تعاني مصر من أزمة اقتصادية تؤثر على جميع جوانبها الاجتماعية والسياسية؛ خاصة مع الارتفاع المستمر في سعر الدولار؛ وهو ما دفع الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، إلى اتخاذ عدة إجراءات اقتصادية للخروج من تلك الأزمة وسط تحذيرات من خبراء الاقتصاد من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على تلك الإجراءات التي وصفوها بالكارثية على الاقتصاد، مشيرين إلى أنها ستؤدي إلى انهيار، وليس إصلاحًا اقتصاديًا. الاقتراض من صندوق النقد أعلنت الحكومة اعتزامها اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتمويل البرنامج الاقتصادي ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرة إلى أن القرض سيساهم في سد الفجوة التمويلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري ومساندة الدولة في استكمال تنفيذ برنامجها الإصلاحي، والذي بدأ من خلال اعتماد البرلمان لبرنامج الحكومة والموازنة لعام 2016/2017. من جانبه أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور شريف دولار، حاجة مصر للاقتراض لعلاج أزمة الموازنة وسداد الالتزامات خاصة مع تدهور سعر الصرف، موضحًا أننا أصبحنا في حاجة إلى دفع فاتورة الغذاء، مستلزمات الإنتاج الأموال التي يجب إعطاؤها للشركات الأجنبية العاملة في مصر، مشيرًا إلى أن دول الخليج أصبح وضعها المادي سيئًا للغاية، ولم تستطيع إعطاء أي أموال لمصر. وأضاف دولار ل"المصريون"، أن هذا القرض يفرض على مصر عمل برنامج اقتصادي محدد لتحسن الوضع الاقتصادي المصري والالتزام به بشكل دقيق، بالإضافة إلي وضع بعض القواعد الخاصة بالتعريفة الجمركية، موضحًا أن مصر في انتظار أصعب 3 أشهر على الاقتصاد المصري رغم عدم أخذ فوائد علي تلك القروض. وأشار إلى انخفاض أسعار وتكلفة الاقتراض من صندوق النقد مقارنة بطرح سندات دولارية توجه لتمويل مشروعات استثمارية يتفق عليها مع هذه الجهات، مشددًا على ضرورة العودة إلى العمل والإنتاج لتعزيز إيرادات التصدير والسياحة، وتعويض عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات. طرح مؤسسات حكومية في البورصة أعلنت الحكومة عن طرح حصص شركات عامة حكومية وبنوك في البورصة بنسبة تتراوح بين 20 و30%، على أن يتم طرح أجزاء منها بالدولار لجمع ما بين 20 و40 مليار دولار، مؤكدة أن هذا الطرح ليس بيعًا أو خصخصة بل إدارة للأصول بهدف جمع نحو 10 مليارات دولار. الخبير الاقتصادي الدكتور شريف الدمرداش شدد على خطورة تلك الخطوة، مؤكدًا أنه سيكون هناك شركاء للحكومة من القطاع الخاص مما يعد خصخصة لتلك المؤسسات، موضحًا أن الميزة الوحيدة لهذا الإجراء أنه يعد مورد تمويل إضافيًا لهذه الشركات عن طريق توسيع رأس مالها وزيادتها مما يجعلها تتوسع في أعمالها. وأوضح الدمرداش، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه ضد خصخصة القطاعات الحكومية خاصة أن الخطورة تزداد عندما تكون الشراكة من قبل جانب غير مقبول؛ لأن الشريك ممكن أن يكون يهوديًا أو أجنبيًا من أي جنسية أخرى، مطالبًا الحكومة بإعلان أن الأمر قاصر على المصريين فقط؛ خاصة أن البورصة قابلة للتداول من قبل الأجانب، موضحًا أن بيع أصول الدولة تضحية بمستقبل الجيل القادم. وأشار إلى أن سياسة الدولة لحل المشكلات الاقتصادية هي بيع ما هو مملوك للشعب؛ مما يعني أن الدولة تعتمد على الشعب في حل الأزمة الاقتصادية، مؤكدًا أن جميع الحلول المطروحة والبعيدة عن زيادة الإنتاج والحد من الاعتماد على الاستيراد تأتي في إطار الجباية أو البيع. التعويم الجزئي للجنيه في الوقت الذي اشترط فيه صندوق النقد الدولي "التعويم للجنيه"؛ للموافقة على إعطاء قرض لمصر، قررت الحكومة تعويم الجنيه جزئيًا فقط لتفادي آثار التعويم الكلي على محدودي الدخل وارتفاع الأسعار. بدوره أكد الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، أن تعويم الجنيه سيؤدي إلى أوضاع كارثية، حيث من الممكن أن يتحول الاقتصاد المصري إلى اقتصاد جامح، وهو ما يعنى أقصى درجات التدهور الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الإقدام على تلك الخطوة يؤدي إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد أربعة أضعاف القيمة الحالية، وهو ما يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر. وأضاف "الشافعي"، في بيان له، إن أخطر ما يهدد الاقتصاد فكرة تعويم الجنيه بشكل رسمي في ظل ارتفاع الدولار، مؤكدًا أن هناك كثيرًا من الإجراءات التي يجب اتباعها لتحسين وضع الجنيه، منها وقف منع الدعم غير المبرر للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة التي تدر أرباحًا طائلة لأصحابها، وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى المدروسة وتقليل استيراد السلع غير المطلوبة.