"لا ولن أسمح بتعذيب أي مواطن في السجون".. كلمات صرح بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأثارت جدلاً واسعا خاصة مع معارضتها لتقارير المراكز الحقوقية حول التعذيب في السجون. وأضاف "السيسي" خلال حواره مع التليفزيون البرتغالي، مؤخرًا أن سجن العقرب مشدد، ولكن هذا لا يعني أنه يتم السماح فيه بتعذيب المسجونين. وتابع أنه لا يتم القبض على المسجونين بشكل اعتقال ولكن يتم التعامل معهم بإجراءات قانونية وخاصة كل من استخدم العنف ضد الدولة. تصريحات الرئيس فتحت المجال للحديث عن حالات ووقائع التعذيب التي حدثت داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية في الآونة الأخيرة وخاصة عقب أحداث 30 يونيو 2013. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب رصد 915 حالة تعذيب وسوء معاملة، بينها 116 واقعة تعذيب جماعي، إلى جانب 597 حالة إهمال طبي في أماكن الاحتجاز وحدها، وذلك من 8 يونيو 2014 حتى 7 يونيو 2016. ووثق المركز 104 حالات تعذيب وسوء معاملة في أماكن الاحتجاز، بالإضافة إلى 50 حالة إهمال طبي خلال شهر يونيو 2016. وأشار "النديم" في تقرير له إلى تصدر سجن العقرب مشهد التعذيب، ب 5 حالات تعذيب جماعي، و41 حالة تعذيب فردي، فضلًا عن 52 حالة حرمان لمحتجزين من الرعاية الطبية. وفي تقرير المركز نفسه عن عام 2015، كشف "النديم" عن 137 حالة وفاة داخل مناطق الاحتجاز، من بينهم 81 حالة إهمال طبي، و39 حالة تعذيب، و5 انتحار. وتصدر قسم المطرية أعداد الوفاة ب7 حالات جراء التعذيب، بينما توفي داخل سجن الوادي الجديد 9 حالات من الإهمال الطبي، و5 بسجن العقرب. أما عن حالات التعذيب، أكد "النديم" وقوع 700 حالة تعذيب، توفي بينهم 39 أثناء التعرض للتعذيب، فيما كان من بينهم 640 حالة فردية، و36 حالة تعذيب جماعي و24 حالة تكدير جماعي. وأوضح التقرير وجود 267 حالة تعذيب بأقسام الشرطة، و241 في السجون، و97 داخل مقار الأمن الوطني، و26 في معسكرات الأمن المركزي. فيما كانت أكثر حالات التكدير الجماعي داخل سجن العقرب ب5 حالات، و41 حالة تعذيب فردي، بينما وقع في سجن برج العرب 5 حالات تعذيب جماعي. وأكد التقرير حدوث 88 حالة تعذيب داخل السجون والمعتقلات ومقار أمن الدولة في شهر فبراير الماضي فقط، منها 51 حالة تعذيب جماعي، أغلبها في سجون العقرب وبرج العرب، والحضرة، والوادي الجديد. وأشار إلى 13 حالة تكدير جماعي أغلبها في سجون العقرب، والأبعدية، وأسيوط، ومركز بلبيس، ومركز شرطة حوش عيسى. وأبرز المواطنين الذين ثبت تعذيبهم بحسب تقرير المركز، محمد البلتاجي، محمد أشرف، محمد محروس، مصطفى عبد الرءوف، مؤمن عبد العظيم، هشام محمد، كريم شلتوت، مازن حمزة، عبد الناصر أبو الريش، صالح جمعة، سارة عبد المنعم، سمير محمد، إبراهيم شلتوت وكريم شلتوت. بالإضافة إلى 44 حالة إهمال طبي داخل السجون، أبرزهم الصحفيان يوسف شعبان ومحمود شوكان، و9 حالات مصابين بالسرطان، فضلا عن وائل جودة، يوسف شعبان، عاشور الحلواني، إبراهيم محمد، أبو بكر احمد، محمود سالم ، محمد حسب الله، وائل الغنيمي، نعيم عوض وغيرهم. وكشف "النديم" عن تقرير من داخل سجن شبين الكوم يحمل عنوان "أنقذوا معتقلي سجن شبين الكوم