تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    عصام الحضرى: مصر فى مجموعة صعبة.. والشناوى سيكون أساسيا أمام زيمبابوى    خالد صبحى على رادار الأهلى لتدعيم دفاع الفريق فى يناير    حادث تصادم بين فندقين عائمين في إسنا.. وإيقاف رخصة قائد إحدى البواخر    «لو معايا مسدس كنت قتلته بسهولة».. اعترافات قاتل صديقه وتقطيع جثمانه بالإسكندرية    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    أحمد العوضى: البيوت كالقبور.. ولا أحترم الرجل الذى يتحدث عن علاقاته بعد انتهائها    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    قرارات حاسمة داخل الزمالك قبل الميركاتو الشتوي    سكك حديد مصر تنفي إنقاذ طفل لقطار ركاب بالمنوفية وتوضح ملابسات الواقعة    سيحا: أسعى لكتابة التاريخ في الأهلي.. والتواجد مع أفضل حراس بإفريقيا يمنحني دوافع    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    بعد 18 عاماً من الإشارة إليها فى «أخبار الأدب» |قريبًا .. السيرة الشعبية المفقودة للحاكم بأمر الله متاحة للقراء    وزير الثقافة يشهد ختام فعاليات الدورة العاشرة من "ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي" ويُكرم الفائزين ورموز الخط العربي    هنادي مهنى تنضم ل " اتنين غيرنا" في دراما رمضان    بوتين يصف اتفاقية الحدود بين دول آسيا الوسطى بالتاريخية    مغادرة 388 شاحنة مساعدات إنسانية من معبر رفح لدعم قطاع غزة.. صور    نشأت الديهي عن صفقة الغاز مع إسرائيل: لست سعيدًا بها.. لكننا قمنا بما هو واجب    الصحة: إغلاق 11 مركزًا للنساء والتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد مباريات الأحد.. أرسنال يتفوق على السيتي    رئيس الإمارات يلتقي إيلون ماسك    نوعية بنها تنظم معرضا لتقييم التدريب الميداني لمشروعات طلاب الإعلام    فلكية جدة: هلال رجب يزيّن سماء الوطن العربي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    مصر تتقدم 47 مركزًا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولى    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    محمود توفيق يبحث مع وزير الحج والعمرة السعودي أوجه التعاون بين البلدين    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    تشكيل برشلونة - جارسيا في الوسط بدلا من بيدري.. وتوريس يقود الهجوم ضد فياريال    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعات ليبرالية جادة تستحق التأمل والاحترام
نشر في المصريون يوم 25 - 06 - 2016

ما كتبه الصديق عمرو حمزاوي أمس في مقاله بالشروق ، هو مراجعة ليبرالية جادة وشجاعة ، لميراث العلمانية في مصر ، تحاول أن تفسر بنبل وتجرد وعقلانية محض لماذا كانت "العلمانية" دائما حليفا للاستبداد وقمع الشعوب وتمكين المكون العسكري والأمني من مؤسسات الدولة ، والحقيقة أن حمزاوي هو من "الندرة" الليبرالية الباقية في مصر والعالم العربي التي تملك شجاعة النقد الذتي وتخلص بالفعل لمبادئ الليبرالية بغض النظر عن المصالح الآنية أو موقعه من الأحداث ، ولذلك أعتقد أن ما كتبه الدكتور عمرو جدير بالتأمل وإثارة الحوار الجاد من أجل مستقبل أفضل لمصر وشعبها ولنخبتها بالأساس .
يقول في مقاله الذي نشرته الزميلة الشروق تحت عنوان " عن ما سبق 2013.. في شرح النزوع السلطوى للنخب العلمانية في مصر" : (لم تكن الدوافع الوحيدة لتحالف النخب العلمانية (ليبرالية ويسارية) مع المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية للخروج على الإجراءات الديمقراطية فى صيف 2013 هى فشل إدارة الرئيس السابق محمد مرسى فى إخراج البلاد من أزماتها وعصفها بسيادة القانون والإطار الدستورى القائم "الإعلان الدستورى الاستثنائى فى نوفمبر 2012 "، أو ما طرح آنذاك كفعل ضرورة لحماية مصر من خطر استبداد دينى محقق) ، وهو هنا يؤكد على أسباب ومشروعية الغضب الواسع ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي ومخاوف المصريين تجاه تجربته القصيرة العاصفة ، ولكنه عاد ليؤكد أن الموقف كان أعمق من تلك المخاوف وأسبق من أخطاء مرسي ، موضحا قوله : (فالموقف المضاد للديمقراطية الذى تبنته النخب العلمانية فى ذلك الصيف، ثم تأييد أغلبية عناصرها لعودة السلطوية وصمتها على انتهاكات مفجعة لحقوق الإنسان، مثّل ومازال ترجمة مباشرة لميراث تاريخى طويل حدد منذ القرن التاسع عشر جوهر العلاقة بينها وبين نظم الحكم المتعاقبة كما بينها وبين فعاليات المجتمع وعموم المواطنات والمواطنين) .
