رسخت تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الفائز بالانتخابات بعد جولة منافسة شرسة مع وزير خارجية اوباما هيلارى كلينتون، مفهومًا سلبيًا لدى متابعيه بالشرق الأوسط خاصة حول معتقداته ونهجه تجاه المنطقة ما استدعى فى ذاكرة العرب شخصيات غير مسئولة وأنه يعادى المنطقة العربية بعد سلسلة من التصريحات النارية التى اطلقها فترة الترويج لنفسه كرئيس. ويرى خبراء أن شخصية الرئيس الأمريكى والفريق الرئاسى المعاون له فى الإدارة تؤثر بشكل كبير فى السياسة الخارجية، خاصة فى تحديد الآليات المستخدمة تجاه الدول العربية مثل القوة العسكرية، والعقوبات والضغوط السياسية، وبين الآليات الناعمة، مثل المساعدات، والاحتواء، والحوار، والدبلوماسية. وبحسب قراءة فى مواقفه تجاه الشرق الأوسط التى جاءت صادمة وعلى رأسها منعه جميع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية وإغلاق المساجد، وتسجيل جميع المسلمين الموجودين أصلًا فى البلاد فى قاعدة بيانات تديرها الحكومة، ومراقبة أحياء المسلمين، وصرح بأنه سيمنع اللاجئين السوريين من دخول الولاياتالمتحدة. وهو ما أثار جدلا شديدا داخل الولاياتالمتحدة وخارجها. كما تنقسم منطقة الشرق الأوسط لديه إلى عدة أجزاء منها العلاقات مع ايران والاتفاق النووى، والتى يرى إنه سيسعى إلى صفقة برنامج نووى أفضل كما سيوقف البرنامج النووى الإيرانى بأى وسيلة ، كما كانت له تصريحات بزيادة العقوبات الاقتصادية على ايران بشكل أشد مما كانت تشهده العلاقات قبل التقارب بينهما. أما بشأن إسرائيل وعملية السلام فمن المعروف عن أن ترامب أكد دعمه وتحالفه الوثيق معها، وشاب موقفه من الفلسطينيين بعض الغموض الذين دعاهم إلى ترك اراضيهم للدولة الإسرائيلية متعهدا بمنحهم جزيرة بروتوريكو الأمريكية التى سيدعمها بالاعمال والمال بشرط ترك مساجدهم التى وصفها حينها ب«اللعينة» ودعاهم للتوقف عن قتل الإسرائيليين وهو ما اعتبره محللون بالموقف غير المفهوم. أما عن داعش فيرى ترامب ضرورة القضاء عليها إما بمحاربتها عن طرق روسيا بعيدا عن الصراع الامريكى معها ومن ثم يتعامل مع بقاياها بعد هزيمتها ويقوم بقتل اسرهم لوقف حد التجنيد، كما هناك تخوفات من استمرار سياسية الولاياتالمتحدة تجاه العراق التى تعتمد على الاستياء على عائدات النفط، ويؤيد ترامب قصف حقول النفط العراقية لقطع ايرادات تنظيم داعش أيضا. كما يرى محللون أن هناك توترًا سيحدث بين الولاياتالأمريكية تحت قيادة ترامب والسعودية خاصة أنه يسعى إلى تحقيق المصالح فقط بعيدا عن العواطف والتعهدات حيث سيشهد بداية حكمه ارتباكات شديدة بين الطرفين تؤدى الى تغيير سلسلة من المعاهدات والتفاهمات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وبالأخص مسألة النفط وأسعاره، وهى اتفاقات وتفاهمات جرى إنجازها على مدى ال71 عاما الماضية بين الإدارات الأمريكية والأسرة السعودية الحاكمة وربما فى النهاية يتم تقارب بين الطرفين بعد مرحلة من الصراع. وأشار الخبراء إلى عدم اتخاذ تصريحات ترامب خلال سباقه الرئاسى على مجمل الجد لأنه بعد اطلاعه كرئيس فعلى لأمريكا على معلومات مخابراتية سيتغير مفهومه. كما أكدوا أن خطابه الرئاسى فيما بعد سيكون أكثر هدوءا بعد الفوز حيث اختلاف المرحلة التى يمر بها. وأوضح الخبراء أن مصر تأتى ضمن الدول الأكثر اهتمامًا لدى ترامب الذى أشار إليها فى حديثه السابق عن الإرهاب قائلا إنه سيحاربه كما يفعل الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو ما لا يدعو لإحداث أى تغييرات بالنسبة لمصر أيضا بل ستقوى العلاقات بالإضافة الى أن ترامب يرى أن مصر واحدة من ثلاث دول يمكن الاعتماد عليها فى الشرق الأوسط بجانب الأردن واسرائيل. ومن جانبه أكد الدكتور محمد حسين الباحث فى العلاقات الخارجية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن سياسة امريكا بالشرق الاوسط لن تتغير وسيكون أكثر ميلا للتشدد مع دول المنطقة بحسب ترويج مصالحها الخاصة، موضحا أن السبب فى ذلك ان امريكا دولة مؤسسات لا أفراد وترامب مخطوف من اللوبى الصهيونى، وتحركه اسرائيل، وسيعمل جاهدا على تلبية رغباتها فى المنطقة. وأضاف حسين أن طريقة العمل فقط هى التى تختلف فهو لن يختلف عن اوباما وما تمليه عليه مصلحة الفريق الرئاسى المكون حوله سيفعله، مشيرا الى تغييره للغته الحادة مع الجميع بعد فوزه، قائلا «احسن ما قيل عنه انه سيدير السياسة الخارجية بالصفقات والمصالح فقط لا التوازنات» وتوقع حسين اصطدام ترامب مع السعودية. كما أضاف الدكتور سعيد اللاوندى الخبير فى الشئون الخارجية أن هناك ثمة تغييرات سيتحدث حيث اختلاف فكر حزب ترامب عن حزب اوباما الديمقراطى، وأشار إلى أنه على غير المعتقد السائد أن ترامب سيتسبب فى احراق الشرق الأوسط، سنجد أن اوباما هو من فعل ذلك من خلال استخدامه المنطقة كسوق للسلاح ونشره من خلال داعش وإلهاب سوريا بالحروب، موشحا أن اختيار ترامب منطقى وايجابى بخلاف هيلارى كلينتون التى تعتبر امتدادًا للعهد الحالى بالولاياتالامريكية. وقال اللاوندى إن الامور مختلفة الآن فالسياسة الخارجية مغايرة تماما كما ابدى ترامب استعداده للتعامل مع بوتين ومصر أيضا معلنا إنه سيكون مكافحا للارهاب وسيسعى لحل الازمة السورية.