الجمعة العظيمة: محاكمة وصلب المسيح وختام أسبوع الآلام    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    شعبة المستوردين: الدولة نجحت منذ توافر الدولار وإعادة استقرار الأسواق وتوفير السلع    إدخال 237 شاحنة مساعدات من معبري رفح وكرم سالم لقطاع غزة    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    موعد مباراة الاتفاق والفيحاء اليوم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    بمشاركة متسابقين من 13 جنسية.. وزير الشباب والرياضة يطلق إشارة بدء فعاليات ماراثون دهب الرياضي للجري    الشارقة القرائي للطفل.. تجربة واقعية لقصة ذات الرداء الأحمر    نائب وزيرة التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    تطور جديد بشأن حماية المسنين والقومي لحقوق الإنسان يعلق    خطيب الجمعة الأخيرة من شوال: يكفي الأمين شرفًا أن شهد له الرسول بكمال الإيمان    تركيا: تعليق التجارة مع الاحتلال حتى وقف إطلاق نار دائم في غزة    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: 140 صحفيا فلسطينيا استشهدوا منذ 7 أكتوبر    تراجع ملحوظ في أسعار السلع الغذائية بالأسواق اليوم    وزير التنمية المحلية: بدء تلقي طلبات التصالح على مخالفات البناء 7 مايو    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    ضبط سيدة في بني سويف بتهمة النصب على مواطنين    تحرير 2582 محضراً في حملات تفتيشية ورقابية على الأنشطة التجارية بالشرقية    توريد 107 آلاف و849 طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    اليوم.. الإعلامي جابر القرموطي يقدم حلقة خاصة من معرض أبوظبي للكتاب على cbc    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    أحمد السقا: التاريخ والدين مينفعش نهزر فيهم    التضامن تكرم إياد نصار عن مسلسل صلة رحم    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    هيئة الدواء تكشف طرق علاج قصور القلب، وهذه أهم أسبابه    خطوات التقديم على 3408 فرص عمل جديدة في 55 شركة    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    المطران شامي يترأس خدمة الآلام الخلاصية ورتبة الصلب وقراءة الأناجيل الاثنى عشر بالإسكندرية    الوزراء: 2679 شكوى من التلاعب في وزن الخبز وتفعيل 3129 كارت تكافل وكرامة    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    ضبط 101 مخالفة تموينية في حملة على المخابز ببني سويف    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا وإصابة 6 أشخاص    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    مدير مكتبة الإسكندرية: العالم يعيش أزمة أخلاق والدليل أحداث غزة (صور)    الليلة.. تامر حسني يحيي حفلا غنائيا بالعين السخنة    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    زيادة جديدة ب عيار 21 الآن.. ارتفاع سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 في مصر    «اللهم احفظنا من عذاب القبر وحلول الفقر وتقلُّب الدهر».. دعاء يوم الجمعة لطلب الرزق وفك الكرب    «أمانة العامل والصانع وإتقانهما».. تعرف على نص خطبة الجمعة اليوم    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2024 في الدقهلية    لإنقاذ حياة المرضى والمصابين.. أمن بورسعيد ينظم حملة للتبرع بالدم    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريدة النقاش: نحيا في ظل نظام «استبدادي»
في حوارها ل «المصريون»
نشر في المصريون يوم 18 - 08 - 2016


الفساد يزداد بصورة أكبر من عصر مبارك
تاريخنا مع الاقتراض من «صندوق النقد" أسود
«الشباب» يُعاقبون على تمسكهم بأهداف الثورة
أهم إنجازات «السيسي» إزاحة الإخوان
«محدودو الدخل» تجرى المتاجرة بهم فى الخطب
وزير «الداخلية" طبعة جديدة من «العادلي».. وغير ناجح أمنيًا
الرئيس يتعمد تهميش الأحزاب السياسية
أخشى أن يدفع «المدنيون» ثمن مواجهة الإرهاب فى سيناء
الفساد يزداد بصورة أكبر من عصر مبارك
ما حدث بالبلاد بعد ثورتين هو تغيير في «الأشخاص»

سياسية وصحفية يسارية، اعُتقلت أكثر من مرة فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لعل أشهرها اعتقالات سبتمبر، التى قام بها الأخير قبل اغتياله بأسابيع قليلة، لتدفع الأم الحبيسة داخل القضبان بعيدًا عن أولادها الصغار، ثمنًا لفاتورة إيمانها بأفكارها.
