كشف الروائى علاء الأسوانى عن ماهية المتآمرين الحقيقيين ضد مصر وأن هناك 3 أبعاد وأسباب لتلك المؤامرة أولها كون تلك المؤامرة كسلاح لا غنى عنه لأى نظام استبدادى لأنها تظهر الديكتاتور فى صورة البطل المغوار الذى يحارب الأشرار المتربصين ببلاده . وأضاف الأسواني، فى مقالة له ل D W، أن إشاعة نظرية المؤامرة تدفع المواطنين للتغاضى عن أى أخطاء أو جرائم يرتكبها النظام وثالثا لأنها تحيل كل من يعارض الديكتاتور إلى خائن يجب إسكاته وقمعه. وتابع الأسوانى قائلا" "كل المسئولين فى مصر بدءا من رئيس الدولة إلى أصغر رئيس حى يتحدثون عن مؤامرة كبرى يقوم بها "أهل الشر" لتخريب مصر وإسقاط الدولة". وأشار الأسوانى إلى أن الإعلام المصرى - الخاضع بالكامل لسيطرة الأمن – على حد وصفه - يستدعى يوميا مجموعة من اللواءات المتقاعدين يتم تقديمهم باعتبارهم خبراء استراتيجيين كل مهمتهم إقناع الرأى العام بخطورة المؤامرة الكونية الغربية التى تدبر ضد مصر على حد تعبيره . وألمح الأسوانى إلى أنه على الرغم نظرية المؤامرة ليست ضرورية فقط للديكتاتور وإنما للشعب أيضا بل أنها للأسف جزء من طريقة تفكير المصريين لافتا إلى إنه أيضا فى الخارج يوطد النظام المصرى علاقاته بإسرائيل والدول الغربية وفى الداخل طالما يتهم النظام الغرب بالتآمر ضد مصر. وأوضح الأسوانى أن هناك عدة أزمات عديدة نشأت من سوء إدارة الدولة المصرية مثل ارتفاع سعر الدولار وكساد السياحة وغلاء الأسعار ونقص مياه الري، تم تفسيرها جميعا وفقا لنظرية المؤامرة مما أعفى النظام من مسئوليته عنها. وأكد الأسوانى أن العرب دائما مايستريح لنظرية المؤامرة لأنها تحجب العجز والفشل بما يسمح بلوم الآخرين على أخطائنا مشيرا إلى خطورة نظرية المؤامرة بأنها تدفعنا للقبول بالاستبداد ليكون الأصل فى تخلف المصريين عن العالم إذا كانت هناك مؤامرة فالمصريين أنفسهم هم المنفذين لتلك المؤامرة . وإلى نص المقالة ..
السيد "آلان جريش" صحفى فرنسى شهير من أصل مصري، جاء فى زيارة للقاهرة بعد أن تولى السيسى الرئاسة وجلس فى كافيتريا مع صديقتين مصريتين وراحوا يتحدثون عن الأحوال السياسية باللغة الانجليزية. فجأة قامت سيدة من المائدة المجاورة وصاحت: - عاوزين تخربوا البلد ..؟ لم تكتف السيدة بالصياح وإنما سارعت باستدعاء رجال الشرطة الذين احتجزوا آلان جريش مع صديقتيه وحققوا معهم وبعد تدخل السفارة الفرنسية ونقابة الصحفيين تم الافراج عن جريش الذى رفض الانصراف قبل اطلاق سراح الشابتين المصريتين. الغريب فى هذه الواقعة ليس القبض على جريش لمجرد أنه تكلم فى السياسة، ففى مصر الآن الآلاف من سجناء الرأي، لكن المدهش هو تصرف السيدة التى يصفها جريش بأنها "تبدو ثرية ومتعلمة". هذه السيدة نموذج لملايين المصريين الذين أجريت لهم عملية غسيل مخ تجعلهم يتوجسون من أى أجنبى بل ومن أى مصرى يتصل بالأجانب. كل المسئولين فى مصر بدءا من رئيس الدولة إلى أصغر رئيس حى يتحدثون عن مؤامرة كبرى يقوم بها "أهل الشر" لتخريب مصر وإسقاط الدولة. الإعلام المصرى - الخاضع بالكامل لسيطرة الأمن - يستدعى يوميا مجموعة من اللواءات المتقاعدين يتم تقديمهم باعتبارهم خبراء استراتيجيين كل مهمتهم إقناع الرأى العام بخطورة المؤامرة الكونية الغربية التى تدبر ضد مصر.. صديق فى الخارج وعدو متآمر فى الداخل عندما أصدر البرلمان الأوروبى بيانا يدين انتهاكات حقوق الانسان فى مصر ظهر خبير استراتيجى فى التليفزيون ليؤكد أن أعضاء البرلمان الأوروبى جميعا عملاء للاخوان المسلمين يتقاضون مرتبات منتظمة منهم. خبير استراتيجى آخر ذهب بعيدا فحذر المصريين من حكومة خفية تسمى "المجلس الأعلى للعالم" حيث يجتمع ممثلو الدول الغربية الأشرار ويستعملون التكنولوجيا