غطاس: الموازنة تهدد البرلمان بالحل.. فقيه دستوري: حكومة إسماعيل تواجه خيانة عظم حالة من الجدل تشهدها أروقة البرلمان المصري، إثر الكشف عن الموازنة العامة المقدمة من الحكومة، لاسيما أنها تخالف دستور 2014، بحسب خبراء وبرلمانيين، قد تعصف بحكومة المهندس شريف إسماعيل، في ظل انتقادات برلمانية وحقوقية، مما ينبئ بانتهاء شهر العسل ودخول مرحلة جديدة من الخلافات والصدام بين الحكومة والبرلمان. وكان النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان ورئيس حزب الإصلاح والتنمية، أعلن رفضه الموازنة العامة التي ستقدمها الحكومة بالشكل الحالي، مبررًا ذلك، بأنها لا تستوفي النسب المقررة دستوريًا للإنفاق على قطاع التعليم والتعليم العالي والصحة والبحث العلمي. وأوضح السادات، بأن الدستور الذي وافق عليه الشعب هو الوثيقة الحاكمة التي لا يجوز الانقلاب عليها أو تجاهلها، ويعنى الاستحقاق الدستوري أن الموازنة لابد أن تدرج ما لا يقل عن 128 مليارًا للتعليم حتى المرحلة الثانوية، و64 مليارًا للتعليم العالي و96 مليارًا للصحة و32 مليارًا للبحث العلمي، ولا تستوفى الموازنة الحالية أكثر من نصف هذه المبالغ للتعليم والصحة، فضلًا عن تجاهلها التام للبحث العلمي". وقال الدكتور ولاء جاد الكريم، مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، إنه استنادًا لتصريحات بعض النواب، فإن الموازنة المطروحة بشكل الحالي تخالف الدستور، كما أنها لا تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية التي كفلها الدستور، فضلاً عن تواجد عجز كبير غير مبرر في الموازنة. وتوقع مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، أن تشهد الفترة المقبلة حالة من التوتر بين البرلمان والحكومة قد تصل لدرجة الصدام، إثر الاعتراض البرلماني على الموازنة العامة، محذرًا من أن ذلك ليس في مصلحة المواطن، لاسيما أن الدستور أوجب العمل بموازنة العام الماضي في حالة رفض البرلمان الموازنة المطروحة؛ مما سيتكبد المواطن ضررها. وفي دراسة أعدها "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية" لفت إلى أن الموازنة العامة لعام 2016/2017، خالفت دستور الدولة، موضحة أن حكومة المهندس شريف إسماعيل قامت بإخفاء كل ما يتعلق بالخطة العامة للدولة في السنوات الماضية، وكذلك تقارير المتابعة الخاصة بالخطة في السنوات الماضية أيضًا، وهي تقارير ضرورية للمعرفة الحقيقية لتنفيذ الخطة، وعقد المقارنات بين المستهدفات والواقع. وأكد عبدالعظيم الصاوي، الخبير الاقتصادي خلال الدراسة، أن دستور 2014، نص في مواده (18 و19 و21 و23) على أن تخصص نسبة من الإنفاق العام على الصحة (3%) والتعليم (4%) والتعليم الجامعي (2%) والبحث العلمي (1%) من الناتج القومي الإجمالي. وأشار إلى أن المادة 238 من المواد الانتقالية بالدستور نصت على أن يتم التفعيل الكامل بهذه النسب في العام المالي 2016/2017، وبذلك يجب أن تبلغ مخصصات هذه البنود بنص الدستور 10% من الناتج القومي الإجمالي. ومن جانبه، قال الفقيه الدستوري فؤاد عبد النبي، إن المادة 173 تنص على أن يخضع رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة للقواعد العامة المنظمة لإجراءات التحقيق والمحاكمة، في حالة ارتكابهم لجرائم أثناء ممارسة مهام وظائفهم أو بسببها، ولا يحول تركهم لمناصبهم دون إقامة الدعوى عليهم أو الاستمرار فيها، وتطبق في شأن اتهامهم بجريمة الخيانة العظمى، الأحكام الواردة في المادة (159) من الدستور. وتابع عبدالنبي ل"المصريون"، أن المادة 159 من الدستور تنص، على أن يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أية جناية أخرى، بناءً على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام، وإذا كان به مانع يحل محله أحد مساعديه، وبمجرد صدور هذا القرار، مضيفًا: يوقف رئيس الجمهورية عن عمله، ويعتبر ذلك مانعًا مؤقتًا يحول دون مباشرته لاختصاصاته حتى صدور حكم في الدعوى، ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعضوية أقدم نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام، وإذا قام بأحدهم مانع، حل محله مَن يليه فى الأقدمية، وأحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن، وينظم القانون إجراءات التحقيق، والمحاكمة، وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه، مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى. وأشار الفقيه الدستوري، إلى أن المشرّع جعل انتهاك مواد الدستور مقدمًا على الخيانة العظمى، وعلى الجريمة الجنائية. وأكد الدكتور سمير غطاس، أمين لجنة حقوق الإنسان بالنواب، أن البرلمان لن يصوّت على الموازنة في حال مخالفتها لمواد الدستور، موضحًا أنه في حالة الموافقة عليها فإن البرلمان يصبح مهددًا بالحل. وتابع غطاس "المصريون"، أن الحكومة سحبت الموازنة من البرلمان بعد إبداء اللجنة المالية ملاحظتها عليها، لإجراء التعديلات المطلوبة عليها، والتي من المفترض أن تعرض مرة أخرى على البرلمان قبل يوم 30 يونيو. وحول ما يتعلق بكون مخالفة الدستور تعرض البرلمان للحل وأعضاء الحكومة للمحاكمة فلماذا تلجأ إليها، قال غطاس، إن الحكومة تتذرع بأن الوضع الاقتصادي متردٍ، فتعرضها على أمل الموافقة عليها، في حين يتم تحسن الاقتصاد مستقبلاً فتفي بمواد الدستور حينها. وشدد النائب البرلماني على أن هذا لن يتم أبدًا، مشيرًا إلى أنه إذا حدث ذلك فإن أي محامٍ «صغير» يستطيع أن يرفع قضية في المحكمة الدستورية العليا ويتمكن من خلالها من حل البرلمان. وفي السياق ذاته، قال النائب سعد الجمال، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، والرئيس المؤقت لائتلاف "دعم مصر"، إن المجلس سيناقش الموازنة العامة في ال26 من الشهر الجاري. وأضاف الجمال في تصريحات صحفية، أنه تم التوافق على عدد من الضوابط الخاصة بالحديث أثناء مناقشات الموازنة العامة في الجلسات، مشيرًا إلى أن هذه الضوابط من شأنها أن تنهي مناقشات المجلس على وجه السرعة دون أي تأخر مع إعطاء الفرصة لجميع الأعضاء للحديث.