بعد التقدم بخالص العزاء لأرواح الشهداء الأتراك وغيرهم من الذين سقطوا على سطح «سفينة الحرية»، هناك أيضاً من سقطوا خلال سنوات طويلة لهذا الصراع العربى - الإسرائيلى، الذى قد يتحول اليوم إلى «إسلامى - يهودى».. نعم، فلاشك أن الاجتهاد الدبلوماسى السياسى التركى قد حقق هدفه إلى حد كبير فى الملعب العربى والإقليمى والدولى، وأضيفت إليه بحادثة «أسطول الحرية» أهداف أخرى فى الملعب الإسرائيلى أيضاً.. مما ساهم فى شعبية وصعود النجم التركى. لقد عرف كيف يقرأ الحقائق السياسية على الأرض وكيف يستخدمها جيداً لصالحه أولاً ولكن بشكل تعبوى وشعبى على الطريقة البطولية.. هذا لا شك حقه ويستحقه، فلكل مجتهد نصيب.. لذلك ما يحدث أمامنا من تحولات فى النقاط والمحاور السياسية أصبح الآتى: كانت إيران انفردت على الساحة العربية وغيرها منذ سنوات باللعب الإقليمى والمغازلة الدولية عن طريق خلق الأزمات والمشاكل وإعطاء - دائماً - الحلول من خلال ما تملك من أوراق تحصدها من إدارة الأزمات مثلما فعلت فى القضية الفلسطينية ودعم حماس الدائم واستقواء حماس على الشعب والمنظمة. ومن ثم دعم حزب الله فى لبنان بالسلاح والمال، مما جعل هناك هيبة الدولة مستحيلة عليه واقتصرت المقاومة لهذا الحزب فقط فإذا كانت النتيجة أمامنا الآن هى: 1- شهداء (حزب الله الإيرانى) والسلاح الإيرانى هما من حقق تحرير لبنان. 2- شهداء الأتراك والدعم التركى هو السبب فى رفع الحصار عن غزة - نعم فقد تحركت المياه الراكدة فى الموضوع الفلسطينى دولياً وعربياً بعد سفينة الحرية، والدليل تحركت الجامعة العربية بعد التحرك التركى، فاليوم الأمين العام ذهب إلى غزة.. وبما أن إيران أصبحت تهدد إسرائيل أكثر وليس الضغط الدولى وليست الأجندة العربية.. إذن فالأتراك وإيران لهما الحق فى التمدد والتحكم فى القضايا المصيرية العربية وليس الاقتصاد والاجتماع والمذاهب الدينية فقط.. فالبقية ستأتى علينا مادمنا غائبين. فحصار غزة قضية إنسانية من الدرجة الأولى، كل طرف يستغلها كما يريد لمصلحته، حتى الشعب الفلسطينى نفسه.. نعم هذه هى الحقيقة، والعرب مغيبون أيضاً، ولم تُستغل يوماً شعبياً أو إعلامياً كما لعبها الأتراك والغرب من بعدهم على استحياء حين يريدون. ■ فقط أتذكر فى مقال كتبته 29/3/2010 اسمه «حدث.. لم يحدث بعد» أكدت فيه أن ما يحدث على الساحة هو فراغ واضح تتحرك وتهيمن عليه 3 دول فقط هى: تركيا - إيران - إسرائيل، مع اختلاف النوايا والأهداف طبعاً لكل منها، ولكن المؤشرات تؤكد أن التسوية ستكون فيما بينهم، وبما يرضون هم الثلاثة به فقط على حساب الآخرين وعلى حساب العرب النائمين. الحقيقة هى الآن أمامنا: ■ الإيرانى ينسج ببطء وحنكة السجاد. ■ التركى يطبخ على نار هادئة ويتذوق ويسترضى الجميع. ■ الإسرائيلى يقتل ويحتل ببجاحة وفجور تاريخى معروف. ■ والعربى يتكلم ويختلف ويحلم ويطالب الآخرين بما لا يرضى ولا يقدر عليه هو.. «وربما التحرك المصرى هو الدفة التى يعتمد عليها الجميع». [email protected]