عبرت الحكومة بشكل صريح عن أزمة نقص الدولار وارتفاع سعره الذي كسر مستوى 13 جنيهًا في السوق السوداء قبل أن يتراجع إلى نحو 12 جنيهًا، قائلاً على لسان وزير المالية عمرو الجارحي، إنها لا تشعر بأي قلق تجاه ارتفاع الدولار في السوق الموازية لعلمها بقوة ومتانة الاقتصاد المصري وقدرته على تجاوز الأزمات، وإن إصلاح الخلل في الاقتصاد المصري نابع من داخل الحكومة وليس لصندوق النقد الدولي أي دخل فيه، مضيفًا: "الصندوق لم يطلب مننا أي شروط وكل ما قيل عن وجود شروط غير صحيح بالمرة وغير حقيقي". وذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي،خلال لقائه مع شباب البرنامج الرئاسي، أن القوات المسلحة تدخلت كطرف في السوق للعمل على كبح الأسعار، مشددًا على أن الدولة تتدخل لضبط الأسعار. فيما يرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة تجاهلت تأثير ارتفاع الدولار ونقصه خلال الفترة الماضية على الأسواق المصرية المختلفة ومن ثم زيادة الأعباء الضريبية ،في ظل عجزها عن إيجاد أية حلول لهذه الأزمة. وأكدوا أن جميع المؤشرات الاقتصادية ظهرت بشكل سلبي محققة أرقامًا قياسية لدلل على اتجاه مصر في طريق خاطئ ينذر بتفاقم المشكلات الحالية وعلى رأسها أزمة نقص الدولار، مما يعكس بُعد الحكومة عن الشارع وتواجدها في جزر منعزلة قد يكون لها آثار كارثية في المستقبل. قال شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي, إنه عندما يكون حجم الاستيراد الخارجي سنويًا بقيمة تتجاوز ال70 مليار دولار والدين الخارجي تخطى 53 مليار دولار, وليس هناك موارد دولارية من السياحة أو تحويلات المصريين كما يوجد تراجع في قيمة الصادرات وتباطؤ في حركة الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، وتأتي الحكومة تعلن عن عدم قلقها من ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه، يؤكد أن المسئولين في مصر يعيشون بمعزل كامل عن المواطنين الذين شعروا بارتفاع الأسعار قبل أن يتم تطبيقه، بسبب غياب الرقابة وزيادة جشع التجار . وأضاف في تصريحات خاصة ل"المصريون" أنه لا توجد معايير حقيقية تستند إليها الحكومة في عدم القلق، مما يعني عدم وجود أساس علمي خاصة بعد أن ارتفعت أسعار جميع المنتجات والخدمات الأساسية على رأسها الكهرباء والمياه والأدوية التي وصلت أسعارها إلى نحو300%، بخلاف أسعار الأكل والمشروبات بنسبة 14% خلال عام واحد فقط. وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي قيم الوضع الاقتصادي المصري من خلال المؤشرات الحالية وتوصل إلى أن سعر الدولار العادل مقابل الجنيه هو 16 جنيهًا، ومن ثم يجب على المركزي أن ينفذ هذا التوجه للحصول على موافقة الصندوق على قرض ال12 مليار دولار، ومن ثم فإن زيادة سعر الدولار مع تقليل النفقات العامة وفرض مزيد من الضرائب كل هذا سيخلق ضغوطًا تضخمية على المواطنين قد تؤدي إلى زيادة نسبة الفقراء بانضمام الطبقة المتوسطة إلى الطبقة الفقيرة. ويقول الدمرداش إن فوائد الحصول على قرض صندوق النقد الدولي ربما تكون أقل نفعًا على المواطنين من الاستغناء عنه إذا لم يتم تحديد أوجه صرف هذه الأموال. وفي سياق متصل، يقول حسام الغايش خبير أسواق المال، إن عدم قلق الحكومة يحتمل وجهين، الأول هو إعطاء ثقة أكبر للمواطن بأن الاقتصاد المصري قادر على تحمل الصدمات وبخاصة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، وبالتالي ارتفاع تكلفة الاستيراد للدولة والمستثمرين، أما الوجه الآخر فقد يكون هذا التصريح مثابة تلميح لتعويم أو تعويم مدار الجنيه المصري.
وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن الثقة بين المواطن والدولة تنبع من استقرار الأسعار وقدرة الدولة على حماية المواطن من الاستغلال وهذا يحتاج إلى جهود وعمل على الأرض للأسف لم يحدث حتى الآن.