في الوقت الذي يعاني فيه المصريون من ارتفاع الأسعار بطرق غير مسبوقة، جاء السعي وراء الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ ليزيد من ارتفاعها أكثر وأكثر، حيث تجرى غدًا السبت أولى مفاوضات الحصول على القرض. وقال عمرو الجارحي، وزير المالية: نستهدف الحصول على 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي على 3 سنوات، بواقع 4 مليارات سنويًّا، بفائدة بين واحد إلى 1.5%، مضيفًا: «نلجأ للصندوق لأن معدلات عجز الموازنة عالية جدًّا، إذ تراوحت بين 11 و13% خلال السنوات الست الماضية»، واصفًا قرض الصندوق بأنه «يعطي شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب». ويعاني الاقتصاد المصري من عجز في توفير العملة الأجنبية، مع عدم توفير مصادر دخول العملة؛ بسبب أزمة السياحة وتراجع إيرادات قناة السويس، مما رفع بسعر الدولار في السوق السوداء إلى 13 جنيهًا، وسط استقرار سعره الرسمي عند 7.88 في البنوك. وقال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي: إن شروط الاقتراض صندوق النقد الدولي معروفة للجميع، فهي روشتة بدون قلب أو مراعاة لأي بعد اجتماعي، ومن ضمن برنامج الإصلاح الذي يشترطه الصندوق على مصر، والذي بموجبه يتم إقراض مصر ال12 مليار دولار، تقليل العجز في الموازنة، ترشيد الاستيراد، محاربة الفساد، تعويم الجنيه، ومن ضمن الإصلاحات التي يرونها إلغاء الدعم على مرحلتين: الأولى الدعم الحالي، ويخفض إلى النصف، والمرحلة الثانية اختفاؤه، ومن بين الشروط ألَّا ينخفض سعر الدولار؛ لأنهم يرون أن الدولار الواحد يساوي 16 جنيهًا. وأضاف أن هذه الروشتة ستكون مؤلمة للطبقات الأقل دخلًا، فمعظم الخلافات التي تكون بين الدول والصندوق تنتهي بعد الاتفاق برفض الدول شروط الصندوق مراعاة للبعد الاجتماعي، موضحًا أن الدولة تحاول ألَّا تقترب من 30 مليون مصري في حالة العوز والفقر؛ تلافيًا لحدوث ثورة جياع، وكل ما يهم الدولة هو تقليل الآثار الموجعة؛ لعدم إحساس هذه الطبقة بها، إلَّا أن هناك 40 مليون سينتقلون من مرحلة الطبقة المتوسطة إلى طبقة العوز، بعد تنفيذ شروط النقد الدولي للحصول على القرض، وبالتالي سترتفع النسبة من 30 إلى 70 مليون مصري يقفون تحت خط الفقر. وقال رضا عيسى، الباحث الاقتصادي، إن استمرار عمليات الاقتراض بشكل كبير تتحمله أجيال قادمة، وتكتوي بناره الأجيال الحالية، جراء عمليات ارتفاع الأسعار؛ نتيجة لإملاءات صندوق النقد الدولي مقابل القرض، وما تفعله الحكومة هو عمليات اقتراض جديدة لسد فوائد القروض القديمة، مضيفًا أن السلطتين التنفيذية والتشريعية لديهما اتفاق على تحصيل ضرائب جديدة من المواطن، ومما لا شك فيه أن الدولة ستوافق على شروط صندوق النقد للحصول على القرض، وفي مقابل ذلك يتحمل المواطن هذه الشروط التي من بينها رفع الدعم وتخفيض قيمة العملة المحلية في مقابل رفع قيمة الدولار.