وفى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، واصلت تمسكها بالدفاع عن الطبقات المهمشة، والتى ترى أنها تأذت كثيرًا بسبب السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة على البلاد، والتى مضت بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو على الدرب نفسه، فى تجاهل واضح لمحدودى الدخل، بحسب تصريحاتها.
إنها الصحفية المعارضة فريدة النقاش، رئيس تحرير جريدة "الأهالي"، والقيادية فى حزب التجمع، تحدثنا فى هذا الحوار عن رأيها فى تعاطى الحكومة مع الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد من خلال الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وهل "الصندوق" هو الحل لمشكلاتنا الاقتصادية أم أن هناك حلولاً لم تطرقها الحكومة بعد؟ وتقييمها لأداء الرئيس ولتبنيه ما يُسمى ب"المشروعات الكبرى"، وأهم الملفات التى نجح فى إدارتها، وأسباب العلاقة المتوترة بين الرئيس والشباب، وتقييمها لأداء وزارة الداخلية، ولماذا ترى أن وزير الداخلية الحالى طبعة جديدة من حبيب العادلى؟ وتقييمها لسقف الحريات، وتأثير ملف حقوق الإنسان على "النظام"، وحقيقة صراع الأجهزة الأمنية، ولماذا وصفت النظام الذى يحكم البلاد ب"الاستبدادى"؟
فى البداية.. زيادة سعر صرف الدولار وانعكاسه على الأسعار.. كيف تقيمين الوضع الراهن فى ظل رغبة مصر فى الاقتراض من صندوق النقد الدولى؟
أولاً لا بد من معرفة سبب الأزمة، وللأسف هى ممتدة من زمن طويل، لأن السياسات التى تبناها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، مازالت هى المتبعة حتى الآن، بل أصبحنا أسوأ بإضافة ضرائب جديدة على الفقراء، وعدم الاقتراب من الثروات الكبيرة، التى تقدر بالمليارات، لمن يسمون أنفسهم رجال أعمال، لأن هذه الثروات معظمها نشأ فى ظروف الفساد الشامل.
ومن بداية عصر السادات وهناك تزاوج بين الاستبداد والفساد، فكان الاقتراب من السلطة والارتباط بها، والاستفادة منها وتنفيذ مشروعاتها هو المصدر الرئيسى لتكوين الثروات الهائلة بالمليارات، على الرغم من وجود رجال أعمال وطنيين فى السابق أبرزهم طلعت حرب، الذى راكم ثروته من الإنتاج، وليس من بيع القطاع العام أو التقرب من السلطة أو السرقة، لذا أصر على أنهم "ليسوا رجال أعمال" على الرغم من وجود قلة بينهم راكمت ثرواتها عبر الإنتاج يعبرون عن رجال الأعمال الوطنيين.
وعلينا ألا ننسى أن سياسات صندوق النقد الدولى، وهيئة المعونة الأمريكية، التى اتبعناها وكل الروشتات التى استعانت بها مصر منذ عصر السادات وقانون الانفتاح الاقتصادى، هى التى أدت إلى ما نحن فيه من أزمات اقتصادية، لأنها تكلف الفقراء فاتورة هذا الإصلاح.
