القانون يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون، والسعودية ترفض تحميلها مسئولية اشتراك عدد من مواطنيها في تلك هجمات. "تعويضات لوكيربي" في خلفية الصورة.. والقرني يرصد عددًا من الرسائل للرد على إلغاء الكونغرس الأمريكي لفيتو أوباما.
بينما تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية، عبر قانون "العدالة الانتقالية ضد رعاة الإرهاب" لتضييق الخناق على المملكة السعودية، قلل مراقبون من تأثير القانون المسمى ب"جاستا"، على المملكة، واصفين واشنطن بمن يحمل سلاحًا ويطلق رصاصه على قدميه. اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي يتنافس عليها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، والمتطرف دونالد ترامب، ربما يكون أحد الأسباب السياسية التي دفعت الكونجرس الأمريكي لإقرار القانون المثير للجدل، مؤخرًا. والأربعاء الماضي، أبطل الكونجرس، حق النقض "الفيتو"، الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما، الجمعة الماضية، ضد مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون. وذهبت التفسيرات إلى أن السعودية هي المعني الأول بهذا القانون، الذي حذر البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من تأثيراته السلبية على الأمن القومي الأمريكي، بينما أعربت الخارجية الأمريكية عن أملها في ألا تتأثر علاقات الرياضوواشنطن بسببه. المتطرف ترامب وترفض المملكة السعودية، تحميلها مسئولية اشتراك عدد من مواطنيها في هجمات 11 سبتمبر، وسبق أن هددت بسحب احتياطات مالية واستثمارات بمليارات الدولارات من الولاياتالمتحدة، في حال إقرار مشروع القانون، وفق تقارير صحفية وإعلامية. مراقبون شككوا في النية الأمريكية المبيتة، للإدارة الأمريكية، بتمهيد الترتيبات لوصول المتطرف تراكب، إلى البيت الأبيض عبر قانون "جاستا". ودونالد ترامب، متطرف أمريكي، يرى في الإسلام ودوله عدوًا لأمريكا والعالم، كانت له تصريحات مسيئة تتكرر من وقت لآخر على لسانه، أبرزها تلك التي وصف فيه السعودية ب"البقرة الحلوب، تسعفهم بألبانها كلما شعروا بالعطش وأن على دويلات الخليج سداد الفواتير المتراكمة على الخزانة الأمريكية في كل مكان فهي لا تفعل شيئًا، يتم ذبحها متى جف حليبها سنذبحها". لوكيربي وإيران نادر بكار، نائب رئيس حزب النور السلفي، عدَّ قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، ضمن "مسلسل ابتزاز الرياض"، محذرًا من أن "هناك من يسعى في واشنطن باستماتة وراء حرق المراحل واستعجال المواجهات الصفرية". وفي مقال له، بجريدة الشروق، تساءل بكار "البيت الأبيض والاستخبارات المركزية الأمريكية كلاهما حذّر ولو ظاهريًا من مغبة تمرير القانون على الأمن القومي الأمريكي، فهل تطلق واشنطن النار على قدمها كما يقول المثال الغربي الشهير". وقال بكار: إن "آثار اللوبي الإيراني على دوائر صنع القرار الأمريكي باتت واضحة أكثر من أي وقت مضى، وعلى مدى خمس سنوات مضت تقريبًا استطاعت طهران بشكل كبير إقناع صانع القرار الأمريكي بغض الطرف عن تمددها الإمبراطوري في أربع دول عربية على الأقل". "ربما يخطط من يعمل خلف الستار في واشنطن إلى سيناريو مشابه لقضية (لوكيربي) الشهيرة، وربما لم يشطح خياله إلى أبعد من مسلسل ابتزاز طويل الأمد يضيق به الخناق على الرياض ويغل يدها عن موازنة القوى لصالح حليفه الإيراني الجديد"، هكذا فسَّر بكار الدوافع خلف مغامرة تمرير قانون "جاستا"، مشيرًا إلى أنها ستتكشف من خلال الخطوات التالية، لكن الكرة الآن في ملعب السعوديين قطعًا والعالم ينتظر رد فعل قيادتها الجديدة على هذا الاستعداء غير المسبوق، بحسب قوله. وقضية لوكيربي هي قضية جنائية ترتبت على سقوط طائرة ركاب أمريكية تابعة لشركة طيران "بان أمريكان" أثناء تحليقها فوق قرية لوكيربي بأسكتلندا سنة 1988، ونجم عن الحادث مقتل 259 شخصًا هم جميع من كان على متن الطائرة و11 شخصًا من سكان القرية حيث وقعت، ولاحقت الولاياتالمتحدة مسئولين ليبيين