جدل "الحرية" و"الشريعة".. وأيهما مقدم على الآخر.. أثار قدرًا من "اللبس"، وشغل البعض وصرفهم عن "أصل" الموضوع. كلام أبو الفتوح والعوا.. بشأن ترتيب الأولوية فى هذا الشأن.. كان محض "اجتهاد سياسى"، ولا يجوز نقله إلى "الحيز الدينى" إذ بلغت الجرأة ببعض المتحمسين للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، أن يحكم ب"الزندقة" على الرجلين.. واتهامى بأنى لست "مؤمنًا" بشمولية الإسلام، بما فيها صونه ل"الحريات". الكلام عن مقعد الرئاسة.. هو كلام "فى السياسة".. وليس درسًا "فى الفقه".. هذا الوعى بالخط الفاصل بين "الخلاف السياسى" و"الاجتهاد الدينى".. من مقتضيات تأمين "الحريات" وصونها من مطاردات "التكفيريين" ونزقهم فى التعاطى مع ملفات الشأن العام. "الشريعة" أكبر من أن توظف "سياسيًا".. ومن أن تدخل بورصة "المزايدات" على المسلمين المصريين.. إذ يُخشى أن تُمسى "ورقة" تتلاعب بها "الانتهازية السياسية".. فالكلام عنها قد يستهدف استعطاف الرأى العام و"تقليب" ضميره ونشل "صوته" ثم يُفاجأ بعد أن ينال صاحب النصيب مراده بأنه كان ضحية عملية "نصب سياسى" كبيرة. من جهة أخرى.. فإن "التوقيع" على بياض لأى مرشح يرفع "راية" الشريعة.. يعنى تفويضه بأن يفعل فى شعبه ما يشاء طالما ظل معلقًا على جدار مكتبه شعار "الشريعة أولا".. وباسم الأخيرة قد يصادر الحريات ويتوسع فى بناء المعتقلات والسجون، ويجلد شعبه ويعتدى على ماله وأعراضه وحرماته.. ولن يعدم أية "تخريجة شرعية" أو "شراء" مفتى متزلف.. "يشرعن" لقسوته وانتهاكاته ضد شعبه. وأنا على المستوى الشخصى لن أقبل أن يحكمنى "رئيس" يصادر حريتى وينتهك حرماتى وخصوصيتى ويطلق علىّ عساكره وشرطته ومخبريه ويحصى علىّ أنفاسى ويتنصت على هاتفى.. وينظم لى حفلات تعذيب ليلية فى مقار أجهزته الأمنية.. باسم الشريعة. الانحياز "المطلق" لمرشح، لمجرد أنه وعد بتطبيق الشريعة، رغم أنه قد يكون انحيازًا بريئًا ومدفوعًا بحب شرع الله تعالى.. إلا أنه قد يفضى إلى استبدال "طاغية" برئيس أسوأ منه.. لأنه والحال كذلك سيحكمنا ب"اسم الإله".. بمعنى أنه سيتحول بمضى الوقت إلى "الرئيس المقدس" المعصوم من الخطأ والمؤيد ب"الشريعة".. فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. كل من عارضه فهو "زنديق" أو فاسق أو خارج عن الملة أو الجماعة ويحل دمه وقتله. تطبيق الشريعة.. هى مناط أى نظام حكم إسلامى لا شك.. ولكن ما هى "شهادة الضمان" التى تحول دون جرأة الرئيس الذى نحسبه صادقًا.. فى أن ينتحل "صفات" الله تعالى.. ويعيدنا إلى ظلمات المسيحية السياسية التى حكمت أوروبا باسم "الآباء الآلهة"؟! ولذا فإننا وقبل كل شىء ينبغى أن نتحدث عن "صلاحيات الرئيس" وعن الكاتالوج "الدستور" الذى يحدد له هذه الصلاحيات.. وعن المؤسسات المنتخبة التى تراقب أداءه.. وتحول دون تغوله وتوحشه واعتدائه على شعبه وعلى حقوقه على المؤسسات التشريعية الرقابية. إنه الكلام الذى قد نتفق ونختلف بشأنه.. ولكن تظل حريتنا فى إبداء رأينا فيه مصانة ومكفولة.. طالما فهمنا بأننا نتساجل داخل حدود "السياسة".. وليس "الدين".. واعتقد أنه من صالح أى مرشح إسلامى وكمال قال يوم أمس الأول الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل.. أن يتصرف باعتباره "مرشحًا" مدنيًا.. وليس "واعظًا" فى مسجد.. فرق كبير.. ولكنه هام جدًا. [email protected] يعنى تفويضه بأن