والحل هو فرض ضرائب تصاعدية كما هو معمول به فى معظم بلدان العالم الرأسمالية، فهذه الضريبة ليست من فكر النظام الاشتراكى بل أصيلة من "الرأسمالية" التى تؤمن بها الحكومة، وكذلك هناك الضرائب على أرباح البورصة التى قامت الحكومة بفرضها، ثم عادت وتراجعت عنها بعد شهرين تحت ضغط وغضب كبار أصحاب الملايين فى البلاد، وما زاد من الأزمة هو زيادة عدد السكان وتدهور تعليم الفقراء، ووصلنا إلى مفهوم "كى تحصل على تعليم عليك أن تدفع آلاف الجنيهات"، فالمجتمع المصرى منقسم بين أقلية مالية مالكة راكمت ثرواتها لا نعلم من أين، وبين الأغلبية العظمى من المصريين الذين يعانون دون أى سبب.
رأيك فى المشروعات التى تبنتها الحكومة لتطوير العشوائيات؟
المسئول عن الإحصاء فى مصر، يقول بأن 60% من ريف أسيوط من الفقراء، وكذلك هو الحال فى سوهاج، ومنذ أن أنشئت مجموعة المشروعات الكبرى فى الصعيد من السد العالى وشركة كيما ومجمع الألومنيوم فى عهد عبد الناصر، لم نر بعدها سوى مشروعات تافهة لا توظف أبناء الصعيد، وبالتالى أخذ الفقر يتزايد، وبدأت عملية الهجرة الواسعة من الريف إلى المدن، مما أدى إلى نشوء العشوائيات، وستنشأ عشوائيات جديدة طالما أن السياسة التى أدت إلى بروز العشوائيات لم تتغير، ولا تزال قائمة، وما نحن فيه هو امتداد لسياسات تم اتباعها لمدة 50 عامًا ولم تتغير.
الحكومة تناقش مشروع قانون القيمة المضافة.. كيف يمكن أن يؤثر ذلك على فقراء الشعب؟ وهل هذه هى أفضل الحلول؟ وكيف ترين انحيازات النظام الاجتماعية؟
للأسف القيمة المضافة سيتحملها من تجرى المتاجرة بهم فى كل الخطب، وهم محدودو الدخل، وهم من يدفعون الثمن لخلل هذه السياسات، ولكن الصبر من سمات الشخصية المصرية، والمواطنون قد لا يتحملون هذه السياسات، والرئيس رجل مخابرات، واعتمد فى مشروعه السياسى على المعلومات، ومن المؤكد وصلته هذه المعلومات، وعندما قابلناه قلنا له إن هناك حالة عدم رضا عام فى الشارع المصرى ولا بد أن يتم وضع ذلك فى الاعتبار.
والانحيازات لا تحتاج إلى تنجيم، فهى واضحة فى السياسات التى يتم اتباعها، وتاريخ صندوق النقد الدولى معنا أسود، وهو يقدم مشروعه وعلينا أن نختار، فعلى سبيل المثال ماليزيا رفضت مشروع صندوق النقد وعبأ مهاتير محمد، البلاد وجعل البلاد صناعية، وبالتالى الاقتراض لن يحل الأزمة، لأننا بالفعل لدينا دين رهيب سواء داخلى أو خارجى، وعند زيادة هذا الدين ستتحمل الأجيال القادمة أعباء جديدة.
الرئيس السيسى يحب عبد الناصر ولديه مشاعر عميقة تجاه الفقراء، ولكن أفكاره السياسية الاقتصادية والاجتماعية هى أفكار السادات ومبارك من خصخصة وبيع لممتلكات وأصول الدولة، والمجموعة الاقتصادية المتواجدة تعمل لصالح صندوق النقد.