وفي رحلة بحثه في عمق تاريخنا الحديث عن أسباب انحياز النخب العلمانية المصرية للاستبداد والنظم السلطوية يقول ببصيرة تاريخية واعية : (لم تر النخب العلمانية فى الدولة الوطنية سوى قوة التنوير والتحديث والتقدم القادرة على تجاوز الجهل والفقر والتخلف وتجاهلت حقائق القهر والقمع وإهدار الحريات واحتكار الثروة التى وصمتها منذ نشأتها، ولم تصنف حكامها إلا كحماة للفكرة العلمانية ولفصل الدين عن الدولة حتى حين وظفت الرموز والمقولات الدينية لإضفاء شرعية قبول شعبى زائفة على الحكام، ولم تمتعض لا من اختزال المؤسسات والأجهزة الفاعلة للدولة إلى المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ولا من إلغاء حكم ما بعد 1952 للتعددية السياسية والحزبية التى تواصلت لبضعة عقود بعد ثورة 1919 ومن اختلال العلاقات العسكرية المدنية على نحو أسس لسلطوية صريحة، ولم تقاوم امتداد سطوة المكون العسكرى الأمنى إلى مجمل الفضاء العام والانتهاك الممنهج للحريات الفكرية والأكاديمية ولحرية الإبداع) .
هذا اعتراف شجاع بجذور الخلل في وعي النخب العلمانية والذي ورطها في أن تكون خدما دائما للسلطوية والاستبداد والقمع بذريعة أن الشعب جاهل والدولة تعمل على "تنويره" في الوقت الذي حملت النخبة مشاعر عدائية وتوجسا تجاه الناس/الشعب ، وهو ما جلاه عمرو حمزاوي ببلاغة ملهمة في قوله : (فى مقابل ارتباطها العضوى بنظام الحكم واستقوائها بالسلطة القائمة، استحضرت النخب العلمانية دوما خوفا وتوجسا مزمنين من المجتمع وعموم الناس. منذ تبلورت المقولات الكبرى للعلمانيين المصريين، والمجتمع يصنف ككيان لا عقلانى ومساحة شاسعة تعمل بها «الظلامية الدينية» و«الأنساق الرجعية» مفاعيلها الهدامة ، وبالتبعية، باتت المهمة الرئيسية للدولة وحكامها هى إخراج المجتمع من حالته الرثة وتجاوز لا عقلانيته وظلاميته بمساعدة العلمانيين وعبر نظم التعليم والتنشئة الحديثة. وإلى يومنا هذا، لم يتغلب العلمانيون على خوفهم من المجتمع على الرغم من عقلانية وتقدمية المجتمع وفعالياته مقارنة بالدولة وحكامها فى محطات مفصلية كثيرة فى تاريخ مصر الحديث ، .. لم يزل خوف العلمانيين من المجتمع هو المفسر الأساسى لترويجهم لمقولات غير ديمقراطية بين 2011 و2013 من المطالبة بالتمييز بين الوزن النسبى لأصوات المتعلمين وغير المتعلمين فى الاستفتاءات والاستحقاقات الانتخابية إلى تمرير وثائق مبادئ فوق دستورية لإقرار وضعية الدولة فوق الدولة للمؤسسة العسكرية وتمكينها من التدخل المستمر فى شئون الحكم والسلطة. إلى يومنا هذا، لم يزل خوف العلمانيين من عموم الناس هو محرك قوى لإطلاقهم الأحكام الاستعلائية على تفضيلات الأغلبية السياسية والانتخابية أساطير الحصول على الأصوات الانتخابية بالسكر والزيت ولاستعدادهم التحالف مع الاستبداد والسلطوية والانقلاب على الديمقراطية نظير إسكات المواطن وتهجيره من الفضاء العام، نظير إخضاع واستتباع المجتمع اللاعقلانى)
