في تطور جديد من شأنه أن يضاعف مأزق الرئيس الأمريكي باراك أوباما على خلفية فضيحة "إحراق المصاحف" في قاعدة باجرام، طالب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى أفغانستان جان كوبيس الولاياتالمتحدة باتخاذ إجراءات تأديبية ضد المتورطين في تلك الحادثة وعدم الاكتفاء بالاعتذار عنها. وأضاف كوبيس في مؤتمر صحفي عقده في كابول في مطلع مارس:" الاحتجاجات الأفغانية ضد حرق نسخ من القرآن مشروعة، يجب بعد الاعتذار وبعد إجراء التحقيقات اتخاذ إجراء تأديبي ومحاسبة الذين يقفون وراء هذا الخطأ الجسيم". واستطرد "الإجراء التأديبي ضروري للقوات الدولية لكي ينظر إليها على أنها صادقة في اعتذارها، تألمنا بشدة إزاء هذه الحادثة غير المبررة". وبالنظر إلى أن الدعوة الأممية السابقة لمعاقبة حارقي "المصاحف" تزامنت مع مقتل جنديين أمريكيين في مطلع مارس عندما فتح جندي أفغاني النار عليهما في جنوب البلاد في ثالث حادثة من نوعها منذ تفجر الفضيحة، فقد أكد كثيرون أن الأسوأ مازال بانتظار استراتيجية أوباما في أفغانستان. وكان مسئول أمني أفغاني أعلن في 25 فبراير الماضي عن مقتل عسكريين أمريكيين برتبة عقيد ورائد على يد شخص يرتدي زي الشرطة الأفغانية داخل مبنى وزارة الداخلية الأفغانية، في حين نقلت شبكة "ان بي سي" الأمريكية عن مسئولين عسكريين في واشنطن قولهم: إن القتيلين كانا يعملان مستشارين لقوات الأمن الأفغانية وكانا في مكتبيهما في الوزارة، حين تم إطلاق النار عليهما. وعلى الفور، أعلنت حركة طالبان حينها مسئوليتها عن مقتل المستشارين العسكريين الأمريكيين، ونقلت قناة "الجزيرة" عن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد القول في بيان له:"إن أحد المفجرين الانتحاريين التابعين لهم ويدعى عبد الرحمن قتل اثنين من كبار الخبراء الأمريكيين وكانت هذه العملية انتقاما لحرق نسخ من القرآن من جانب الأمريكيين الغزاة في قاعدة باجرام العسكرية في شمال كابول". وقبل ذلك، وتحديدا في 23 فبراير، أعلن حلف الناتو عن مقتل جنديين أمريكيين عندما أطلق شخص يرتدي زي الجيش الأفغاني النار عليهما في إقليم ننجرهار في شرق أفغانستان. وبالنظر إلى أن الولاياتالمتحدة كانت تأمل أن تتمكن القوات الأفغانية من مواجهة طالبان، والتعامل مع الأمن بمفردها قبل الموعد المقرر لسحب القوات القتالية لحلف الناتو بحلول نهاية 2014، فقد جاءت حوادث إطلاق النار السابقة على جنود أمريكيين على خلفية "إحراق المصاحف" لتؤكد فشل تلك الاستراتيجية مسبقا، خاصة في ظل تزايد اختراق قوات الأمن الأفغانية من قبل حركة طالبان. ولعل ما يدعم صحة ما سبق هو إعلان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" مؤخرا أن نحو سبعين جنديا من قوات الناتو قتلوا في 42 هجوما شنه أفراد من داخل قوات الأمن الأفغانية خلال الفترة من مايو 2007 إلى يناير 2012. ويبدو أن الأمر لن يقف عند فشل استرتيجية أوباما الجديدة في أفغانستان، حيث يرجح كثيرون انضمام المزيد من الأفغان لحركة طالبان، وبالتالي تزايد الخسائر في صفوف القوات الأمريكية في غضون الأشهر المقبلة. وكانت مظاهرات غاضبة اجتاحت كافة أنحاء أفغانستان بعد عثور عمال أفغان في 21 فبراير على مصاحف محروقة، بينما كانوا يجمعون القمامة من أمام قاعدة باجرام وتبرير مسئولين أمريكيين الفضيحة بأن معتقلين من طالبان في سجن قاعدة باجرام كانوا يستخدمونها لنقل رسائل فيما بينهم. وبالنظر إلى أن الاحتجاجات السابقة أسفرت عن مقتل نحو ثلاثين محتجا وجرح مائتين آخرين، فقد تزايدت النقمة ضد قوات الناتو أكثر وأكثر، بل وتوقع كثيرون أن تخرج القوات الأمريكية من أفغانستان بفضيحة أكبر من هزيمتها في فيتنام.