تمنيت على الربيع العربى الذى مر بديارنا مروراً كريماً، وأسمع الدنيا وقع أقدامنا وهى تعبُرُ إلى المستقبل بنفس أبية وروح عالية على دماء الشهداء، تمنيت أن يكون الربيع انطلاقة جديدة نحو حقبة تاريخية, وأن يكون التغيير جذرياً حتى يتسنى لنا أن نستشعر ثمار هذه الثورة، وإذا بالربيع يتحول إلى خريف، سقطت أوراق الأشجار عنه، و تناثرت بعد أن ذوت، ووقفت الأشجار عارية، وتحولت مصر إلى ساحة من المؤامرات والوحيد الذى يدفع الثمن هو أبناء هذا الوطن، وكأن أى مؤامرات لا تحلو إلا بقربان، إنَّ الغابة حين تحترق تهرب الطيور منها ،إنَّ ثقافة الحرق السياسى هى أشهر أنواع الحرق رواجاً فى هذه الآونة ، فشتى التيارات الموجودة على الساحة تحاول أن تحرق الطرف الآخر، والأغرب أن محاولات الحرق تمتد لتحرق الوطن بأسره، إنَّ حرق الحوار وإغلاق بابه هو حرق للغابة لأنه ببساطة حرق لأبجديات التعامل فى المرحلة المقبلة، إن اختلافنا حول الهدف الأسمى وحول وسائل إنجازه هى حرق أيضاً للغابة ومن فيها، وحين تحترق الغابة لا يعد هناك مجال للطيور أن تحلق آمنة، وتهجرها الطيور على اختلاف أشكالها وألوانها، إن العصيان المدنى هو عود الثقاب الذى يأتى على ما تبقى من بقايا الوطن لأنه يضرب الاقتصاد فى مقتل، ويصيب الحياة بالشلل فضلاً عن أنها فى غرفة الانعاش منذ بدأت الثورة وظنى أن العقلاء من أبناء هذا الوطن لا يرضون بحال أن تحترق الغابة بمن فيها، و لا يرضون أن يحملوا الثقاب إذ كفى الغابة ما مر بها من صواعق أشعلتها، إننى أستشرف ما يمكن أن يحدث بأمل يصل إلى درجة اليقين أن الفكرة إن أصر عليها من روجوا لها ستفشل فشلاً ذريعاً لأن أبناء الوطن لا يرضون لمركب السير أن تتعطل، ولا يقبلون تدمير الاقتصاد وفى المقابل يجب على الحكومة أن تُرِى الشعب ما يهدئ من روعه ويسكن ثورته، لابد من تطهير الداخلية ومعاقبة المتسببين فى قتل الأبرياء من أبناء الوطن، وتعرية ما تبقى من بقايا النظام حتى يستشعر الناس التغيير الحقيقى، وأن يبدأ الإعداد للدستور على التوازى مع الاستعداد لانتخابات الرئاسة حتى يعود العسكر إلى ثكناتهم، وتبقى كلمة للثائرين ، لقد أنهكت لتظاهرات المجتمع، والقوى ،والاقتصاد، نريد أن نهدأ حتى يعود الأمن، وحتى يشعر الناس بالاستقرار، فلنلتقط الأنفاس حتى نفسح المجال لعجلة الإنتاج أن تسير فى الاتجاه الصحيح.