«لن تستطيعوا الحشد.. لن يثور الشعب ضدنا.. اجمعوا توقيعات كما يحلو لكم نحن باقون» سقطت هذه الكلمات من أفواه الموالين لجماعة الإخوان قبيل ثورة 30 يونيو، وإذا بشاب في أواخر العقد الثاني من عمره يقف وبدون هتاف ولا نقاش يضع تلك الكلمات تحت أقدام الملايين، بجمعه لأكثر من 22 مليون توقيع «تمرد» على عام من اليائس ودخول مصر في نفق مظلم لا شعاع أمل في آخره. الورقة التي أكدت أن معارضي حكم الإخوان ليسوا «اتنين تلاتة مزنوقين في حارة»، فهم كانوا أكثر من 30 مليون رافعين الكروت الحمراء أمام العالم أجمع ومن قبل أعلنوا الرفض على ورق، فكانت البداية ورقة، ورقة خرجت من يد شاب كان حلمه جمع مليون توقيع. فخرج بجسده النحيل يطبع ورقة التمرد على نظام الحكم، وكان الأمل في جمع مليون إلا أن التوقيعات التي تم جمعها وصل عددها إلى ما يقرب من 22 مليون توقيع حتى يوم 1 يوليو 2013، فهلَّ «بدر» واجتمع المصريون على قلب تمرد واحد، وحُدد مصير مصر أنه لا بقاء لمن لا يريده الشعب. «نجحتم في وضع ثورتكم على طريقها الصحيح وأبناؤكم يدعونكم للبقاء في الميادين للحفاظ على مكتسبات ثورتكم» هكذا هنأ الناشط السياسي، وأحد مؤسسي حركة تمرد «محمود بدر»، الشعب المصري في مشهد عزل الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي أعلنه الفريق -آنذاك- عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، بعد أن حققت فكرة «تمرد» الأثر الأكبر في تغيير مسار الحياة في مصر. فمن أبرز مؤسسيها «محمود بدر» الذي كان جزءًا من عائلة «ناصرية» في الأصل، وهو صحفي وناشط سياسي مصري، ولد عام 1985، في شبين القناطر، والده يعمل محامي، وعُرف عن عائلته أنها ذات ميول «ناصرية»، ولمع نجمه بعد تأسيس حركة «تمرد» كان من أحد مؤسسيها، والمتحدث باسمها. حصل «بدر» على بكالوريوس خدمة اجتماعية من أكاديمية «مودرن»، وعمل كصحفي في عدد جرائد منها «صوت الأمة» و«الدستور»، وقد تضامن مع رئيس تحريرها إبراهيم عيسى، ضد مالكها، وانتقل مع «عيسى» بعدها إلى جريدة التحرير، وتضامن بعدها مع زملائه ضد «عيسى» وسياساته، وانتقل لجريدة الصباح وعمل أيضًا في «البيان»، وعمل لفترة معد لبرنامج العاشرة مساءًا على فضائية «دريم»، وفي 26 أبريل 2013، أي قبل شهرين تحديدًا من ثورة 30 يونيو، أعلنوا عن بدء حملة «تمرد» ضد نظام الإخوان، ومن هنا بدأت رحلة «بدر» كأحد أبرز الشباب الذي ساعد في تغيير مسار مصر. وحتى اليوم، لدى «محمود بدر» مؤيدوه الذين يعتبرونه بطلا ويطلقون عليه «بطلًا متمردًا» ومن ناحية أخري يراه معارضوه «محمود بانجو»، ولكن ظلّ دوره في حركة تمرد ذا تأثير كبير، وكان من أكثر الرافضين لعمل استفتاء على بقاء الرئيس أو عزله، قائلاً: «الملايين تتظاهر للمطالبة برحيل الرئيس وليس لإجراء استفتاء على بقائه في السلطة». ولم يسلم «بدر» من الانتقادات اللاذعة وزعم تبعيته للجهات الأمنية، حيث زعم أنه كان ضمن خطة أمنية للإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وعلى النقيض تمامًا اتهمه آخرون بأنه من فلول الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وأنه تلقى تمويلاً من رموزه، وبعد فترة ليست ببعيدة من ثورة 30 يونيو، اتهم أيضًا -من البعض- بالفساد، وأنه سعى لإنشاء مصنع في القليوبية في الدائرة المقرر أن يترشح فيها للانتخابات البرلمانية، وهو الأمر الذي ردت عليه وزارة الزراعة بأن الأرض ملكية حكومية خصصها الرئيس عبد الفتاح السيسي للانتفاع العام، وليس لأحد بعينه. وسعى «بدر» جاهدًا للانخراط في العمل السياسي من بعد ثورة 30 يونيو، وقرر أنشاء حزب سياسي باسم حركة «تمرد»، ولكن بت الحكم فيها بالرفض البات، وعدم جواز الطعن عليه، ولم يمنعه أي شيء من الدخول في العمل والحراك السياسي، وقرر إنشاء جريدة ورقية باسم «تمرد»، إلا أن مساعيه حتى الآن لم تتحقق. ولكن تلاشت أحلام تمرد، تحديدًا وقت الانتخابات الرئاسية، التي كانت السبب الرئيسي في انقسام الحركة، بعد خلافات على دعم المرشحين، ووقتها أعلن «بدر» دعمه تحت اسم الحركة، للرئيس السيسي، وأن أي عضو بالحركة يدعم مرشحًا غيره، فهو يعبر عن رأيه الشخصي، وذلك في الوقت الذي ظهرت فيه جبهة أخرى، بقيادة حسن شاهين ومحمد عبدالعزيز –أحد مؤسسي الحملة أيضًا-، داعمة لحمدين صباحي، وتصاعد الخلاف بين الجبهتين. ولكن لم يبتعد «بدر» حتى اليوم عن العمل السياسي فكان أحد أهم الأسماء المدرجة في قائمة في حب مصر، في انتخابات مجلس النواب، وبالفعل فاز فيها بمقعد في البرلمان، وأصبح أحد الكوادر الشابة في البرلمان الحالي.