«سلامة»: هروب من المركب بوتيرة متسارعة.. «السناوي»: ضغوط غربية لعدم استكمال ولايته.. «بكري»: بريطانيا لا تريد السيسي.. «مستشار بن زايد» ينصحه بعدم الترشح.. و«نافعة»: الموقف لم يتبلور بعد قبل أسابيع، دعا الدكتور عصام حجي، مستشار الرئيس السابق، إلى ضرورة التجهيز لبديل مدني؛ من أجل المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2018، وبعدها جرت في نهر السياسة المصرية مياه كثيرة. إذ بدأت شخصيات مقربة للسلطة، وأخرى معارضة، تلمح تارة، وتصرح تارة أخرى باحتمالية عدم استمرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في منصبه لفترة رئاسية أخرى وبخاصة عقب تقرير "الإيكونوميست" الذي أثار بلبلة كبيرة في الأوساط المصرية بعد هجومه على الرئيس، واتهامه بأنه السبب في الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب مصر. وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي في تصريحات خلال استقباله لرؤساء تحرير الصحف المصرية أمس، إن "الشعب هو ظهر المقاتل، وحين يشعر المقاتل بأن شعبه قد ملّ منه فإنه لا يعود بمقدوره أن يقاتل". واعتبر محللون أن تصريحات السيسي تعكس حالة من التململ جراء الضغوط المتزايدة عليه، في ظل حالة من الغضب تجتاح المصريين مدفوعة بارتفاع الأسعار، وتزايد الأعباء المعيشية عليهم، فيما لا يبدو في الأفق بادرة أمل لتحسين الأوضاع التي تزداد سوءًا. وقال الكاتب الصحفي عبدالناصر سلامة، رئيس تحرير جريدة "الأهرام" السابق في مقال نشرته "المصري اليوم" اليوم: "أتصور أن الأوضاع لو استمرت بهذه الوتيرة، خلال العامين المقبلين، فإن الاستطلاعات مهما كانت موجهة، فلن تستطيع المقاومة، لن تستطيع أبدًا تجاهل اتجاهات الشارع". وأضاف: "لو دققنا النظر الآن فسوف نجد أن عملية الهروب من المركب أصبحت تسير بوتيرة متسارعة، خاصة بين أولئك الذين حملوا على عاتقهم يوما ما الدفاع عن النظام بكل سلبياته، هى الحاسة الأمنية لدى هؤلاء الذين اعتادوا مثل هذا السلوك، لا يعنيهم لون المركب ولا حجمه ولا طبيعته ولا حتى مَن يمتلكه، الحديث أصبح مختلفاً الآن من وجوه كثيرة، ما بالنا بعد مرور عام أو عامين، بالتأكيد الصورة واضحة، لا تحتاج إلى تفصيل". وكان الكاتب عبدالله السناوي، المقرب من مؤسسة الرئاسة كشف في مقال نشرته صحيفة "الشروق مؤخرًا" المنشور ب"الشروق"، تحت عنوان "رسائل الإيكونوميست"، عن وجود "ضجر خليجي واتجاه لإعادة النظر في المساعدات المقدمة لمصر". وأشار إلى تأخُر "رئيس الوزراء البريطاني الجديد تيريزا ماي بأكثر مما هو طبيعي ولائق، لنحو ثلاثة أسابيع، في الرد على طلب الرئيس المصري بإجراء اتصال لتهنئتها"، لافتًا إلى أنه "كانت تلك جلافة دبلوماسية من رئيس وزراء بلد عهد عنه العناية بالأصول والتقاليد". وقال السناوي، في مقاله: "وفق نص "الإيكونوميست" في الجملة الأخيرة من افتتاحيتها عن "تخريب مصر" فإن نقطة التنشين التي تصوب إليها كل الانتقادات الحادة "اختصار رئاسة السيسي"، أو الضغط عليه لعدم الترشح لدورة رئاسية ثانية عام (2018) .. هذا كلام ليس جديدًا، فقد كانت "هناك إشارات عن نزوع متصاعد لبعض الأطراف الغربية للضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي لعدم استكمال فترته الرئاسية الأولى"، كما كتبت نصًا في