يسير هذا العام على خطى عامي 2014 و2015، في طريقه إلى أن يصبح أدفأ عام مسجَّل على الإطلاق. ونحتاج على الأرجح إلى الاعتياد على هذه الحرارة الشديدة. إذا استمرَّت انبعاثات الكربون في الازدياد بمعدَّلها الحالي، ستصير هذه الأعوام التي حقَّقت أرقاماً قياسية في الحرارة هي "المعتاد" بحلول عام 2025، كما أظهر بحث حديث، بحسب النسخة الأميركية من "هافينغتون بوست". حتى إن اتخذنا إجراءات للحدّ من الانبعاثات، فالضرر قد وقع بالفعل، كما حذَّرت الدراسة المنشورة يوم الجمعة الماضي في نشرة جميعة الأرصاد الأميركية. فقال الباحثون إنَّ الأنشطة البشرية قد تسببت بالفعل في أن يصير متوسط درجة الحرارة العالمية السنوية لعام 2015 هو المعتاد قبل عام 2040. وعرَّف الباحثون "الطقس المعتاد الجديد" بأنَّه النقطة التي تصير فيها نصف الأعوام التالية للسنة القياسية على الأقل أبرد، ونصفها الآخر أدفأ، وفقاً للدراسة. قالت الباحثة الرئيسة للدراسة صوفي لويس، الاختصاصية الأسترالية في علم المناخ "إذا استمررنا في إنتاج الانبعاثات كالمعتاد، ستصير المواسم المتطرِّفة حتماً هي المعتاد خلال عقود". يعني ذلك أنَّ صيف 2013 الحار القياسي في أستراليا قد يصير مجرد صيف عادي بحلول عام 2035 -وكان صيف 2013 هو الذي شهدنا فيه درجات حرارة تقترب من 122 درجة فهرنهايت (50 درجة مئوية) في أجزاءٍ من أستراليا، وحرائق غابات تشتعل في الجبال الزرقاء في أكتوبر/تشرين الأول، وآثار كبيرة على صحتنا وبنيتنا التحتية، وكان صيفاً حاراً جداً لدرجة أنَّه عُرِف ب (الصيف الغاضب)-". "إجراءات قوية وفورية" رغم المستقبل المرتقب المخيف، إلَّا أنَّ الباحثين يؤكِّدون لنا أنَّ الأمل لم يُفقَد تماماً. قال العلماء إنَّ الارتفاع المستقبلي في المعدّل السنوي لدرجات الحرارة العالمية "ثابتٌ"، ولكن لا يزال بإمكاننا منع الحرارة المحطِّمة للأرقام القياسية على مستوى موسمي وإقليمي. سيستغرق هذا فقط "إجراءات قوية وفورية بخصوص انبعاثات الكربون" على نطاق عالمي. في الأسبوع الماضي، كشف تقرير منبِّه للأمم المتحدة عن أنَّ التخفيضات المقترَحة للانبعاثات في اتفاقية باريس للمناخ لن تكون حتى شبه كافية لتلافي أسوأ آثار التغيُّر المناخي. للإبقاء على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بأقل من درجتين مئويتين -وهو المستوى الذي يقول العلماء إنَّ على العالم أن يظلّ تحته كي نتجنّب أسوأ آثار التغيُّر المناخي-، ينبغي خفض الانبعاثات بنسبة 25% أكثر من تعهُّدات اتفاقية باريس الحالية بحلول عام 2030، كما ذكر برنامج الأممالمتحدة للبيئة. قالت صوفي، الباحثة الرئيسة للدراسة "إذا تصرَّفنا بسرعةٍ للتقليل من الغازات الدفيئة، ربما لا تتحول التطرُّفات الموسمية إلى حالةٍ معتادة جديدة في القرن الحادي والعشرين على مستويات إقليمية في صيف نصف الكرة الجنوبي وشتاء نصف الكرة الشمالي. ولكن إذا لم نتصرَّف بسرعةٍ، فسرعان ما سيُعَد صيف أستراليا "الغاضب" لعام 2013 صيفاً معتدلاً. تصوَّروا للحظةٍ أنَّ صيفاً مثل صيف 2013 صار عادياً. ستكون الآثار المحتملة لعامٍ حارٍّ لأقصى درجة في 2035 أكثر من أي شيء مرَّ به مجتمعنا على الإطلاق". بترامب أو بدونه عبَّر الكثيرون عن مخاوف شديدة بشأن مستقبل الكوكب منذ فوز الرئيس المنتخَب دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية يوم الثلاثاء الماضي. فقد أطلق على التغيُّر المناخي "خدعة" وتعهَّد ب "إلغاء" اتفاق باريس. ولكنَّ زعماء العالم ونشطاء المناخ قد أكَّدوا التزامهم المستمر تجاه محاربة التغيُّر المناخي، مهما قرَّرت أميركا تحت قيادة ترامب فعله. في محادثات الأممالمتحدة للمناخ في المغرب الأسبوع الحالي، قالت الدول المشاركة إنَّها مستعدة للتقدُّم فيما يخص الالتزامات المتعهَّد بها في اتفاقية باريس حتى دون الولاياتالمتحدة. قال آلدن ميير، أحد أعضاء اتحاد العلماء القلقين، لشبكة BBC من المغرب "من الواضح أنَّ ترامب سيصير أحد أكثر الأشخاص نفوذاً في العالم. ولكن حتى هو لا يملك القوة الكافية لتعديل قوانين الفيزياء وتغييرها، ولوقف آثار التغيُّر المناخي، ولوقف مستويات البحر الآخذة في الارتفاع".