لرمضان مكانته الخاصة لدى الأتراك، فقد توارثوا الاستعداد له والاحتفال بحلوله وخاصة ليلة الرؤية وأول سحور وأول يوم حينما تجتمع الأسرة على مائدة إفطار واحدة، فى جو أسرى جميل يضم كل أفرادها خاصة الجدات والأجداد الذين يمثلون النفحة الجميلة الباقية للحفاظ على تقاليد وعادات رمضان التى تميزه عن باقى شهور السنة. ويتميز هذا الشهر الكريم فى هذا البلد بعادات خاصة سواء فى تخصيص وجبة ثالثة بين الإفطار والسحور، أو فى الأكلات التى يشتهر بها مثل كفتة داود باشا التى نقلوها لباقى الدول العربية التى دخلوها أيام السلطنة العثمانية أو خطاب الولاء من الزوج لزوجته أو حتى زغاريد رؤية الهلال. ويبدأ الاحتفال باستطلاع رؤية هلال رمضان بفرحة خاصة فبعد إعلان ثبوت الرؤية تنطلق الزغاريد من البيوت، التى مازالت تضم الأجيال الكبيرة كالجد والجدة ليعبروا عن هذه الفرحة التى زف بشائرها إليهم إعلان المفتى بميلاد الهلال وبدء الصوم فى اليوم التالي، لأنهم ينتظرونه من العام إلى العام فى لهفة وحب وحتى البيوت تجدها سعيدة بقدومه فتفوح منهاروائح المسك والعنبر وماء الورد فقد جرت العادة على نثر هذه العطور الطبيعية على عتبات الأبواب والحدائق المحيطة بالمنازل، وتزدهر حركة التجارة بشدة لأن تركيا تعتبر أكبر منتج ومصدر فى العالم لياميش رمضان سواء جوز الهند أو المشمشية أو التين أو الزبيب. ومن المظاهر المحببة والمفضلة لدى الأتراك، الزيارات المتكررة والمتبادلة التى تقوم بها العائلات لزيارة بعضها البعض، خاصة على موائد الإفطار، وفى المساء أيضا يخصص التليفزيون حوالى ثلاث ساعات يوميًا لإذاعة البرامج الإسلامية كالأفلام التسجيلية والمحاضرات الدينية والمناقشات للقضايا الإسلامية المعاصرة، كما يعتبر شهر رمضان فرصة عظيمة ومواتية للاتفاق على إتمام الزواج بين العائلات المختلفة التى يصبح عيد الفطر المبارك مناسبة بهيجة لإتمام هذه الفرحة فبعد أن تقوم والدة الخاطب بتقديم شال حريرى مطعم بالخيوط الذهبية والفضية للعروس كعربون محبة دائم لعروس ابنها يقدم الخاطب الذى يصحب أسرته سوارًا ذهبيًا ثمينًا لخطيبته تعبيرًا عن حبه وإخلاصه لها. تنار المساجد فى رمضان، وهى صلاة التراويح التى تتمتع بحب عظيم واحترام كبير عند أفراد الشعب التركي، فبعد تناول طعام الإفطار يهرع الأطفال والشباب والنساء والرجال ناحية الجوامع والمساجد لحجز الأماكن فى صلاة العشاء ومن بعدها صلاة التراويح التى تتم على المذهب الحنفي، ويقوم أهل الخير من الأتراك بتوزيع الحلوى على الأطفال المشاركين فى صلاة التراويح عقب انتهائها. قراءة القرآن الكريم. كان أهل الخير والجمعيات الخيرية فى الماضى القريب يقومون بإعداد موائد الرحمن المجانية لإفطار الصائمين الذين يدركهم وقت الإفطار وهم فى الشوارع أو فى الطريق إلى منازلهم، ولكن كانت الموائد تتم داخل المبانى والحوائط شبه المغلقة، ومن عادات الأتراك فى شهر رمضان أن يبدأوا إفطارهم بتناول التمر أو الزيتون، ويأكلون التمر والزيتون والجبن بأنواعه قبل تناول الطعام الشهي، والبعض يقوم لأداء صلاة المغرب أولاً، ثم يعود لمائدة الطعام مستمراً فى إفطاره، والبعض يكمل إفطاره ثم يؤدى صلاة المغرب، وفى شهر رمضان تقوم الأفران والمخابز بعمل خبز خاص لا يُرى إلاّ فى شهر رمضان ويسمونه ب"بيدا"وهى كلمة فارسية تعني"الفطير"، وهو نوع من الخبز المستدير بأحجام مختلفة ويباع بسعر أغلى من سعر الخبز العادي، والتى تمتلئ أو تحشى بالمكسرات وتسمى عند أهل الشرق بالقطائف) والجلاّش.