ما أهم الملفات التى نجح فيها الرئيس؟ ورأيك فى المشروعات الكبرى التى يتبناها؟
أهم ملف من وجهة نظرى هو إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن حكم البلاد، فأعتبره إنجازه الرئيسى، وأنا ممتنة له ولولا ذلك لكانت البلاد دخلت فى حرب أهلية، والملف الثانى هو مواجهة الإرهاب، ولكن لا أخفى توجسى مما يحدث فى سيناء وأخشى أن يكون المدنيون هم من يدفعون أثمانًا باهظة لعمليات مكافحة الإرهاب، على الرغم من أن الجيش يؤكد أنه يتأنى حتى لا يؤذى المدنيين، وأتمنى أن يكون هذا الكلام حقيقيًا لأنه لا توجد معلومات كافية عن الموضوع.
والتفريعة الجديدة بها مشكلة كبيرة وهى المدة الزمنية التى انتهى بها المشروع، مما أدى إلى زيادة التكاليف أضعافًا، على الرغم من أننا لم نكن بحاجة إليها بهذه السرعة، فكان من الممكن أن يتم المشروع خلال 3 سنوات، خاصة فى ظل التراجع الكبير فى التجارة العالمية، على الرغم من أهميته الكبيرة للبلاد لا سيما أنه جنبنا مشروعات كانت تنوى إسرائيل القيام بها، وكذلك محور قناة السويس من المشروعات التى لها أهمية كبيرة، وما أراه أيضًا أن الرئيس يسير بإيقاع والدولة القديمة الفاسدة تسير بإيقاع مختلف.
بعض الخبراء يقولون بأن اهتمام الرئيس بالمشروعات الكبرى لا يحقق النمو الاقتصادى الذى ينعكس فى النهاية على المواطن محدود الدخل فى ظل غياب للصناعة والإنتاج.. رأيك فى هذا الطرح؟
صحيح.. ليس هناك حتى الآن رغبة فى فتح هذا الملف، على الرغم من الحديث الدائم عن تشغيل المصانع والطاقة المعطلة، وليس هناك مشروع متكامل لدى النظام ولا توجد رؤية ونتعامل مع القضايا بشكل جزئى، فهناك مصانع معطلة تشرد بسببها آلاف العمال، وفقدنا معها ثروة المصانع، بل أيضا العمال الذين راكموا مهارات وخبرات، لأنهم الثروة الحقيقية التى نملكها، فهناك أخطاء فادحة فى هذه السياسة على الرغم مما يتم إنجازه من مشروعات.
بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. كيف يمكن تقييم وضع الحريات الآن؟
ما حدث فى الثورتين هو تغيير فى الأشخاص، ولكن يظل التخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين إنجازًا كبيرًا، لأن مشروعهم كان مدمرا للبلاد كلها، ولكن هذا لا يكفى لأنه من المفترض بعد 25 يناير و30 يونيو أن تتحقق الكثير من المطالب، وهذه العبقرية التى أظهرها الشعب المصرى فى الاحتشاد وإسقاط رئيسين فى ثلاث سنوات، كان لا بد أن يتبعها سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة، وهناك نموذج بسيط على عدم تغيير السياسات القديمة مثل القوانين المقيدة للحريات والتى تراكمت منذ الحكم الملكى مرورًا بالنظام الناصرى أو أنور السادات ووصولاً إلى حسنى مبارك، لم تتغير بل على العكس أضاف إليها النظام الجديد قوانين أكثر تقييدًا مثل قانون التظاهر، على الرغم من أن إلغاء القوانين المكبلة للحريات كان مطلباً من مطالب الثورة والتى كانت "عيش- حرية- عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية"، والتى أضيف إليها بعد 30 يونيو "لا للدولة الدينية"، ومن المؤسف أن الشباب الذين رفعوا هذه الشعارات يقبعون الآن داخل السجون، وما نحياه ليس تعثرًا فى الوضع الاقتصادى فقط، بل فى وضع الحريات العامة.