ثم يخلص عمرو حمزاوي من تحريره لهذا الخلل الهيكلي العميق في وعي النخبة ومشاعرها السلبية تجاه المجتمع إلى إعادة التأكيد على السبب الجوهري ، قبل مرسي وبعد مرسي ، لانحياز العلمانية للنظم المستبدة على حساب الشعب وحريته وكرامته ، يقول : (لذلك ليس بمستغرب على الإطلاق أن تقف النخب العلمانية منذ القرن التاسع عشر وإلى يومنا هذا متبنية لمقولة الدولة الوطنية المسيطرة على المجتمع والمهيمنة على الفضاء العام والفارضة للرأى الواحد وللصوت الواحد على الناس، دون أن يربط العلمانيون بين مفهوم قوة الدولة ومفاهيم العدل والحق والحرية والمساواة ، .. لذلك أيضا ليس بمستغرب البتة أن تروج النخب العلمانية لمفاهيم ذات جوهر استبدادى صريح كمفاهيم الضرورة الوطنية التى تلزم بالاصطفاف خلف الحكام، وحالة الاستثناء التى تمنح الحكام رخصة شاملة للعصف بسيادة القانون وبإخضاع المجتمع والمواطن، وأولوية الدفاع عن الأمن والاستقرار وإنجاز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على حديث الديمقراطية) .
هذه مراجعة ليبرالية جادة وشجاعة ونبيلة ، وتستحق أن يتعامل معها الجميع ، بمن فيهم الإسلاميون ، بجدية ونبل مكافئ ، وسيكون من السخف محاولة استخدامها لمجرد تسجيل نقاط في صراع سياسي مرحلي ، أو كأنها "توبة" سياسية ، هذا لن يفيد الوطن ولن يساعد على صياغة مستقبل أفضل لمصر وشعبها وتياراتها السياسية والاجتماعية كافة ، نحن في حاجة إلى مثل هذه "الشجاعة" والنبل من كل تيارات المجتمع ، وإدارة حوار حقيقي شفاف ونبيل ومخلص للوطن والناس ، أكثر من إخلاصه لحزب أو جماعة أو تيار أو فكرة ، نحن بحاجة إلى "تأسيس" فكري جديد للمستقبل ، فقد فشلنا جميعا ، كل التيارات السياسية والفكرية في تاريخ مصر الحديث فشلت ، ومنحت فرصة أكثر من مائة عام ، وفشلت ، فلا داعي لكي يتمطع تيار من بينهم حتى لو كان التيار الإسلامي ليزعم أنه الذي امتلك البصيرة والبراءة والحق والحقيقة ، الجميع فشلوا ، وعلينا جميعا الاعتراف بذلك .
وإذا كان باحث مميز مثل عمرو حمزاوي قد فتح الباب للمراجعات العميقة والتاريخية للعلمانية ، وخاصة التيار الليبرالي الذي ينتمي إليه ، فأعتقد أن الإسلاميين واليسار أيضا بحاجة ماسة لمراجعات تاريخية مماثلة ، تضع الإصبع على موطن الخطأ وأصل الخلل ، وتفسر لماذا فشلت جهود أجيال في الإسهام الجاد والمثمر في تطوير الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد ، رغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها أجيال من الإسلاميين ومن اليساريين ، وبإخلاص كامل يتوجب التوقف طويلا أمام تجربة الإسلاميين في ثورة يناير ، ولماذا أضاعوا الفرصة التاريخية على أنفسهم وعلى الوطن كله ، هذا أجدى من الانشغال بأخطاء الآخرين والبحث عن شماعات للفشل ومحاولات الهروب من المسئولية عن فشل التجربة ، لم يعد ذلك "الهروب" يفيد ، والأهم أنه سيطيل طريق الضياع والشتات والمهاترات بين الجميع بلا نهاية ، ويحرم الأجيال المقبلة من القدرة على الإنقاذ وتأسيس مستقبل أرشد وأفضل ، لهم ولوطنهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.