تصريحات متعددة أدلى بها مسئولون حكوميون تشير إلى التوجه الرسمي نحو تعويم الجنيه؛ خاصة مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد حاليًا؛ بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، فضلًا عن تطبيق قانون الضريبة المضافة الذي أقره البرلمان بداية من شهر أكتوبر المقبل. آخر تلك التصريحات ما أدلى به وزير التجارة والصناعة، المهندس طارق قابيل بشأن تمهيد الحكومة لتعويم الجنيه، حيث قال الوزير خلال مؤتمر اليورومني أمس، الثلاثاء، إن "تعويم الجنيه هيحصل على المدى الطويل". وأشار إلى أنه لا يمكن توقع موعد حدوث لكنه يتمنى أن يكون ذلك بحلول مؤتمر اليورومنى المقبل في سبتمبر، مؤكدًا أن قرار التعويم يعود قراره إلى البنك المركزي فقط. وكان محافظ البنك المركزي طارق عامر، قال في 20 يوليو 2016، "لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليًا، أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب". وبدوره قال الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، إن تعويم الجنيه سيؤدي إلى آثار كارثية؛ خاصة مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر حاليًا، مشيرًا إلى أن التعويم سيؤدي إلى تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد جامح؛ وهو ما يعني وصوله لدرجة متقدمة من التدهور. وأضاف الشافعي، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن من نتائج تعويم الجنيه ارتفاع فاتورة الاستيراد أضعاف القيمة الحالية؛ وهو ما يهدد الاقتصاد الذي يعتمد بالأساس على الاستيراد، مشيرًا إلى أن أخطر ما يهدد الاقتصاد في الفترة الحالية فكرة التعويم بشكل رسمي في ظل ارتفاع الدولار. ويخضع تعويم الجنيه لحسابات دقيقة على مستوى الجهات الاقتصادية المعنية تراعي حسابات مستوى التضخم، ومعدلات استيراد السلع الأساسية والإستراتيجية والاحتياطي الإستراتيجي منها، وينفذ البنك المركزي خطة التعويم بعد حملة تفتيش قوية على تجار العملة وشركات الصرافة المخالفة لضبط سوق الصرف؛ حتى لا يحدث انفلات في أسعار الدولار عقب التعويم. ومن جانبه قال النائب محمد بدراوي، وكيل لجنة الصناعة بالبرلمان، إن فكرة تعويم الجنيه تستلزم إدارة جيدة من الحكومة والبنك المركزي على وجه التحديد، مطالبًا الحكومة بتوحيد سعر الصرف؛ خاصة مع عدم نجاحها في تحديد سعر صرف واحد للدولار. وأضاف بدراوي، أن مبدأ العرض والطلب هو من يحدد سعر الدولار، مشددًا على أهمية تحديد احتياجات الدولة الدولارية، وما هي الوسائل التي يتم اتباعها لتوفير العملة الأمريكية، موضحًا أن سعر الصرف غير واضح ومعروف، بالإضافة إلي أن السوق الموازية هي التي تدير عملية الصرف في السوق. ويعنى تعويم الجنيه ترك السعر ليتحدد وفق آليات العرض والطلب، ولا يتدخل البنك المركزي في تحديد السعر في حين يعني خفض قيمة العملة المحلية النزول بسعرها أمام الدولار لقيمة يحددها البنك المركزي، ويثبت بعدها السعر عند مستوى محدد ويتدخل في توقيتات معينة لوقف المضاربات عبر إجراءات صارمة. وأكد الدكتور فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي الأسبق لصندوق النقد الدولي، أن صندوق النقد اشترط تعويم الجنيه كشرط لحصول مصر على قرض قيمته 12 مليار دولار، مشيرًا إلى أن البنك المركزي لا يجرؤ على تخفيض قيمة الجنيه إلا بعد حصوله علي 12 مليار دولار، وهي قيمة القرض من الصندوق، بالإضافة إلى 9 مليارات دولار من جهات أخرى وأبرزها البنك الدولي، فضلًا عن 3 مليارات دولار من دول الخليج. وأضاف الفقي ل"المصريون"، أن التعويم هو تحريك لقيمة العملة المحلية، وليس تخفيض قيمتها فيشبع البنك المركزي السوق بالدولار، ولا يكون هناك حاجة إلي اللجوء للسوق السوداء، أو شركات الصرافة التي سينخفض الإقبال عليها لارتفاع سعر الدولار فيها، فيلجأ الناس حينها إلي البنك المركزي، فيرفع سعر الدولار، فيقترب سعر الدولار في البنك مع سعره في شركات الصرافة والسوق السوداء؛ إلى أن يتوحد سعر الصرف ويقبل المستثمرون على الاستثمار في مصر؛ لضمان عدم تعرضه لأي مخاطر من اختلاف سعر الصرف.