هذا المكان (9) مارس الماضي، ما كان يجرى في الغرف المغلقة خرج إلى العلن على صفحات أكثر المجلات رصانة وأوسعها تأثيرًا في العالم، ذلك يخرج عن طبيعة العمل الصحفي الاقتصادي، ويدخل في نطاق العمل السياسي المباشر"، متسائلًا: "لماذا يخرج هذا الطلب إلى العلن الآن؟". وأجاب السناوي، عن تساؤله قائلًا: "أكثر الأسباب جوهرية هو انكسار الرهانات الكبرى على (30) يونيو، وتفكك قواعد الدعم والإسناد تحت وطأة الإحباط السياسي والاجتماعي معًا، بقدر التماسك الواسع تمكنت مصر من صد الحملات عليها وفتحت ثغرات تقدمت منها بشيء من الثقة في النفس، ذلك لم يعد موجودًا الآن، والفراغ السياسي أفضى إلى هشاشة البنيان العام أمام أية عواصف محتملة" – حسب قوله. ما أشار إليه السناوي، عاد عضو مجلس النواب مصطفى بكري، ليؤكده خلال برنامجه المذاع على قناة "صدى البلد"، حيث كشف عن قيام مسئول أمني كبير بعقد اجتماع مع العديد من الإعلاميين؛ لاطلاعهم على الخطة التي يدبرها الغرب للرئيس عبدالفتاح السيسي - حسب قوله. وروى بكري، تفاصيل اللقاء، قائلًا: "جلسنا مع مسئول أمني كبير، وقال لنا (خدوا بالكم) الغرب - وبخاصة بريطانيا وأمريكا - اتفق على أكثر من خطة لإزاحة الرئيس السيسي من الحكم". وتابع: "كشف لنا المسئول الكبير أن الخطة الأولى تقضي بقيام بعض الناس بمطالبة الرئيس بانتخابات رئاسية مبكرة، والخطة الثانية تطالبه أن يكمل مدته بشرط ألا يترشح لفترة أخرى، وقد اتفقوا على تنفيذ الخطة الثانية".. مشيرًا إلى أن "بريطانيا لا تريد السيسي" حسب قول بكري. وفي نفس السياق، أكد الناشط الحقوقي والناشر، هشام قاسم، أن استمرار الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية جديدة شبه مستحيل. وكتب قاسم، في تدوينة عبر حسابه الشخصي ب"فيس بوك"، قال فيها: "موضوع مد فترة رئاسة السيسي 8 سنين خلاني كتبت تعليق إمبارح لمحت فيه أن بقاء السيسي لفترة تانية شبه مستحيل تحت أي سيناريو ممكن"، مشيرًا إلى أن أحد أصدقائه اختلف معه وكتب تعليقًا يقول فيه: إن "السيسي مطول معانا وتعليقات أخرى بنفس المعنى من الأصدقاء". وربط قاسم بين عدم ترشح السيسي وبين حصوله على قرض صندوق النقد الدولي، مبررًا أن: "الاتفاق هيكون معناه ترشيد السياسة المالية وتوقف المشاريع القومية زي المليون ونص فدان اللي بيقال إن عشرة آلاف منها جهزوا للزراعة وفاضل مليون وربعمائة وتسعين ألف فدان، مش لاقيين حد مستعد يضيع فلوسه فيها، وبعثة البنك الدولي رفضت تمويل المشروع ببساطة لعدم وجود موارد مائية لري المساحة وكفاية على الجيل ده وجيلين ثلاثة معاه خازوق توشكى" - حسب قوله. وأردف: "طبعًا ده معناه العاصمة الجديدة بح، الطرق السريعة للساحل الشمالي بح، وهنضطر إحم إحم نؤجل مشروع المفاعل النووي.. التركيز حينصب على سياسات ومشاريع متواضعة شوية بس ممكن تحسن أوضاع البلد الاقتصادية" حسب نبوءته. واستدرك: "ممكن طبعًا الفريق بتاع السيسي ينصحوه بأن مجموعة صندوق النقد دول شوية خواجات عبيطة وإحنا نوافق على شروطهم ونعمل ما بدالنا وفي الحالة دي، الصندوق هيلغي الاتفاق في أول مراجعة ربع سنوية". وعلّق الكاتب الصحفي أنور الهواري، على الخطاب الذي ألقاه الرئيس يوم 13أغسطس، والذي تحدث فيه عن الأزمة الاقتصادية، قائلًا: "هذا الخطاب - غير الموفق - يصب في تحليل (الإيكونومست )". حسب تعبيره. وتحدث الكاتب الصحفي وائل عبدالفتاح، حول التوجه الخليجي ورؤيته للحل في مصر، إذ قال في تدوينة عبر حسابه الشخصي بموقع "فيس بوك": "الوضع بائس إلى درجة أن الحلفاء في الخليج يجهزون أحمد شفيق ليلعب دور المنقذ" - حسب زعمه. وكان الدكتور عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبو ظبي، نصح الرئيس السيسي بعدم الترشح لفترة رئاسية أخرى. وقال في تغريدة عبر حسابه ب"تويتر": "الإيكونوميست تدعو الرئيس السيسي لعدم الترشح للرئاسة 2018، وربما حان الوقت أن يسمع هذه النصيحة الحريصة من عواصم خليجية معنية بمستقبل الاستقرار في مصر". وحول الأحاديث المتداولة عن ضغوط لعدم ترشح الرئيس مرة أخرى، قال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، إن: "هذا الحديث سابق لأوانه وترشيح الرئيس نفسه لولاية ثانية أمر يرجع له وحده، ولكن لا شك أن فشل السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للرئيس أدى إلى تراجع سريع وواضح في شعبيته، وهو السبب في بورصة التكهنات عن ترشحه من عدمه" - حسب تعبيره. وأضاف في تصريحات ل"المصريون": "لابد أن نعترف أن سياسات الرئيس لم تخفف معاناة الناس بل زادتهم؛ لأنه يستعين بالهواة وعديمي الخبرة، ويفضل أهل الثقة على أهل الخبرة، وطريقة اختيار قائمة (دعم مصر) ومن بعدها البرلمان توضح ذلك" حسب رأيه. وفي نفس السياق علق الدكتور محمد سالم، عضو المكتب السياسي بالحزب المصري الديمقراطي، على تلك التكهنات قائلًا: "في رأيي أنه لايزال الوقت مبكرًا للحديث عن انتخابات 2018، والسيناريوهات المتوقعة فيها خاصة في بلد مثل مصر ليست في حالة سياسية أو اقتصادية مستقرة تمكننا أن نفرز منها نتائج واضحة". وأضاف في تصريحات إلى "المصريون"، "بالتالي كل ما يثار عن عدم ترشح السيسي أو التكهن بأسماء المرشحين بانتخابات 2018 يظل - في رأيي - إرهاصات لحالة سياسية تريد التحرك والخروج من حالة الجمود المفروضة من فترة". وتابع: "أعتقد أن القوى السياسية الديمقراطية لابد أن تشتبك مع انتخابات الرئاسة القادمة بأطروحات واضحة وربما مرشح توافقي، رغم أنه لا يوجد مؤشر واحد يؤكد أنها ستكون انتخابات حقيقية". واستبعد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن يكون أحد من المقربين من السلطة قد أكد أن "السيسي" سينزل في انتخابات 2018 أو لن ينزل. وقال في تصريحات ل"المصريون": إن "هناك إحساسًا عامًا من الخوف والقلق في مصر ورفض لكثير من السياسات التي تُمارس حاليًا، سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي أو حتى على الصعيد الاجتماعي أو الأمني، وبالتالي هناك معارضة متزايدة لنظام الحكم الحالي". وأضاف: "هناك شعور عام بأن النظام الحالي غير كُفء بصرف النظر عن الموقف الأيديولوجي منه، فقطاعات كبيرة من الشعب ترى أنه ليس مدركًا للوضع الداخلي ولا الإقليمي ولا الدولي، ويتصرف بشكل به قدر كبير من العشوائية وعدم التخطيط مع غياب الشفافية، لذلك هناك محاولات للتنسيق بين قوى المعارضة المختلفة، أو نوع من التفكير بصوت عالٍ لكن لم يتبلور بعد، سواء بالنسبة للنظام ونوايا الرئيس السيسي، ولا بالنسبة للمعارضة، لكن هناك حالة تذمر وقلق واضطراب فكري على الأقل، لكن لا يوجد شيء متماسك بعد".