بذكر شاب الثورة المعتقلين.. هناك الكثير منهم داخل السجون بتهمة خرق قانون التظاهر.. كيف تبدو العلاقة بين الرئيس والشباب؟
الرئيس يحاول أن يقيم مشروعات يجذب بها الشباب، لكن هذا ليس المطلوب، وعندما التقى بمجموعة من المثقفين منذ حوالى شهرين كان المطلب الرئيسى هو مراجعة أوضاع هؤلاء الشباب والإفراج عنهم، ولا يجوز للشباب الذين ساهموا فى إنجاز هذه الثورات أن يكون مصيرهم السجن.
والشباب يعاقبون لأنهم أصروا على إنجاز الأهداف التى طرحوها فى الثورة، بينما النظام الجديد والرئاسة لديهما أهداف أخرى، وهناك ظاهرة لا بد من التوقف عندها وهى أن الرئيس معنى مباشرة بالمشروعات فقط، على الرغم من أهميتها ولكن هذا لا يكفى، وأى حكومة لا بد أن تنجز مشروعات ولا يمكن ألا تحقق شيئًا وبالتالى أمر طبيعى أن تقيم مشروعاتها، ولكن ما يسمونه إنجازات مثل مشروعات الطرق وإسكان العشوائيات لا بد أن ترتبط برؤية، لأن ما نفتقده هو غياب الرؤية، وهم يرون أن ربط الجروح سوف يخلصنا من المشكلة، ولكن علينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة، وأن الفساد زاد عن عصر مبارك، وأكبر دليل ما حدث فى قضية فساد توريد القمح، يعبر عن وجود أصحاب مصالح من المستوردين أصحاب سلطة حقيقية فى البلاد وأصحاب نفوذ كبير على السياسات المصرية، وبالتالى مشروعا يناير ويونيو لم يتحقق منهما سوى القليل.
وزارة الداخلية.. كيف تقيمين أداءها وتعاملها مع إدارة الأزمات التى تمر بها بالبلاد لا سيما فى قضية اقتحام "نقابة الصحفيين"؟
أرى أن اللواء مجدى عبد الغفار، هو طبعة جديدة من وزير الداخلية الأسبق حبيب العدلى، ولكن على صورة أقل ذكاء، لأن العادلى كان سياسيًا ويمتلك رؤية سياسية للأمور، وحتى هذه اللحظة لا أستوعب ما قام به عبد الغفار من اقتحام لنقابة الصحفيين، فهذه أول مرة يُقدم نقيب الصحفيين للمحاكمة، فهى طريقة مبتذلة وليس بها قمع فقط، إنما "غباء"، وذلك لأنه يعادى فئة كبيرة ومؤثرة فى المجتمع، فهو يريد إرهاب الصحفيين.
وأرى أن الوزير غير ناجح فى مكافحة الإرهاب، ولكن فكرة الأكمنة الثابتة التى تصر عليها الوزارة على الرغم من الاعتداءات واستهداف رجال الشرطة فى العريش أو الشيخ زويد ، يدعو إلى سؤال: "لماذا لا تتم إعادة النظر فى هذه الفكرة؟"، إضافة إلى أن الطريقة التى اغتيل بها النائب العام هى نفس محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، وكل هذا يدعو إلى إعادة النظر فى المنظومة ككل، ولا يزال المطلب بإقالة الوزير قائمًا.
لماذا لم يستجب الرئيس لمطلب إقالة الوزير على الرغم من كل التظاهرات التى خرجت أمام النقابة رفضًا لما حدث من اقتحام؟
أذكر وقت الأزمة مع وزير الداخلية الأسبق زكى بدر، كنا نطالب بإقالته حتى أننا سودنا صوره فى الصفحات، ولم تتم الاستجابة وقتها لهذا المطلب، لأن النظام الأمنى يعتبر نفسه تعرض لإهانة كبيرة فى حال استجابته لهذه المطالب، وحتى فى هذه اللحظة تقدم الصحفيون فى لجنة الخمسين بقانون الصحافة والإعلام، ووافقت الحكومة، ومع ذلك يرفضون عرضه على النواب لأن هناك يقين لدى النظم الاستبدادية بأنها إذا استجابت للمطالب الشعبية سيطمع فيها الشعب، وهذا هو الإطار الذى يتحرك فيه وزير الداخلية والنظام الأمنى ككل.
