وجهت محكمة القضاء الإداري صفعة قوية إلى أجهزة الدولة واتهمتها بمخالفة الدستور والقانون وعدم تنفيذ الأحكام القضائية ، محذرة من أن تجاهل تنفيذ أحكام القضاء من شأنه زعزعه أسس الدولة القانونية ، وأن الجهة الإدارية للأسف عزفت عن تنفيذ أحكام القضاء علوا أو استكبارا في تحدي صارخ لمبدأ سيادة القانون والأحكام القضائية. وأكدت المحكمة في حيثيات الحكم الذي أصدرته ببطلان الانتخابات البرلمانية في دائرة بسيون بمحافظة الغربية ، أن الانتخابات قد شابها البطلان بعد إصرار جهة الإدارة بالتقاعس عن تنفيذ الحكم القضائي النهائي القاضي باستبعاد مرشح الحزب الوطني أحمد نبيل من قوائم الترشيح لفقده أحد شروط العضوية المنصوص عليها في القانون 38 لسنة 1972. وانتقدت المحكمة موقف الجهة الإدارية في عدم تنفيذ الأحكام القضائية والأخذ بسياسة الأمر الواقع بالمخالفة للدستور والقانون ، مشيرة إلى أن نص المادة 172 من الدستور قد أكدت أن قضاء مجلس الدولة هو قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية باسطا ولايته دون غيره على مختلف أشكالها وتعدد صورها. وأشارت المحكمة إلى أنه إذا كان نص المادة 93 من الدستور تخص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه بعد تحقيق تجريه محكمة النقض إلا أن هذا الاختصاص لا يستنزف اختصاص مجلس الدولة الأصيل باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المتعلقة بالإجراءات السابقة على العملية الانتخابية. وأكدت المحكمة أن صدور أي أحكام من محكمة القضاء الإداري باستبعاد أي مرشح من قوائم المرشحين لفقد أحد الشروط الواجب توافرها لعضوية مجلس الشعب ، دون تنفيذها من الجهة الإدارية ، لا يكسب المرشح في حالة خوضه الانتخابات وإعلان فوزه أي مركز قانوني يمكن الاعتداد به ، دون النظر لما يقال عن إدارة الناخبين ، لأنها وردت على محل معدوم وغير صالح للاقتراع وأن المرشح يخرج عن نطاق المادة 93 من الدستور ، والتي تعطي الحق لمجلس الشعب في الفصل في حجم أعضائه. وأكدت حيثيات الحكم أن الأحكام الصادرة من القضاء الإداري باستبعاد أي مرشح من قوائم الترشيح ولم تنفذ من الجهة الإدارية من شأنها عدم إكساب المرشح لعضوية مجلس الشعب ، أما المنازعات التي يترك فيها الفصل لمجلس الشعب بعد تحقيق تجريه محكمة النقض ، فهي التي يندرج مضمونها حول ما شاب العملية الانتخابية من أخطاء سواء في مرحلة التصويت أو الفرز ورصد الأصوات أو وجود أسماء المسافرين أو الموتى في كشوف الناخبين . وأشارت المحكمة إلى أنه لا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو شئون العدالة وأن القول بغير ذلك مؤداه الاعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات الذي لا يحق بمقتضاه افتئات السلطة التشريعية على اختصاص ثابت يقينا للقضاء الإداري. وجاء هذا الحكم في إطار الطعن التي أقامه المرشح عبد المجيد بسيوني محمد عسل ضد كلا من وزيري العدل والداخلية ورئيس اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات بمحافظة الغربية ومدير أمن الغربية ومرشح الحزب الوطني نبيل أحمد فسيخ ، والذي أكد فيه حصوله على عدة أحكام باستبعاد مرشح الحزب الوطني من الانتخابات وتنفيذ الحكم دون إعلان إلا أن الجهة الإدارية رفضت تنفيذ الأحكام . ومن ناحية أخرى ، أهابت محكمة القضاء الإدارية بالمنصورة الدائرة الأولى بالمشرع بالتدخل الفوري لإجراء تعديل تشريعي يحول دون إعمال الأثر الواقف لإشكالات التنفيذ المنصوص عليها في المادة 312 من قانون المرافعات بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة حفاظا على قدسية وحجية هذه المحاكم وبما يتفق وأحكام الدستورية العليا وأحكام المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن واللتان أكدتا أن الإشكالات المقامة أمام القضاء المدني ضد الأحكام الصادرة من قضاء مجلس الدولة هي والعدم سواء بسواء ولا ينتج عنها أي أثر. وأكدت المحكمة أن عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري من الجهة الإدارية يترتب عنه بطلان عضوية بعض أعضاء مجلس الشعب ممن أسفرت النتائج النهائية عن فوزهم بالمخالفة للدستور والقانون وبطلان تشكيل مجلس الشعب وما يترتب عن ذلك من إحاطة المجلس النيابي بالشكوك في شرعيته وما يصدر عنه من أعمال.