زيادة جديدة فى معدلات الفقر والفقراء فى مصر.. يؤكدها الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بتجارة بنها بعد إقرار قرض الصندوق الدولى، معتبراً ما يحدث الآن بمثابة إعلان آخر لما ستشهده الأسواق من ارتفاع عام لأسعار السلع والخدمات.. وروشتة مسبقة بدأت وتستكمل للحصول على هذا القرض، فنصيب الفرد من الدعم العينى بالفعل فى انخفاض متدرج، والخدمات والمرافق نار فى أسعارها من فواتير الكهرباء للمياه للعلاج لكل شىء.. وعلى وجه الخصوص كل الخدمات والمرافق التى خضخصت حتى الرسوم الجامعية والمدرسية وقيمة الدروس الخصوصية ارتفعت وسترتفع أكثر من ذى قبل.. فانخفاض سعر صرف الجنيه المصرى وما يتبعه من ارتفاع لجميع أسعار الصرف وخاصة الدولار جعلت فاتورة الواردات أضعاف أضعاف قيمتها ومن ثم ارتفاع شامل ليس للسلع المستوردة فقط بل المحلية الصنع قبلها، تحت مزاعم وشماعات الدولار.. كل ذلك والأجور لعامة الشباب والموظفين محلك سر، والتى ان زادت فلن تكون بقدر ارتفاعات الأسعار المتتالية، ومن ثم سوء أحوال مختلف الطبقات من الكادحة حتى المتوسطة التى تتآكل بالفعل يومًا بعد الآخر، ولاتزال تتدحرج يوميًا للطبقة الكادحة.. والمستفيد من كل ذلك هم المحتكرون ورجال المال والأعمال وأصحاب المهن الحرة من أصحاب العيادات والمكاتب الاستشارية، والفاسدون والمفسدون.. ولكل من يعترف بحجم الأعباء المتفاقمة جدًا فيما بعد اتمام القرض عليه بقراءة أحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2015 الذى أكد أن 81٪ من الفقراء فى الأساس لا يستفيدون من خدمات التأمين الصحى، وأن 14٫7٪ فى أغنى فئة إنفاقية حيث يبلغ إنفاقهم السنوى أكثر من 12 ألف جنيه، فى حين أن نحو 10٫8٪ فى أدنى فئة إنفاقية حيث يبلغ إنفاقهم السنوى أقل من 4 آلاف جنيه، و27٫8٪ نسبة الفقراء فى مصر خلال 2015 بعدما كانت 26٪ عام 2014.. وهو ما ينبئ بحسب الدكتور النجار بكوارث جديدة بعد الحصول على قرض الصندوق الدولى الذى رغم أنه حق لنا ولكنه سيزيد من أعبائنا، ولكن مش مهم، الأهم رضا الدول الكبرى الرأسمالية عنا وفى مقدمتها ماما أمريكا. ويرى الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية.. أن ارتفاع أسعار الدولار فى السوق السوداء جاء كنتيجة للسياسات المالية والتصريحات غير المسئولة من قبل مسئولى البنك المركزى، فقد أدى هذا إلى زيادة تكلفة الاستيراد، ومن ثم ارتفاع تكلفة المنتج المصرى وما نجم عن ذلك من غلاء شديد ومعاناة للفقراء ومحدودى الدخل. ونتيجة لعدم قدرة البنوك على تمويل جميع احتياجات المستوردين فقد لجأ المستثمرون للسوق السوداء لتغطية احتياجاتهم الاستيرادية وظهر جليا انخفاض احتياطى البنك المركزى من العملات الأجنبية، بالإضافة إلى تراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبى سواء متمثلة فى انخفاض السياحة والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج التى تعد أهم مصادر إيرادات مصر من العملة الأجنبية، وقد أدى ذلك إلى ارتفاعات كثيرة فى سعر الدولار فى السوق السوداء، ومن ثم كان على الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزى محاولة إيجاد مصادر جديدة لتمويل عجز الفجوة التمويلية من النقد الأجنبى.. ولذلك اجتمعت المجموعة الوزارية مع محافظ البنك المركزى وأعلنوا عن خطة إصلاح اقتصادى أهم نقاطها تمثلت فى الإعلان عن قرض قيمته 12 مليار دولار من الصندوق على 3 سنوات بمعدل «4 مليارات» سنويًا، بالإضافة إلى 9 مليارات أخرى من المؤسسات الدولية، وطرح سندات دولية، بالإضافة إلى بيع بعض حصص الشركات المملوكة للدولة فى البورصة سواء لمستثمرين محليين أو أجانب وضغط الإنفاق الحكومى.. وفيما يخص قرض الصندوق، فإن البعض يتخوف من الإجراءات الصعبة والشروط المجحفة التى يتطلبها صندوق النقد الدولى التى ستزيد من المعاناة الاجتماعية للشعب المصرى خاصة الفقراء ومحدودى الدخل كإلغاء الدعم أو تعويم العملة أو إلغاء التعيينات الحكومية، وما إلى ذلك، إلا أن الحكومة سارت على مبدأ مجبر أخاك لا بطل.. ولذلك وبحسب الدكتور رشاد عبده فالقرض ضرورة، ولكن بشرط وجود مفاوض شرس قوى يعمل على امتصاص أو تجنب أو خفض الآثار السلبية على المواطن المصرى وتعظيم مكاسب المجتمع المصرى من القرض. أكد وزير التموين الأسبق لواء دكتور محمد أبوشادى أن هذا الموضوع حتماً سيؤثر إيجابياً على سعر العملة، ويوفر احتياطيًا من النقد الأجنبى، ويواجه السوق السواء ويضربها فى مقتل. وأشار أبوشادى إلى أن الصندوق فى الماضى كان يفرض روشتة واحدة على كل دول العالم وكان الهدف منها هو زيادة تحرير السوق وتحويل النظام الاشتراكى إلى النظام الرأسمالى الحر، واليوم نجد أن صندوق النقد الدولى لم يفرض هذه الروشتة، لكنه يفضل التعاقد على أى قروض من قبل رؤية مقترحة لبعض الخبراء، وتكون من قبل الدولة نفسها، وليس من وجهة نظر الصندوق. إذا بعد أن كان الصندوق هو الذى يضع الروشتة أصبح يسمح للدولة بوضع هذه الروشتة، لكن فى الإطار الذى يؤمن به الصندوق، وأكد أبوشادى على وجود مشكلة فى إجراءات قد تضر بأصحاب الدخول الثابتة والفقراء، إذا أن هذه الاتفاقية ستزيد الفقراء فقراً. وأضاف أبوشادى أن من ضمن البرامج التى يطلبها الصندوق فكرة ضريبة القيمة المضافة التى يسعى إلى تطبيقها، وهى سترفع الأسعار إلى 15٪، أيضاً من ضمن الأساسيات فى البرامج التى يطالب بها الصندوق «تعويم سعر العملة»، تعويماً مطلقاً، وأوضح أبوشادى أنه لا توجد دولة فى العالم تستطيع تعويم سعر العملة، إلا بعد إنشاء صندوق لعملة احتياطية بها تنوع لسلة من العملات لمواجهة مخاطر التعويم فى شتى العملات، وحتى لا تكون مقصورة على عملة واحدة مثل الدولار وهى الرصيد النقدى لنا.