من أجل احداث الزلازل والسيول وإثارة البراكين فى الدول التى يتآمرون ضدها (ومصر أولها طبعا) . يستمر هذا الإلحاح على نظرية المؤامرة بينما فى الواقع يتمتع نظام السيسى بعلاقات ممتازة مع اسرائيل والحكومات الغربية جميعا. كيف نفسر هذا التناقض: فى الخارج يوطد النظام المصرى علاقاته بإسرائيل والدول الغربية وفى الداخل يتهمها بالتآمر ضد مصر. الحق أن نظرية المؤامرة سلاح لاغنى عنه لأى نظام استبدادى لأنها تظهر الديكتاتور فى صورة البطل المغوار الذى يحارب الأشرار المتربصين ببلاده ولأنها تدفع المواطنين للتغاضى عن أى أخطاء أو جرائم يرتكبها النظام وثالثا لأنها تحيل كل من يعارض الديكتاتور إلى خائن يجب إسكاته وقمعه. أزمات عديدة نشأت من سوء إدارة الدولة المصرية مثل ارتفاع سعر الدولار وكساد السياحة وغلاء الأسعار ونقص مياه الري، تم تفسيرها جميعا وفقا لنظرية المؤامرة مما أعفى النظام من مسئوليته عنها. نظرية المؤامرة ليست فقط ضرورية للديكتاتور! نظرية المؤامرة ليست ضرورية فقط للديكتاتور وإنما للشعب أيضا بل أنها للأسف جزء من طريقة تفكيرنا. نحن العرب نستريح لنظرية المؤامرة لأنها تحجب عنا عجزنا وفشلنا وتسمح لنا بلوم الآخرين على أخطائنا. كنت طفلا عام 1969 عندما مشى رائد الفضاء "نيل ارمسترونغ" لأول مرة على سطح القمر، ولازلت أذكر أثناء صلاة الجمعة كيف اعتبر الخطيب أن القصة كلها أكذوبة ومؤامرة صهيونية تستهدف فتنة المسلمين فى دينهم. لازال بعض الأصدقاء الناصريين يعتبرون أن هزيمة 1967مؤامرة غربية كانت ستحدث فى كل الأحوال وبالتالى فان عبد الناصر ليس مسئولا عنها وإنما ضحيتها. كانت أمريكا وإسرائيل تريدان إسقاط عبد الناصر. هذا صحيح ولكن هل هما السبب فى تمسك عبد الناصر بقائد الجيش الفاشل عبد الحكيم عامر ..؟ وهل هما السبب فى انصراف عامر إلى الملذات بدلا من العمل الجدى ..؟ ولماذا لم تمنعنا المؤامرة من إعادة تسليح الجيش ومن محاربة اسرائيل فى حرب الاستنزاف ومن الانتصار عليها فى حرب 73 ..؟ إن التاريخ السياسى للعالم ليس إلا سلسلة من الصراع بين الأمم على المال والنفوذ كما إن الدول ليست جمعيات خيرية حتى تهتم براحتنا ورخائنا بدون مقابل، ويجب أن نتوقع من كل دولة أن تهتم بمصالحها وليس بمصالحنا. كل هذه حقائق، لكنها لا تبرر أبدا الوهم الذى نعيش فيه بأن العالم كله بشرقه وغربه يتآمر ضدنا. نحن -كعرب ومسلمين - لا نشكل هذه الأهمية القصوى للآخرين لأننا ضعاف وغير منتجين وليس لدينا وسائل للتأثير فى السياسة العالمية. إننا للأسف لم نقدم شيئا مفيدا للإنسانية منذ خمسة قرون على الأقل والنابغون العرب أبدعوا وحققوا انجازاتهم غالبا عندما تركوا بلادهم إلى الدول الغربية التى نعتقد أنها مشغولة ليلا نهارا بالتآمر علينا. خطورة نظرية المؤامرة أنها تدفعنا للقبول بالاستبداد وهو الأصل فى تخلفنا عن العالم إذا كانت هناك مؤامرة فنحن الذين ننفذها فى أنفسنا. آلاف الشبان المصريين محبوسون الآن عقابا لهم على نضالهم من أجل العدل والحرية. عندما نخذل هؤلاء الأبطال وننساهم بل ونتهمهم بالعمالة والخيانة نكون أول المتآمرين ضد أنفسنا. عندما تتم محاكمة نقيب الصحفيين لأنه يدافع عن كرامة المصريين وحريتهم ثم نتخلى عنه ولا ندعمه نكون متآمرين ضد أنفسنا. المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عندما تصدى للفساد تمت إقالته (بالمخالفة للدستور) ومحاكمته وأهانته باحتجازه فى القسم كالمجرمين عندما يحدث ذلك لرجل شريف يدافع عن أموال الشعب فنتركه لمصيره وننشغل بمباريات كرة القدم ومسلسلات رمضان عندئذ نكون أخطر المتآمرين ضد أنفسنا. الطريقة الوحيدة لإفشال كل المؤامرات هى النضال من أجل العدل والحرية. الديمقراطية هى الحل