رغم الانتقادات الواسعة في وسائل الإعلام الغربية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب, إلا أن صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية, خرجت بموقف مفاجئ ومختلف امتدحت فيه ترامب وعبرت عن تفاؤلها بسياساته. وقالت الصحيفة، في مقال لها في 12 نوفمبر, إن الانتقادات التي وجهها كثيرون إلى ترامب نظرت إليه كأي سياسي أيديولوجي آخر, ولم تركز على حقيقة أنه "مستثمر براجماتي" يفهم الحوافز الاقتصادية, أفضل من أي رئيس دولة في التاريخ الحديث. وتابعت: "ترامب نوع مختلف من القادة, لا تتحكم فيه الأيديولوجيات, ولا يفكر كالسياسيين، ولا يتحدث أو ينافق في الأخلاق, مثل الجميع, الأمر الذي جعله هدفا سهلا للشيطنة, لكنه شخص عطوف يعرف جيدا آلام الطبقة الوسطى في أمريكا، والأكثر أهمية أنه ليس بمتعصب لمواقف سياسية محددة", حسب ادعائها. واستطردت الصحيفة: "ترامب سيعالج المشاكل الرئيسة, التي تواجه الاقتصاد الأمريكي, وهي الضرائب الضارة، والصفقات التجارية غير العادلة, والضوابط المبالغ فيها". وأضافت الصحيفة: "الاقتصاد الأمريكي عاني بشدة, وتضخمت المديونية العامة، خلال الأعوام ال16 الماضية بسبب فشل الأيديولوجيين في الحزبين الرئيسيين بأمريكا, الذين يفكرون وفقا للواقع الموجود, أما رجال الأعمال مثل ترامب فيفكرون وفق ما سيكون, وسينجح في الخروج من أزمة الديون الخانقة وتحقيق ازدهار اقتصادي بنسب عالية". وكانت مجلة "الإيكونومست" البريطانية, قالت إن ما سمته الأسلوب القبيح, الذي اعتمد عليه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض, أدى إلى انقسام غير مسبوق في المجتمع الأمريكي. وأضافت المجلة في مقال لها في 10 نوفمبر, أن ترامب تعمد وصف خصومه بأنهم حقيرون, وغير منطقيين, أو غير مؤهلين, أو حتي غير أمريكيين، أو حسب عبارته المفضلة "مثيرون للاشمئزاز"، وهو ما جعل الأمريكيين يكرهون بعضهم بعضا. وتابعت: "هذا الكره ظهر واضحا أمام مراكز الاقتراع، حيث أصبح الأمريكيون متسرعين في نبذ الذين يختلفون معهم, ووصفهم بأنهم غير منطقيين, أو سفلة, وهذا لم يحدث أبدا في أي من الانتخابات السابقة". وخلصت المجلة إلى القول :" إن الأسلوب القبيح القائم على الشعبوية والاستقطاب وعبارات هم ونحن, أوصل ترامب للبيت الأبيض, إلا أنه أوجد في الوقت ذاته أمة منقسمة, وهو ما من شأنه أن يشكل عقبة كبيرة أمام الرئيس الأمريكي المنتخب". وفي تعليقه على فوز ترامب, قال موقع "شبيجل أولاين" الألماني أيضا, إن أمريكا فضلت "قلة الحياء والكذب", على العقلانية والنزاهة, حسب تعبيره. وأضاف الموقع في 9 نوفمبر, أن الرغبة في التغيير وعمق الكراهية إزاء النخبة السياسية في البلاد, دفعت الأمريكيين إلى تفضيل شخص عنصري يتوقع منه أي شيء, على امرأة تمثل النخبة السياسية. وتابع " الأمريكيون انتخبوا عنصريا يزرع الكراهية ويحرض على العنف, ليحكم أكبر دولة في العالم, وهو ما سيجلب كوارث لا حصر لها على الولاياتالمتحدة والدول الأخرى". وكان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى عدم التعويل على أمريكا بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا لها، خصوصا في مجالي السياسة الخارجية والأمن. ونقلت وسائل الإعلام الألمانية عن شتاينماير, قوله في 9 نوفمبر, تعليقا على فوز ترامب: "إن من المهم لبرلين والاتحاد الأوروبي أخذ زمام المبادرة الذاتية في قضايا السياسة الخارجية والأمن". وأضاف أن الأوروبيين أصبحوا أمام خيارين بعد انتخاب ترامب، "إما تبين موضع أقدامهم وعدم الوقوف مذعورين كالفأر أمام الثعبان المتأهب لالتهامه، وإما تقبل ما سيأتيهم من إدارة واشنطن الجديدة". ولفت وزير الخارجية الألماني إلى عدم تواصل أي من مستشاري الرئيس الأمريكي الجديد مع أوروبا طوال حملته الانتخابية، معتبرا ذلك "مخالفا للمتعارف أمريكيا من تقديم ممثلين للمرشحين الرئاسيين الأمريكيين قبل الانتخابات خطوطا عريضة لسياستهما الخارجية إلى الحلفاء الأوروبيين". وقال شتاينماير إن الخبراء المخضرمين في السياسة الخارجية الأمريكية، مثل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، أكدوا له عدم معرفتهم بخطط دونالد ترامب. وحذر وزير الخارجية الألماني من تزايد حجم الاضطرابات الدولية بسبب انتخاب ترامب، ودعا الأوروبيين لتوقع مضي واشنطن في طريق خاص بها في مجال السياسة الخارجية. وحسب "الجزيرة", عكست كلمات شتاينماير استياء رسميا من دعوة ترامب لألمانيا أن تدفع مقابل "ضمان الجيش الأمريكي أمنها منذ عقود، وعدم إمكانية استمرار هذه الحماية بالمجان"، وكذلك من قول ترامب "إن ألمانيا مدينة للأمريكيين بالكثير، لكنها لا تتفق معهم في كل شيء, لأن لها ثقافتها السياسية الخاصة". ولم يخفِ معظم السياسيين الألمان استياءهم من انتخاب ترامب، وقال الرئيس الألماني يواخيم غاوك :"تقلقنا عدم القدرة على توقع ما سيفعله الرئيس الأمريكي الجديد". ومن جانبها, عرضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ترامب "التعاون وفق احترام الديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان، بغض النظر عن دينه وأصله ولونه و نوعه أو توجهه السياسي". ولفت مراقبون إلى أن ميركل لا يمكنها أن تنسى وصف ترامب لسياستها تجاه اللجوء ب"الكارثية"، وقوله عنها إنها "رئيسة حكومة خارجة عن السيطرة وفتحت أبواب بلادها للإرهابيين". وأظهرت نتائج استطلاع للرأي العام الألماني رفض أكثرية الألمان وصول ترامب -وهو من أصول ألمانية- إلى سدة البيت الأبيض, وتوقع ثلثا المستطلعة آراؤهم في الاستفتاء الذي أجرته القناة الأولى في التليفزيون الألماني، تردي العلاقة مع الولاياتالمتحدة في ظل رئاسة ترامب.