الحملة على عصام حجى إما أنها حملة "مضحكة" من الإخوان.. وإما مفزعة من أنصار نظام 3 يوليو. الإخوان وزعوا رسائل تفيد بقبولهم ما يصفونه ب"توبة" حجي.. وقلت إنها حملة "مضحكة" لأن كلمة "توبة" هو تعبير ديني، لا يجوز استخدامه فى الخلافات السياسية.. وقد تواتر بشكل لافت استخدام هذا المصطلح من قبل الجماعة، فى مخاطبة كل من فض ارتباطه مع السلطة، وتحول موقعه من على يمينها إلى يسارها، واتخذ موقفًا نقديًا من أدائها السياسي.
لغة فظة ومنفرة بل ومسرفة فى سذاجتها.. وغير مناسبة لما تتحدث عنه الجماعة بشأن "الاصطفاف".. أى اصطفاف ينادون به مع هذه العجرفة الطفولية البعيدة عن أى حس سياسى نصف احترافي؟!
ومن جهة أخرى فإن حملة أنصار السيسى على حجي.. مفزعة لأنها تعنى أن ثمة نزعة نحو البقاء فى السلطة بأى شكل.. وأن القوى الأمنية التى خرجت منتصرة بعد 30 يونيو، ترفض الاحتكام إلى نتائج الصناديق.. وإنها لن تقبل بمرشح منافس للسيسي.
كل ما قاله حجى كان عاديًا وطبيعيًا.. تجهيز منافس للرئيس الحالي، وهو حق لكل مواطن ولكل جماعة سياسية.
حجى لم ينادِ بالاحتكام إلى الشارع، أو إلى ثورة ثالثة، وإنما إلى الاصطفاف حول مشروع مدنى جديد يعرض على الرأى العام، من خلال صناديق الاقتراع، فى إطار تنافس سلمى على السلطة.. فلمَ تطلق عليه الوحوش المستأجرة لتنهش فى لحمه وعرضه؟!
ما الذى يزعج فى وجود منافس للسيسى فى الانتخابات الرئاسية عام 2018؟!.. أم أنها ستجرى بمرشح واحد "لا شريك" له؟!.. أم باستفتاء عليه وحده.. أم بمنافس مستأنس، يقوم بدور "المحلل" لاستكمال الشكل والطلاء والديكور؟!
هذا الانزعاج من كلام حجي، لا مبرر له إلا إذا كان النظام، يرتب لأمور لا علاقة لها بالتداول السلمى للسلطة.. وإنما بفرض شخص ما بقوة الأمر الواقع: هى كده وإن كان عاجبكم!
ما كشف عنه حجي، ليس جديدًا، فكثير من شخصيات عامة كبيرة ومؤثرة، ومحسوبة على ثورة يناير، مصدومة فى أداء النظام الحالي.. وتعتقد أن سلسلة الأخطاء، تضغط فى اتجاه البحث عن بديل.
الفكرة المطروحة منذ شهور، ترى أن البديل "المقترح" يكون شخصية عامة تحظى بتوافق وطنى عام، تصطف خلفه الجماعة الوطنية وتدعمه فى الانتخابات القادمة.
وهذا التيار الذى ينتمى إليه حجى وغيره، يدعو إلى السلمية وإلى التداول السلمى للسلطة، ويعتقد بأنه لا بد أن يكمل السيسى مدته الدستورية، ثم يطرح البديل كمنافس له فى انتخابات عام 2018.. وأن البلد لا تتحمل أى خيار آخر بما فيه خيار "الشارع" لظروفها الحالية شديدة القسوة والبؤس.
فما الذى "يزعل" فى هذا الكلام؟! ما الذى تريده القوى الرجعية التى هاجمت حجي، بلغة فضحت ما تخفيه صدورهم من كراهية وبغض للاحتكام إلى صناديق الاقتراع؟! ومن المستفيد من غلق هذا الباب فى وجه الجميع؟!.. إنه فى فحواه الحقيقى تحريض خبيث وغبى على العنف وعلى الإرهاب.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.