رجل عليه ديون كثيرة ومتعددة، طالبه الدائنون بديونهم، وهددوه بالسجن، فذهب إلى أحد التجار الأغنياء وطلب منه قرضاً قدره 500 دينار ليسدد ديونه على أن يردها له بعد سنة، فأعطاه المبلغ، فسدد كل ديونه، ولكنه ازداد فقرا، وقد جاء موعد سداد ال 500 دينار، فطالبه التاجر بها، فقال له الرجل ليس عندي مال لأسددك، فشكاه التاجر إلى القاضي، فحكم القاضي عليه بالسجن، فقال للقاضي قبل أن تسجنني أريد أن أذهب لأرى عيالي وأخبر امرأتي وأودعها، فقال القاضي نعم ولكن من يضمنُ عودتك؟ فنظر الرجل المسكين حوله فلم يجد أحدا يعرفه ويضمنه، فقال الرجل للقاضي: رسول الله!! قال القاضي ما تقول؟؟ قال الرجل: نعم رسول الله يضمنني!! لقد آمنت به رسولا، واتبعته، فإن لم أعود،أكون قد خنت أمانته، وخرجت من ملته ودينه، ولا أستحق شفاعته، فتعجب القاضي عجباً شديداً - وكان فيه تقوى- وفعلا تركه القاضي يذهب بضمان صدق اتباعه لمحمد صلى الله عليه وسلم. ذهب الرجل إلى امرأته وحكى لها ما جرى، وكانت من خير النساء، فقالت أما وقد استجرت بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم تجد ضامنا لك غيره، فقم بنا نصلي عليه ونسلم، وجلسا يصليان على النبي، فأخذهما النوم، وإذا بالنبي يأتي الرجل المسكين في منامه، ويقول له: اذهب إلى الوالي وقل له رسول الله يقول لك سدد عني ديني، فرد الرجل على النبي: فكيف إن كذبني الوالي، فقال له النبي قل له أمارتان: الأولى: أنك أيها الوالي تصلي علي النبي كل ليلة ألف مرة، وأمس قد زادت عن الألف حين كنت تحصيها. استيقظ الرجل من نومه فأسرع إلى الوالي وقال له ما أمره به النبي، فكذبه الوالي، فقصعليه الأمارتين، فانكب الوالي على الرجل يقبل رأسه، ويقول ببركتك أنت جاءني النبي في المنام أمس وقال لي: ذمة الإسلام بريئة منك إن لم تسدد عن هذا الرجل دينه، خذ هذه 500 دينار من بيت المال سدد بها دينك، وهذه ألفين هدية لك من مالي الخاص. فأخذ الرجل المال وذهب إلى القاضي فلما رآه يدخل مجلسه قام من مقامه مرحبا به، وقائلاً له: ببركتك رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أمس في منامي وقد عاتبني فيك إذ أمرت بسجنك، ثم أعطى القاضي للرجل خمسمائة دينار هذية، وإذا بالتاجر الغني يدخل مجلس القضاء فيرى القاضي والرجل المدين فينكب علي رأسه مقبلاً وقائلاً ببركتك رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أمس في منامي وقد عاتبني إذ شكوتك إلى القاضي وتسببت في الحكم عليك بالسجن وأُشهد الله ورسوله أنني قد أبرأتك من الدين وهذه خمسمائة دينار أخرى هديةً مني إليك!!!
هل دمعت عيناك تأثرا؟ نعم... إذن خذ العبرة، وتأسى، وقم فاذكر ربك كثيراً، واحمده عز وجل على نعمة الإسلام التي أنعم بها عليك، وعلى رسول الهدى الذي اجتباه وأرسله إليك، واعرف لهذا الرسول مقامه وفضله، وامتثل لأمر ربك بالصلاة عليه، وكن من هؤلاء المؤمنين: "إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".
قصةٌ، موثقةٌ، ذُكرت في أكثر من مرجع من مراجع التاريخ الإسلامي، تعكس أثر صدق الإيمان، وحُسن الاتباع للنبي، وكذا فضل الصلاة عليه، صلى الله عليه وسلم...رجلٌ من عوام المسلمين لم يجد مجيراً ضامناً له من الناس، فاتخذ النبي ضامنا له يوم عز الضامن!!! فأي إيمان ويقين دفعه إلى ذلك؟ وأي إجارة هذه تلك التي أجاره النبي بها؛ إذ نجا من سجنه، وربح أربعة آلاف دينار، أي ثمانية أضعاف الدين؟؟؟ وأي امرأة هذه تلك التي لم تبك أو تنوح حين علمت بالحكم بسجن زوجها، وإنما حثته على ذكر من استجار به،ومعرفة مقامه وفضله بالصلاة والسلام عليه!!! فكانت النجاة، وكانت البركات من كل حدبٍ وصوب؛ إذ تحول من متهمٍ، ومدين سجين إلى موضع التكريم، ببركة صدق الاتباع لمحمد، وبركة الصلاة عليه... اللهم صل وسلم وبارك علي محمد في كل آنٍ وحين.