العمومي"، يعرض التعذيب المستمر للمعتقلين بالضرب والصعق بالكهرباء ، الاستيلاء على الأموال التي يضعها الأهالي في البوفيه لصالح المعتقلين فيستولى عليها إدارة السجن. وأشار التقرير إلى نقل بعض المعتقلين إلى زنازين ليس بها دورة مياه، قيام إدارة السجن وبعض الضباط بتجريد المعتقلين من ملابسهم ومصادرة المتعلقات الخاصة بهم، قيام الضباط باقتياد المساجين وعمل عرض يومي لهم والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وإجبارهم على الركوع للضابط ، الذي يدوس على رقابهم بحذائه وسط الإهانات والشتائم التي لا حدود لها. ولفت إلى التضييق عليهم وعلى ذويهم في الزيارات وأثناء التفتيش كما تقوم إحدى العاملات القائمات بالتفتيش بالتحرش بالنساء أثناء تفتيشهن ومن تعترض تقول لها “هو ده النظام واللي مش عاجبه يمضي”. وفي ذات السياق، رصد المرصد المصري للحقوق والحريات، أكثر من 270 واقعة تعذيب شهدتها أماكن الاحتجاز منذ منتصف 2013 وحتى أواخر 2014. وأشار المرصد، في تقرير له، إلى أن 212 مسجونًا توفوا في المعتقلات والسجون من بعد 30 يونيو 2013، نتيجة ظروف مختلفة، منها التعذيب والاختناق، مؤكدا أن أقسام الشرطة شهدت وفاة عشرات المحبوسين احتياطيًا، جراء الاختناق بسبب التزاحم والتعذيب. وأعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان عن تلقيه 296 شكوى خلال 2015، مرتبطة بانتهاكات يتم ارتكابها في السجون ومراكز الاحتجاز الأخرى، وأبرزها التعذيب والمعاملة القاسية. فيما أكد المركز العربي الأفريقي للحريات وحقوق الإنسان، في تقرير له، تضاعف أعداد حالات الوفاة داخل السجون ومقار الاحتجاز الشرطية في مصر خلال شهر أغسطس الماضي. ووثق المركز 42 حالة وفاة تتنوع بين 31 سجينًا توفوا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، وشخص واحد قتل أثناء اعتقاله، وثلاثة أشخاص تعرضوا للوفاة نتيجة تعذيبهم حتى الموت. وأشار التقرير إلى تصفية معتقل برصاص حي في الصدر داخل مقر الاحتجاز، وكذلك تصفية 7 أشخاص خارج مقرات الاحتجاز بعد اعتقالهم مباشرة. وفي ذات الصدد، أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، تقريرًا رصدت فيه 491 حالة وفاة في السجون المصرية منذ عام 2013. وبدورها، أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا أن الأمن المصري ينتهج سياسة التعذيب والقمع مستغلا تفشي مناخ الإفلات من العقاب الذي توفره له السلطة السياسية بمشاركة النيابة العامة والقضاء بمباركة من النظام، حسب قولها. وأشارت المنظمة إلى تلقيها شكوى من أسرة المحتجز المصري مصطفى عثمان ، والذي تم اعتقاله في 24 من سبتمبر الماضي، وصفت فيه معاناته داخل مقر احتجازه بمركز شرطة "تلا" بالمنوفية نتيجة تعرضه للتعذيب وسوء أوضاع الاحتجاز. وأشارت إلى أن "مصطفى" في وضع سيئ، خاصة أنه يعاني من بتر في ساقه ولا يستطيع التحرك إلا بعكاز أو بساق صناعية، موضحا أنه بائع متجول يعول زوجته وأبناءه وألقي القبض عليه أكثر من أربع مرات لعدم امتلاك رخصة للعمل كبائع متجول. وأكدت المنظمة، أنها راسلت وزارة الداخلية ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية بشأن حالة "مصطفى" إلا أنها لم تتلق ردًا.