طالب برلمانيون مصريون، الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، بعدم التصديق على قانون "الجمعيات الأهلية"، الذي أقره البرلمان، أمس. وقال البرلمانيون إن القانون "يدفع بالعمل الأهلي والمدني والتطوعي خطوات للخلف"، مطالبين الرئاسة بإعادته للبرلمان مرة أخرى ل"مزيد من الدراسة". جاء ذلك في بيان لتكتل "25-30"، الذي يضم 25 نائباً (من إجمالي 596)، أبرزهم المخرج خالد يوسف، الكاتب يوسف القعيد، والناشط هيثم الحريري، تعليقًا على قانون "الجمعيات الأهلية"، الذي أحيل للرئاسة للتصديق عليه أو رفضه. ويحق للرئيس رفض القوانين المحالة إليه من البرلمان، ليعود للبرلمان للتصويت عليه، وفي حال حصوله على تأييد أكثر من ثلثي الأعضاء يصبح القانون نافذاً بدون حاجة لتصديق الرئيس. وفي حال عدم حصوله على أغلبية الثلثين، يتم إرجاء النظر في القانون، إلى دور تشريعي جديد، أي بعد أشهر، وفق ما قاله جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، للأناضول. وقال البيان: "اعترضنا علي مواد كثيرة بمشروع القانون، واستهجنا الروح الحاكمة له من حيث الفهم الضيق لطبيعة عمل المجتمع الأهلي، إلا أنه تم تمريره بتعديلات غير كافية". وأضاف: "كان واجبا أن تستدعي اللجنة (التشريعية)، التي أقرت القانون، النواب المعترضين علي القانون أو بعض مواده لبيان وجهة نظرهم، وهذا لم يحدث". وأشار إلى أن التعديل جرى "بشكل سريع، ولم يعط الوقت الكافي لدراسة التعديلات ومقاصدها، وقد تسلمها الأعضاء صبيحة مناقشتها مما لم يمكن الجميع من دراسته الدراسة الواجبة كما صودر حقنا في إبداء آرائنا داخل الجلسة". قبل أن يستدرك: "التعديلات جاءت في معظمها مستجيبة لما وضعناه من ملاحظات ولابد أن نشيد بهذه الاستجابة"، من دون توضيح تلك التعديلات. غير أن البيان عاد وقال إن المواد، التي تمس روح وفلسفة القانون (لم يحددها)، التي نراها تقيد عمل المجتمع الأهلي "ظلت كما هي". وحذر البيان من أن القانون بتلك الصيغة "يصادر على مئات الآلاف من المشتغلين في العمل الأهلي ويضعهم في دائرة المشتبهين دائماً". وأقر مجلس النواب المصري بأغلبية كبيرة، مساء أمس الثلاثاء، بشكل نهائي قانون "الجمعيات الاهلية" الذي ينظّم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بعد إجراء تعديلات على مواد، أثارت انتقادات محلية ودولية. وجاءت أبرز التعديلات، التي استجاب لها البرلمان منح الجهة التنفيذية (وزارة التضامن) مدة سنة لتوفيق أوضاع الجمعيات بعد القانون الجديد، مع إعطاء الوزير سلطة تحديد مبلغ إشهار الجمعيات بحد لا يزيد على 10 آلاف جنيه (555 دولار)، بحسب التلفزيون الحكومي. وواجه مشروع القانون، المكون من 89 مادة، انتقادات حقوقية واسعة، محلية وأجنبية، نظرًا لاحتواء نصوصه على تشريعات اعتبرها حقوقيون "خطوة جديدة في تحجيم عمل منظمات المجتمع المدني" في مصر.. وينص مشروع القانون المبدئي على عقوبة الحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات، إضافة إلى غرامة تصل إلى مليون جنيه (حوالي 57 ألف دولار)، لكل من عاون أو شارك منظمة أجنبية في ممارسة نشاط أهلي في مصر دون الحصول على تصريح. ويلزم القانون جميع المؤسسات التي تمارس العمل الأهلي تعديل أنظمتها وفقًا لأحكامه، وذلك خلال 6 أشهر من تاريخ العمل به وإلَّا قضي بحلها. كما يمنع القانون المنظمات غير الحكومية من القيام بعمل ميداني أو إجراء استطلاعات للرأي من دون تصريح، ويحظر كذلك التعاون بأي شكل من الأشكال مع أي هيئة دولية دون الحصول على الموافقات الأمنية والحكومية اللازمة. والأربعاء الماضي، طالب ماينا كياي، مقرر الأممالمتحدة المعني ب"الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الأحزاب"، الحكومة المصرية برفض مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي وصفه بأنه "يحد من قدرة المجتمع المدني على العمل". وأمس الأول الإثنين، قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، في تقرير نشر على موقع المنظمة، إنه "يجب على البرلمان التدقيق وعدم المراوغة من خلال التسرع في إقرار القانون". وتتعرض مصر لانتقادات من جهات محلية ودولية بسبب الوضع الحقوقي بها، وهو ما اعتادت أن تنفيه السلطات المصرية، مؤكدة أنها "تدعم حرية التعبير عن الرأي، والمؤسسات الحقوقية واستقلال القضاء".