خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي المنتخب المثير للجدل دونالد ترامب قدم الأخير إشارات عديدة على عدم اهتمامه بالعالم العربي واقتصار حديثه عن دول المنطقة عن الكويت والسعودية المطالبين بدفع مئات المليارات من الدولارات نظير قيام واشنطن بتوفير الحماية لهما مكتفيا ببعض الإشارات المقتضبة عن اهتمامه بعلاقات إيجابية مع بعض الدول العربية بشكل يصب فى صالح الجميع. وسيطر الغموض والارتباك على موقف ترامب من مجمل التطورات فى العالم العربى إلا أن مستشار ترامب وليد فارس كشف عن توجه ترامب لتدشين تحالف موسع يضم دول الخليج وأمريكا بالإضافة إلى مصر يستعيد نهج الشراكة التي شهدتها علاقات واشنطن خلال عهد جورج بوش الأب والابن وينهى إستراتيجية التجاهل التي تعامل بها أوباما مع المنطقة خلال السنوات الثماني الماضية. وحدد فارس وظائف وأهداف هذا التحالف فى مواجهة الإرهاب، ودحر داعش ووضع حد للحرب الأهلية فى المنطقة، وحماية الخليج من خطرين، الأول الداعشى المتطرف، والثانى المتمثل بالتدخل الإيرانى فى شئون دول الخليج قائلاً: "العاقل يجب أن ينظر إلى ترامب على أنه منقذ للعالم العربى وليس فقط إلى الأمريكيين". وأكد "فارس" في تصريحات صحفية له أن "ترامب" سوف يعزز علاقات أمريكا بدول عربية، ودول الخليج العربى من خلال إنشاء تحالف عربى أمريكى على شاكلة حلف ناتو، قائلاً: "وبدلا من اجتماع العرب لتشكيل ناتو خاص بهم "ترامب" يقول لهم توحدوا أيها العرب المعتدلون لتساعدوننا ونساعدكم". وزاد فارس من الجدل فيما يتعلق بسبل تعامل إدارة ترامب الجديدة حين تحدث عن رفض ترامب التدخل العسكرى الاستخباراتى الإيرانى فى العراقوسورياولبنان، بالإضافة إلى رفضه وجود الحرس الثورى الإيرانى فى طول وعرض المنطقة، وكذلك التيارات الجهادية، مؤكدًا أن شعوب الشرق الأوسط تريد من أمريكا رئيسًا يساعد على إرساء الأمن والاستقرار فى المنطقة. قد أشاعت تصريحات فارس وهو أحد عرابى الحرب الأهلية فى لبنان "1975-1989"حال من التفاؤل الحذر وقدمت إشارات بحسب مراقبين على وجود توجهات جديدة لإدارة ترامب القادمة لإعادة الدفء فى علاقاتها مع دول الخليج الذى عانت سياسة التخلى من قبل إدارة أوباما التى أبرمت اتفاقا نوويا مع طهران تحولت معه الأخيرة إلى شرطى المنطقة بشكل أثار غضب الأغلبية الجمهورية ضد الكونجرس بغرفتيه. وتفتح هذه التصريحات حول تدشين التحالف بين واشنطن ودول الخليج مصر الباب واسعا أمام تساؤلات حول أهداف هذا التحالف ومدى إمكانية نجاح فى تحقيق أهدافها فى الغموض والجدل المصاحب لترامب ووجود خلافات بين عدد من دول الخليج فضلا عن إمكانية وجود توافق بين ترامب الدول العربية حول مصادر التهديد المتمثلة فى داعش وجماعات الإسلام السياسى والتمدد الإيرانى ويرى الخبير فى العلاقات الدولية، الدكتور سعيد اللاوندى أن هذا التحالف يدخل فى إطار إقامة سياسة خارجية أمريكية مغايرة لما كان يحدث سابقا، خاصة مع اختلاف سياسة "ترامب" الخارجية مع سياسة باراك أوباما فيما يخص العلاقات مع إيران ودول الخليج. وفى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أوضح "اللاوندي" أن التحالف ليس معناه التعاون الكامل بين أمريكا ودول الخليج ومصر ، خاصة وان الرئيس الأمريكى الجديد لديه ملاحظات على التحالف الخليجى الأمريكى ومع هذا فهدف التحالف الإستراتيجى سيدور حول مساعدة هذه الدول على