إن الله سبحانه وتعالى قد شَرَف الإنسان وكَرمه في هذا الكون٬ حيث قال في كتابه العزيز: (ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) ومن مظاهر هذا التشريف وذاكَ التكريم: أنه قد أعطى الإنسان حقوقاً كثيرة٬ تتمثل في نواحي الحياة الإنسانية الخلقية والفطرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية والثقافية والحضارية. ومع ذلك فقد تعرضت الإنسانية- ومازالت- للحرمان من هذه الحقوق وانتهاكات صارخة لأعراضها وحرياتها٬ علي مر العصور والأزمان 0 وقد اتخذ نبي الإنسانية محمد(صل الله عليه وسلم)- الخطوات العملية اللازمة الكفيلة بتنفيذ هذه الحقوق على أرض الواقع ٬ إلى أن وصلت جميع الحقوق إلى مستحقيها الشرعيين0 هذا بالإضافة إلي توجيهاته وإرشاداته السامية التي كانت ومازالت وستظل نبراساً ينير للعالم طريقه من أجل حماية وحفظ حقوق الإنسان- ومن ثم فان قضيه حقوق الإنسان قد أصبحت تشكل خطورة بالغة وأهمية قصوي من بين القضايا التي تهم العالم المعاصر شرقاً وغرباَ0 وفي القرن العشرين الميلادي شهد العالم الحربين العالميتين الكبريين اللتين راحت ضحاياها آلاف الملايين من الرجال والنساء الأبرياء- فوق ما لحق بالحضارة الإنسانية من الدمار والخراب الشامل من جراء تلك الحروب الملعونة0 وفي ظل هذه الظروف البالغة القسوة قد أعلنت الأممالمتحدة في عام 1948 ما أطلق عليهِ (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) The Universal Declaration of Human Rights والى جانب هذا فإننا لو بحثنا عن كلمه"حق" أو "حقوق" في أحاديث سيد الخلق سيدنا محمد(ص) لوجدناهما قد أُستُخدمتا فيها في نفس المعني في مواضع كثيرة قبل أربعه عشر قرناً0 وبإمعان النظر في التاريخ البشري يتبين لنا يتبين لنا ما ارتكبه الحكام المستبدون وجبابرة وطواغيت المجتمع من الظلم والاضطهاد في حق الضعفاء والمستضعفين في كل بقعه من الأرض٬ وفي كل زمن٬ منذ أن مكن الله الإنسان في الأرض0 وما شرعوا من القوانين والعادات والتقاليد مما تخدم مصالحهم ويحقق مطامحهم فقط علي حساب حياه أولئك المحرومين0 وهذا ما جعل تلك الجبابرة والحكام الظالمين يتصدون يتصدون لدعوه الأنبياء والرسل كلما جاءوا إليهم بالدعوة إلي الله والى تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق الأساسية للإنسان 0 كما أخبر بذلك الله سبحانه وتعالى0 ولذا كانت حرب الأنبياء والرسل ضد الأقوياء والطواغيت في مطالبه حقوق الضعفاء منهم وإيصالها اليهم0 يقول جون لوك: إن الإنسان خلق بحقوق كثيرة فحقوق الحياة والمال والحرية هي من الحقوق الأساسية التي أقرها الإنسان منذ قديم الزمن0 وحصل عليها الإنسان في المجتمعات البشرية ما قبل التاريخ ٬ ثم أن نظم الحكم الحديثة قد اعترفت بتلك الحقوق وبذلت جهودها للحفاظ عليها0 أن فكره حقوق الإنسان هي فكره قديمة وفي قديم الزمان و قبل مبعث عيسى عليه السلام بنحو ألفي سنه قام الملك حمورابي( 2130-2088) بوضع قانون ينص على أهميه الحفاظ على حقوق الإنسان ويعتبر هذا القانون الأول من نوعه ويسمي بقانون حمورابي أو القانون البابلي0 كان الناس حينذاك يتمتعون بحقوق ومن تاريخ الإغريق القدماء والروم (Babylonian Code) كثيرة مثل حق التصويت والانتخابات والحقوق القضائية وغيرها0 وفي القرن السابع الميلادي بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى كافه الناس بالرسالة الخاتمة تتسم بالشمولية فلما ابتعد الناس عن التمسك والالتزام بالإسلام وتعاليمه السامية سلط الله عليهم الحكام الظالمين والطواغيت فحرموا الرعية وعامه الشعب من حقوقهم إلى أن حدثت الثورات الشعبية الغاضبة العارمة ضد أولئك الحكام الغاشمين في المطالبة بالحقوق الأساسية مما أدي إلي أِبرام الوثائق والاتفاقيات بين الحكام والمحكومين0