رفضت محكمة القضاء الإدارى بشكل قاطع الإساءة أو المساس بثورة الخامس والعشرين من يناير، لتعطي درساً لكل من يسيء إلى الثورة أو يصفها ب"النكسة" أو يوجه أية اتهامات أو إساءات لمن شارك فيها. جاء ذلك في حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري، وعضوية المستشارين سمير عبدالمقصود وتامر سوف طه وبحضور المستشار أدهم درويش مفوض الدولة، بوقف الدعوى المقامة من جبالي محمد جبالي المراغي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والتي طالبت بحل النقابات والاتحادات المستقلة، وقررت المحكمة إحالة قانون النقابات العمالية للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريته. دعوى جبالي حملت العديد من العبارات المسيئة لثورة الخامس والعشرين من يناير، كما أن بعض المحامين وصفوها ب"النكسة" أمام هيئة المحكمة خلال جلسات المرافعة. وقالت المحكمة في حكمها: إذا كان داء الثورات هو بعض من يخرج عليها فإن دواءها التمسك بمبادئها، ولا خلاف على أن ثورة الشعب المصري لم تكن ثورة مؤسسة أو جماعة أو تنظيم وإنما سيسجلها التاريخ على أنها نداء الشعب إلى أبنائه للثورة على نظام جثم على مقدراته عقودا عدة. وحذفت المحكمة كل ما ورد بصحيفة الدعوى من نسبة أي إساءة لثورة الخامس والعشرين من يناير سواء ما ورد مسطراً في صحيفة الدعوى أو قولاً أمامها عملاً بسلطاتها المقررة بالمادة 105 من قانون المرافعات، وقالت: "ما ذلك إلا انحناء من منصة القضاء العالية لقول الشعب المسطر في الوثيقة الدستورية وهو القول الفصل الذي يقصر أمامه أي اجتهاد أو اتجاه سياسي ويبقى سارياً ومقدراً ومحترماً إلى أن يرى فيه الشعب قولاً آخر". وأشارت المحكمة إلى حقيقة دستورية أثرت في النظام القانوني المصري بعامة وفي مجال الحقوق والحريات العامة بخاصة، وتتمثل في قيام ثورة شعبية في الخامس والعشرين من يناير نعتها الدستور الساري في ديباجته بأنها فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بالملايين وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وهذا التوجيه الدستوري الصادر عن الشعب مصدر السلطات يغدو كل قول يخالفه أمر باطل واقعاً واعتداء على أحكام الدستور الحاكم الذي ارتضاه الشعب عبر استفتاء عام ورقابة شعبية وقضائية. وإذا كان ما تقدم هو حقيقة واقعة لا تقبل إثبات العكس فإن ثمة التزاما على كافة سلطات الدولة "التنفيذية والتشريعية" بما تقترحه أو تصدره من تشريعات، وقضائية بما تراه من مخالفة لأحكام الدستور أن تراعي الأوامر والمبادئ الدستورية عند إصدار التشريعات أو إحالتها إلى القضاء الموسد له لإعلاء شأن أحكام الدستور ومبادئه، فالثورات الشعبية عبر التاريخ لا تدمر الشعوب وإنما تجدد نشاطها ولا يقاس أثر الثورات ببعض أخطاء أو خطايا تنسب إلى بعض من قام بها بحسبان أن الشعوب لا تخطئ في التعبير عن إرادتها.