مواجهة إيرانوروسيا رغم وجود دولة كمصر ترتبط بعلاقات وثيقة مع كل من موسكووطهران بشكل يثير التساؤلات حول جدوى هذا التحالف . وأشار إلى أن الرئيس الأمريكى السابق كان يرفض التلاقى مع مصر فى القضايا الشرق أوسطية ،ولكن "ترامب" يريد ان يتعاون مع النظام المصرى لضرب داعش فى سوريا وليس لإسقاط الرئيس السورى الحالى بشار الأسد. وأكد أن مصر قد ترفض أن تكون عضوا فى هذا التحالف حتى لا تخلق أعداء جدد لها ، خاصة وان علاقاتها بدول مع إيران بدأت فى التحسن ، فضلا عن علاقاتها القوية بالنظام الروسى الحالي،خاصة وان حدود هذا التحالف لم يتم إعلانها حتى الآن. واستطرد أن التحالف المزعوم طوبة فى صرح السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة لمحاربة المصالح الإيرانية فى المنطقة. ومن جانبه ، قال السفير رخا احمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق لشئون الأمريكتين أن أمريكا لا تستهدف تشكيل تحالف بالمعنى الكامل المعروف وإنما تسعى إلى أن يكون هناك تنسيق بين هذه الدول لمساهمة أمريكا بشكل فعلى فى مكافحة الإرهاب ، وخاصة تنظيم "داعش" الإرهابي. وأضاف "رخا" فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن "ترامب" دائما ما يتهم الإدارة الديمقراطية الأمريكية المتمثلة فى الرئيس الأمريكى السابق والمرشحة السابقة للانتخابات الأمريكية ، هيلارى كلينتون بإنشاء تنظيم "داعش". وأشار إلى عدم ممانعة الرئيس الأمريكى الجديد للتعامل مع الرئيس السورى فى القضاء على "داعش"، مؤكدًا أن هناك تفاوت فى وجهات النظر بين مصر وأمريكا فى عدد من القضايا رغم تعاونهم على المستوى العسكرى والمعلوماتي. ورجح حدوث خلاف بين مصر ودول الخليج وأمريكا على القضية الفلسطينية مستقبلا ، بسبب موقف "ترامب" منها والذى طلب مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلى "بنيامين نتنياهو" متعهدا بحل المشكلة الفلسطينية فى أشهر . وكان ترامب أطلق تصريحات خلال حملته الانتخابية تؤكد انحيازه إلى جانب إسرائيل، مثل التعهد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، كما اعتبر أن المستوطنات لا تشكل عائقا أمام السلام بين الجانبين. وتابع:" هناك الكثير من القيم المشتركة بين أميركا وإسرائيل مثل حرية التعبير وحرية العبادة وأهمية خلق فرص لكل المواطنين من أجل تحقيق أحلامهم". وأكد أن "ترامب" يسعى لإعادة الثقة بين أمريكا ودول الخليج لمساعدته فى حربه ومنافسته مع روسيا ، فى إطار الحوار وليس المواجهة مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكى الجديد لا يريد ان يخسر مصر ودول الخليج لصالح روسيا. وعن أن الأزمات بين دول الخليج قد تحول تشكيل ذلك التحالف ، أكد "رخا" أن هناك العديد من الأزمات بين دول الخليج ومصر يمكن حلها مشيرا إلى أن اختلاف وجهات النظر بين الدول العربية شئ ومع أمريكا شئ أخر. واستطرد أن هذا التحالف قد ينجح وقد لا ينجح حسب الرؤية التى سيتم طرحها ، وهل سيتم طرح رؤية متفقة مع الرؤية المصرية والخليجية ام لا ، مشيرا إلى أن التنسيق سيكون بين دول الخليج وأمريكا وليس دول الخليج وبعضها البعض. وطالب "رخا" الدول العربية والخليج بأن تكون على قدر المسئولية فى تحجيم الخلافات بينهما حتى تستطيع مواجهة التحديات سواء فى عهد "ترامب" أو أى رئيس أمريكى أخر حتى لا يتحكم بها مؤكدًا أن الدول العربية تحارب وتدمر بعضها البعض.