بذكر النظم الاستبدادية.. هل تحيا البلاد فى ظل نظام استبدادى؟
بالطبع.. والدليل ما كنا نسميه أيام مبارك ترسانة القوانين المقيدة للحريات، ولكن الملامح تغيرت؛ لأن الشعب أصبح طرفًا بعد ثورتين، ومن الصعب تجاهله، وأصبح الصراع أكثر احتدامًا، ولكن الإطار العام للدولة القمعية موجود.
وهل فى ظل هذا النظام يوجد لما يُطلق عليه البعض "صراع الأجهزة الأمنية"؟
أتأمل طويلاً فى تعبير الدولة الأمنية، وأجد أن هناك أحيانًا صراعات لا يعلم الشعب عنها شيئًا، رغم أن الحكومة والرئيس يرددان الحديث عن الشفافية والوضوح والمصارحة، لكن هناك صراعات داخل السلطة وبين الأجهزة الأمنية، نحن لا نعلم عنها شيئا، وهذا الأمر من سمات الدولة الأمنية.
هناك حديث دائم عن "الدولة العميقة".. هل تعتقدين أنها توحشت بالدرجة التى أصبحت أكبر من أن تتم مواجهتها أم أن هناك غيابًا للإرادة من الأساس للمواجهة؟
كان لا بد من إجراء عملية إعادة بناء، والسيسى عندما جاء كان مشغولاً بشيء أساسى وهو الاستقرار وتجنب الحرب الأهلية، لأنه كان يخشى من مصير ليبيا وسوريا واليمن ودول المنطقة المحيطة بنا، وهو من الأساس جاء مسنودًا على قوة كبيرة وهى المؤسسة العسكرية، وهذا لم يكن متوفرًا بطريقة مباشرة للرؤساء السابقين، الذين تركوا الجيش قبل توليهم منصب الرئاسة بفترة، ولم يكن لهم علاقة مباشرة بالجيش على عكس السيسى، الذى له علاقة مباشرة بالجيش.
الأحزاب السياسية.. كيف يمكن استعادة دورها فى ظل غياب واضح لها فى الشارع المصرى طوال عقود طويلة؟
أؤمن بأن الأحزاب رغم ضعفها لعبت دورًا فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو بشكل غير مباشر، بمعنى أن كل التراكم الذى قامت به الأحزاب وصحف المعارضة هو الذى أنتج هؤلاء الشباب، ورغم كل القيود على الحريات، فمن المؤكد أنهم استفادوا من الدور الذى لعبته الأحزاب، على الرغم من أنها لم تكن المحرك الأساسى فى الثورتين، إلا أنها بشكل غير مباشر، أثرت فى الأجيال التى استطاعت أن تكون حركات تحرك بها الشارع المصرى.
وبعد انتخاب الرئيس السيسى، هناك محاولة كبيرة لتهميش الأحزاب وإبعادها عن الساحة، والدليل عند رعايته لبرنامج تأهيل الشباب القادة، تجاهل الأحزاب السياسية، على الرغم من أن الأحزاب لديها منظمات شبابية، وتعلمهم السياسة، فكان من المفترض أن أول جهة يتم التوجه إليها هى الأحزاب، فهناك محاولة من قبل الدولة والرئيس السيسى شخصيًا لاستبعاد الأحزاب وتهميشها، وبناء شكل جديد ليس حزبيًا، بل إعادة إنتاج لفكرة جمال عبد الناصر مثل الاتحاد القومى أو الاشتراكى، بحيث تجمع الجميع من حولك دون الاهتمام بالتنظيم الحزبى والتثقيف السياسى والمحاسبة والدور فى بناء سياسة الدولة.
