كان الفيلم الجزائرى «رياح الأوراس» إخراج فنان السينما الجزائرى العالمى محمد الأخضر حامينا أول فيلم عربى يفوز فى مهرجان «كان»، وذلك عندما فاز بجائزة أحسن فيلم أول لمخرجه عام 1967، وطوال تاريخ المهرجان لم يفز فيلم عربى بالسعفة الذهبية إلا الفيلم الجزائرى «وقائع سنوات الجمر» إخراج حامينا أيضاً عام 1975. وبعد 20 سنة من الفوز بالسعفة برز فى السينما العالمية اسم جزائرى آخر هو «رشيد بوشارب» عندما رشح أول فيلم من إخراجه «رماد الحياة» 1995 لأوسكار أحسن فيلم أجنبى. صحيح أن بوشارب فرنسى وُلد فى باريس لأسرة جزائرية، وصحيح أن أفلامه من الإنتاج الفرنسى، لكن الهوية الثقافية لهذه الأفلام تجمع بين الثقافة العربية الجزائرية والثقافة الغربية الفرنسية، وتتميز بآفاق إنسانية واضحة، وتدل على أنه «مواطن عالمى»، العالم مسرحه، والإنسان موضوعه، والإعلاء من القيم الإنسانية الكبرى جوهر رؤيته. إنه يصور فى كل مكان من السنغال إلى لندن، ومن باريس إلى الجزائر، ويعد «الآن» فيلمه السابع فى 15 سنة الذى سيصوره فى هوليوود. وقد عرض فيلمه الثانى «السنغال الصغيرة» فى مسابقة مهرجان برلين عام 2001 عن تاريخ الاستعباد الأوروبى للأفارقة فى أمريكا، وعرض فيلمه الخامس «نهر لندن» فى مسابقة مهرجان برلين 2009، عن العالم بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد حيث فاز الممثل المالى سوتيجى كوياتى بجائزة أحسن ممثل عن دوره فيه. وفى فيلمه الرابع «بلديون» الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» 2006، وفاز ممثلوه الجزائريون الثلاثة رشدى زيم وسامى بوعجيلة وجميل دبوزه بجائزة أحسن ممثل، كما رشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبى، وفيلمه السادس «خارج عن القانون» الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» هذا العام، يعبر بوشارب عن التاريخ الطويل المركب بين فرنسا التى احتلت الجزائر عام 1830، والجزائر التى استقلت عام 1962، بعد مقاومة شعبية عنيفة للاحتلال استشهد فيها أكثر من مليون جزائرى، ولذلك عرفت بثورة المليون شهيد. وقد انتقدت «بلديون» عام 2006 لتجاهل مذبحة 8 مايو 1945 التى وقعت فى سطيف، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين، ولم أكن وحدى الذى انتقد هذا التجاهل بالطبع، ولكن بوشارب يعبر عنها فى «خارج عن القانون» مما أثار اليمين فى فرنسا، وما أثبت أنه فنان كبير ومثقف أصيل يدرك مسؤوليته عندما يتناول التاريخ. [email protected]