ملخص ما شغل الرأى العام خلال آخر شهرين: النائب (زياد العليمى) وقضية سب المشير، هل يجوز أن يحتفل الإخوان بذكرى الثورة؟ قضية تمويل المنظمات الأهلية والسماح بسفر المتهمين، النائب (أنور البلكيمى) وجراحة التجميل. كانت هذه القضايا وشبيهاتها هى محط اهتمام الغالبية العظمى من المصريين خلال الفترة السابقة، ومن أجلها خاض الكثيرون منا العديد من المعارك للدفاع عن وجهة نظره، وإثبات صحة موقفه، شغلتنا القضايا الصغيرة، واستحوذت على التغطية الإعلامية الأكبر، وباتت حديث الجميع، وفى خضم ذلك نسينا معاركنا الكبرى، التى تستحق منا الاهتمام، وتستوجب أن تصبح لها الأولوية فى هذه المرحلة. القضية الأهم الآن هى بناء الدولة، وإعداد دستور مصر الجديد، أمامنا لحظة تاريخية، يعاد فيها صياغة مستقبل مصر، وعليه فيجب أن ننشغل جميعًا بالإجابة عن الأسئلة المهمة التى ستواجهنا عند صياغة الدستور: هل ستصبح بلادنا دولة برلمانية أم رئاسية؟ أليس من الأولوية فتح نقاش مجتمعى جاد حول دور مجلس الشورى فى المرحلة المقبلة؟ ما صلاحيات الرئيس والحكومة فى الدستور الجديد؟ وغيرها من الأسئلة المهمة التى سترسم ملامح المستقبل، ما أحوجنا أن تتضافر جهودنا تجاه قضايا التنمية والنهضة، فندرس بهدوء أفضل الأساليب لسد عجز موازنة الدولة، وتوفير موارد إضافية، للبدء فى إقامة مشاريع تنموية تساهم فى حل مشكلات مصر المزمنة. إن كانت المعارك الصغيرة قد استحوذت على الإعلام، فهذا أمر غير مستغرب، فهناك العديد من القطاعات لم تصلها الثورة بعد، ويأتى على رأسها قطاعا الإعلام والرياضة، أما أن نستدرج لنسيان أهدافنا الكبرى، والدخول فى دوامة المشاحنات اليومية، فهذا من أخطر التحديات التى تواجهنا، على العكس من ذلك.. فنحن فى حاجة شديدة إلى إبراز النجاحات الصغيرة، والتركيز عليها، وهنا لابد أن أذكركم بإجابة (مهاتير محمد) عندما سئل عن نقطة الانطلاق التى بدأ بها مشوار النهضة لماليزيا، فكانت إجابته ببساطة: أنه وجد شعبًا تغلب عليه صفات الخمول، والتناحر، والشعور الدائم بالفشل، فأراد فى البداية أن يغير هذه الروح، من خلال التركيز على النجاحات الصغيرة، فهذا أول ماليزى يتسلق قمة "افرست"، وهذا احتفال بأول ماليزى يبحر حول العالم، وهنا تم بناء أعلى برج توأم فى العالم، وكانت نظرية (مهاتير) التى غيرت بالفعل من ثقافة الشعب الماليزى: ما دمنا قد تمكنا من تحقيق هذه النجاحات الصغيرة.. إذن فنحن نملك القدرة على الإنجاز الأكبر، وسنصبح من أقوى عشر دول فى العالم بحلول العام 2020. والآن خذ نفسًا عميقًا.. إليك جرعة من الأخبار الجديدة لم يهتم الإعلام بتناولها: فوز الطالبة المصرية (عزة فياض) بالمسابقة الدولية للاتحاد الأوروبى للعلماء الشباب عن مشروعها فى إدارة النفايات البلاستيكية، والذى تفوق على 87 مشروعًا من جميع دول العالم، دكتور (جلال الدين الجميعى) يحصل على الجائزة الكبرى للاتحاد الإفريقى فى مجال العلوم والتكنولوجيا والاختراع، مع بداية هذا الشهر وصل حجم التبرعات لجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا إلى مليار جنيه، تأهل (عمرو محمد) البالغ من العمر 18عامًا - كأصغر طالب فى العالم - للتصفيات النهائية لمسابقة المعمل الفضائى، التى تتم مع عدد من وكالات الفضاء العالمية، أهمها وكالة (ناسا) الأمريكية. صدقونى.. نستطيع أن نفعل الكثير، دعونا نخرج من دائرة الاهتمامات الضيقة، إلى عالم أرحب وأوسع يعيش المستقبل، فكر فيما يشغل بالك، ما قضيتك التى تعيش من أجلها، وتتابع تنفيذها بجدية؟ أقولها بكل ثقة.. لو عشنا جميعا هذه الروح، والرغبة الحقيقية للتغيير، فانتظروا مصر الرائدة فى غضون سنوات قليلة جدًا.. أقل كثيراً مما تتصورون. [email protected]