والأحزاب ورثت ضعفها من السنوات السابقة، وأذكر أنه فى حزب التجمع كان هناك مظاهرات يتم تنظيمها بحوالى 100 فرد يكون من حولنا 5000 عسكرى، ومازلنا فى هذا الأسلوب الأمنى والدليل عندما أردت دخول النقابة لحضور اجتماع الجمعية العمومية، لم يُسمح لى بدخول شارع عبد الخالق ثروت المؤدى للنقابة إلا بعد الاطلاع على كارنيه النقابة.
الأحزاب اليسارية وحزب التجمع واحد منها لماذا لا يملك القدرة على التأثير فى الشارع المصرى على الرغم من الشعبية الكبيرة التى يحظى بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟
هذا واقع لا بد أن نعترف به، وهناك 3 عناصر أساسية، أولها التراكم التاريخى لعمليات قمع الحياة السياسية داخل البلاد وتحقيرها، سواء فى الإعلام أو القوانين المقيدة للحريات أو فى نظرة الدولة للأحزاب باعتبارها زائدة عن الحاجة ولا نحتاجها، فكان السادات يطلق علينا فى الأحزاب "الأراذل"، ومبارك كان يؤمن بأن يكوّن حزبًا والباقى يكون متفرجًا، والسبب الثانى هو انهيار التجربة الاشتراكية والاتحاد السوفيتى بالطريقة التى رأيناها وتفككه وانهيار المنظومة الاشتراكية، هذا جعل اليساريين يفقدون الثقة فى مشروعهم رغم وجود عمليات التجديد وإعادة النظر فى بعض الأفكار، لكن هذا الانكسار التاريخى لقوى اليسار أثر بها تأثيرًا كبيرًا امتد للفكرة التنظيمية وأهدافها وأصبح مطلوبًا أن تتم إعادة منظومة اليسار من جديد.
أما العنصر الثالث، هو البنية الداخلية للأحزاب اليسارية، والتى تأثرت بشكل كبير بالمجتمع والأفكار البرجوازية، فأصبحت الاشتراكية شعارات عند البعض، ولكن فى واقع الأمر نجد أن تطلعاتهم وأحلامهم هى التى ينتجها المجتمع البرجوازى، وعند انهيار الاتحاد السوفيتى تم تأكيد نظرية لديهم بأن الرأسمالية أفضل، وأذكر أن زكى مراد كان يقول بأن فى كل حبس نفقد 10% من الأعضاء، وما حدث للاتحاد السوفيتى جعل الكثير من اليساريين يتحولون إلى ضفة الرأسمالية ويصبحون معادين للاشتراكية.
ملف حقوق الإنسان.. كيف يمكن أن يؤثر على النظام فى ظل تقارير دولية تتحدث عن انتهاكات جسيمة؟
هناك تأثير بالغ السوء، وتعاملهم مع تقرير منظمة العفو الدولية لم يكن موفقًا لا سيما الحديث عن أن المنظمة ركزت على مصر وتعمدت تشويهها، على الرغم من أن التقرير رصد انتهاكات للممارسات الأمريكية فى العراق، ولم ترد بالطريقة التى ردت بها الإدارة المصرية.
وما قالته المنظمة به الكثير من الحقائق، والقضية أنه لم يكن الرد على ما قيل، إنما فى الحقيقة هم يردون على أنفسهم بحيث يظهرون الصورة التى يريدونها بأن مصر ملتزمة بحقوق الإنسان ولا يوجد بها تعذيب، لكن الحقائق تقول عكس ذلك، وكان أولى أن يحضروا التقارير ويتم الرد عليها.
ولا أنكر انزعاجى من كلام الرئيس لأحد القادة الأوروبيين بأنه لا يجوز مقارنتنا بأوروبا، فأراه منطقًا معوجًا وتبريريًا للأوضاع غير الديمقراطية الموجودة؛ لأن هذا الشعب استطاع أن يسقط رئيسين فى 3 سنوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.