فى الحادى عشر من مايو 2008 أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار رقم 134 لسنة 2008، بدمج الهيئة العامة لمركز المؤتمرات فى الهيئة العامة لشؤون المعارض والأسواق الدولية. وهو قرار فى عالم أصبحت فيه سياحة المؤتمرات والمعارض الدولية صناعة استراتيجية، ومن المؤكد أن القاهرة عاصمة أفريقيا والعالم العربى تاريخياً (وإن اعترض البعض على ذلك)، تملك من المقومات فى واقع الجغرافيا والتاريخ ما يؤهلها لتكون هذه الصناعة - صناعة سياحة المؤتمرات والمعارض - صناعة استراتيجية، وشاهدنا فى التليفزيون مشروعاً مبهراً لم يسمع به المهندسون المصريون مثل كثير من المشروعات هذه الأيام) يجعل أرض المعارض والمؤتمرات منطقة جاذبة لنشاط آخر دائم ومتكامل. هذا عن القرار المناسب الذى أصدره السيد رئيس الجمهورية ومقدماته.. أما المكان غير المناسب من وجهة نظرى فمكان المشروع الجديد.. وحتى يكون هذا الرأى له أسبابه ينبغى أن نعود إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضى، حين كان يقام سنوياً المعرض الصناعى الزراعى الدولى كل عام فى أرض الجزيرة، التى كانت تشغلها الجمعية الزراعية، وتشغلها حالياً أوبرا القاهرة والعديد من مبانى وزارة الثقافة.. وفى ضوء كثافة الحركة التى كانت تربك المرور فى القاهرة أثناء هذا المعرض سنوياً، أعلنت مصر عن مسابقة معمارية لمشروع يقام على أرض خصصت للمعارض على الحدود الشرقية للكتلة العمرانية وعلى محور مرورى جديد فى ذلك الوقت. يحد هذه الكتلة (طريق صلاح سالم) يمكن من خلاله الوصول بسهولة - دون إرباك حركة المرور فى القاهرة - وفاز فى المسابقة مكتب الأساتذة د. عبدالباقى إبراهيم ود. فؤاد الفرماوى ود. يحيى الزينى، وبدأ فى إنشاء مجموعة من مبانى هذه المسابقة والبوابة ذات السمة المصرية المتميزة، وفى الحقيقة كانت المبانى التى فازت فى المسابقة، التى تم تنفيذها كلها من الناحية الوظيفية والشكل والحداثة مما أهلها للفوز. هذا عن ما كان منذ أكثر من خمسين عاماً والسبب الذى من أجله تم نقل منطقة المعارض من الجزيرة إلى صلاح سالم.. «خارج الكتلة العمرانية للقاهرة فى ذلك الوقت». وبعد ذلك وفى عام 1983 أتمت الهيئة العامة للتخطيط العمرانى مع الجانب الفرنسى المخطط العام لإقليمالقاهرة الكبرى ورفعه السيد رئيس مجلس الوزراء إلى السيد رئيس الجمهورية، الذى طلب مقابلة السيد وزير الدولة للحكم المحلى، «حيث الإقليم يضم أكثر من محافظة وكلها تابعة لهذا الوزير». فى 17 مايو 1983 حيث ناقش السيد الرئيس المخطط العام وتفضل السيد الرئيس بالموافقة على وضع مجموعة من التوصيات موضع التنفيذ، بعضها سياسة عامة والآخر توصيات تخطيطية وأخرى تنفيذية وإدارية وعمرانية، ويهمنا هنا أن نشير إلى التوصيات التنفيذية كما جاءت فى خطاب لوزير الدولة للحكم المحلى رقم 350، المرفوع إلى السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء فى 21/5/1983. جاء فى هذه التوصيات - توصيات السيد رئيس الجمهورية - ما يلى على وجه التحديد فى الصفحة السادسة من الخطاب المذكور. الحد من اختيار مواقع لمنشآت إدارية تتولد عنها كثافة مرورية واختيار الأماكن الصحيحة للمنشآت الجاذبة للحركة، مثل قاعات المؤتمرات - الفنادق - المسارح - المعارض. نقل بعض الوزارات والأنشطة من إقليمالقاهرة الكبرى، وأى كليات جديدة للجامعات يكون إنشاؤها فى مناطق المجتمعات الجديدة. الحد من بناء الأبراج العالية، بحيث لا يزيد عدد السكان على 120 شخصاً / فدان. كان ذلك منذ 27 عاماً.. نعم 27 عاماً.. ولعلنا فى القاهرة قد شعرنا خلال الأسابيع الماضية بارتباك حركة المرور فى القاهرة خلال فترة المعرض.. هو ما نستشعره كلما كان هناك أى نشاط فى أرض المعارض. والمشروع الجديد لمدينة المعارض لن يستفيد من أى من المبانى القائمة فى الموقع الحالى، بل أعلن السيد رئيس هيئة المعارض والمؤتمرات أنه سيبدأ فى هدم كل المبانى «نعم كل المبانى» - حتى تلك التى قررت لجنة القانون 114 لسنة 206 الحفاظ عليها - ويوقف نشاط المعارض لمدة عامين حتى يتم إنشاء مدينة المعارض الجديدة التى سترتبط بمنطقة المؤتمرات. كما ذكرت من قبل هناك دول تعيش على نشاط سياحة المعارض والمؤتمرات.. وهو نشاط اقتصادى يمكن أن يكون أساساً اقتصادياً لعمران جديد خارج كتلة القاهرة، التى لا ولن تتحمل المزيد من مولدات الحركة.. هناك التجمعات التى يمكن أن تتكامل شرق القاهرة «العاشر من رمضان - العبور - بدر» والتى من الممكن أن تكون مدينة المعارض فى واحدة منها «بدر مثلاً على طريق السويس». الموضوع يستوجب دراسة سريعة من الهيئة العامة للتخطيط العمرانى لاختيار المكان الأنسب لمدينة المعارض والمؤتمرات الجديدةبالقاهرة والتى يستلزم الأمر عرض هذه الدراسة على المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، الذى يرأسه السيد رئيس مجلس الوزراء لإقرار ما يلزم اتباعه. أما المبانى الجيدة ذات القيمة فى الموقع القديم، فمن المؤكد أنه يمكن تعديل استخداماتها فى أغراض مناسبة، كما حدث من قبل فى مبانى الجمعية الزراعية بالجزيرة قبل نقل مدينة المعارض منذ أكثر من خمسين عاما إلى حيث هى الآن، حيث كانت خارج الكتلة العمرانية. الموقف يستدعى سرعة القرار حتى لا نزيد أعباء حركة القاهرة التى عانت خلال شهر مارس نتيجة نشاط - قيل إنه لم يكن حتى على المستوى المنتظر - فما بالنا بنشاط مستقبلى، نرجو أن يكون نشاطاً يتفق مع موقع القاهرة، مطلوب أن يكون قيمة مضافة اقتصادياً ولا يؤثر بالسلب على جودة الحياة التى نرجوها للقاهرة.. العاصمة. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.