واتهمتهم بالضلوع في إسقاط الطائرة، وانتهت بتسويات مالية وتعويضات بين الطرفين. وتحدث بكار عن السيناريو الأكثر إيلامًا للولايات المتحدة، والمتمثل في نجاح الرياض في قيادة مبادرة خليجية على أقل تقدير؛ لفرض عقوبات اقتصادية على واشنطن معتمدة في ذلك على وجود بدائل جاهزة للشراكة التجارية على رأسها الصين إذا ما وصلت الأمور إلى القطيعة الكاملة. كيفية الرد بدوره، رصد الداعية الإسلامي، عوض القرني، الجمعة، عددًا من الرسائل، للرد على إلغاء الكونغرس الأمريكي لفيتو الرئيس الأمريكي حول قانون "جاستا" الذي يخول ذوي ضحايا هجمات ال11 من سبتمبر بمقاضاة الدور المزعوم للمملكة العربية السعودية فيها. وقال القرني في سلسلة من التغريدات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر: "لماذا لا يتخذ قرار على مستوى الأوبك بتخفيض إنتاج النفط؟ تمهيدًا لرفع أسعاره فنحقق أكثر من هدف، لماذا لا ندعو شعبيًا للمقاطعة؟ لماذا لا نقلص الابتعاث لأمريكا لأقصى حد ونبقيه في الحالات الضرورية فقط؟ لماذا لا ننوع مصادر التسليح لجيشنا بصورة أكبر؟" وأضاف: "سؤال ملح أكثر من غيره، لماذا لا نبادر وبهدوء لسحب كل ما نستطيع من أرصدة واستثمارات سعودية في أمريكا قبل مزيد من التعقيد". وتابع القرني: "نحن في حاجة لحشد شعوب العالم الإسلامي وراء موقفنا وهذا يستدعي إعادة ترميم علاقتنا مع تلك الشعوب وإعادة جسور التواصل معها، نحن في أشد الحاجة لعمل دبلوماسي واعٍ ومبرمج ونشط في العالم كله ويتدارك غيابنا الفظيع عن التأثير في الساحة الأمريكية، ومن الجوانب المهمة جدًا، إعادة النظر في إعلامنا الرسمي وشبه الرسمي الذي إما يغط في بيات شتوي، أو يقدم الحجج لكل عدو لنا، ولابد من المبادرة لتشكيل فريق قانوني دولي مؤهل ومقتنع بسلامة موقفنا". الموقف السعودي والجمعة الماضية، قال أوباما، إن اعتراضه على مسودة القانون أساسه أن هذا التشريع "غير قادر على حماية الأمريكيين من الهجمات الإرهابية، ولا تعزيز فعالية ردنا على هذا النوع من الهجمات". وكشف أن مسودة القانون بصيغتها الحالية "ستسمح بالتقاضي برفع دعوى خاصة ضد الحكومات الأجنبية داخل المحاكم الأمريكية، على أساس ادعاءات تقول إن أفعال بعض الحكومات الأجنبية في الخارج قد جعلتهم مسؤولين عن إصابات سببها إرهاب وقع على الأراضي الأمريكية". وشدد على أن الموافقة على تحويل هذا التشريع إلى قانون "سيتيح الفرصة لرفع دعاوى ضد دول لم يتم تصنيفها بالإرهاب من قبل الحكومة التنفيذية (الأمريكية) كدول راعية للإرهاب، ولم تقم بشكل مباشر بتنفيذ هجمات ضد الولاياتالمتحدة". عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي كان له تصريحًا في يونيو الماضي، قال فيه إن الولاياتالمتحدة ستكون الخاسر الأكبر إذا سن القانون. ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية (لم تسمه)، قوله إن اعتماد قانون "جاستا" يشكل مصدر قلق كبير للدول التي تعترض على مبدأ إضعاف الحصانة السيادية، باعتباره المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين. وأضاف المصدر في وزارة الخارجية السعودية أن القانون من شأنه "إضعاف الحصانة السيادية" و"التأثير سلباً على جميع الدول، بما في ذلك الولاياتالمتحدة". وأشار المصدر إلى "موقف الإدارة الأمريكية التي أعربت عن معارضتها لقانون "جاستا" بصيغته، وذلك على لسان الرئيس الأمريكي، ووزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية". ويفتح قانون "جاستا" الباب أمام عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر لرفع قضية على أي من أعضاء العائلة المالكة السعودية المشتبه بلعبهم أدوارا في الهجمات. وكان 15 من أصل 19 من منفذي الهجمات سعوديين، لكن السعودية، وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة، نفت أي صلة بالهجمات. وقتل ما يقرب من 3 آلاف شخص حين تعمد المهاجمون الذين استولوا على طائرات الاصطدام ببرجي مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، في 11 سبتمبر 2001.