توفيت يوم 11 من نوفمبر الحالى الممثلة الجزائرية كلثوم، عميدة الممثلات الجزائريات، عن 94 عاماً فى الجزائر العاصمة. ولدت كلثوم واسمها الحقيقى عائشة عجورى فى 4 أبريل عام 1916 فى البليدة غرب العاصمة، وبدأت حياتها الفنية كممثلة وراقصة عام 1935 مع محيى الدين باشطرزى أحد مؤسسى المسرح الجزائرى، ولمعت فى أدوار عديدة على مسرح أوبرا الجزائر الذى افتتح عام 1947، كما مثلت فى باريس وعواصم أوروبية أخرى. وعند بدء حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسى عام 1954 انضمت إلى جبهة التحرير، واستأنفت نشاطها الفنى بعد الاستقلال عام 1962. وكان آخر أدوارها عام 1991 فى مسرحية «النواطير»، بعد أن مثلت أكثر من 70 مسرحية و20 فيلماً. التقيت «كلثوم» لأول مرة فى مهرجان «كان» العشرين عام 1967، بعد عرض الفيلم الجزائرى «رياح الأوراس»، إخراج محمد الأخضر حامينا فى مسابقة الأفلام الطويلة، الذى قامت فيه بالدور الرئيسى، وهو دور أم من الفلاحين تحمل دجاجة وتبحث عن ابنها المعتقل لدى قوات الاحتلال لكى تطمئن عليه وتعطيه الدجاجة ليأكلها. وفى رحلتها تطوف بأكثر من معسكر من معسكرات الاعتقال أثناء حرب التحرير، وفى إحدى اللقطات التى لا تنسى تنظر إلى عين الكاميرا، أى إلى الجمهور، وتبصق على قوات الاحتلال وذلك فى أكبر مهرجان يقام فى فرنسا وأكبر مهرجانات السينما فى العالم كله. كان الفيلم من أحداث المهرجان الكبرى، بل من نقاط التحول فى تاريخ السينما العربية، فلم يكن فقط أول فيلم روائى طويل لمحمد الأخضر حامينا الذى بدأ حياته الفنية بتصوير معارك حرب التحرير، وأصيب فى إحدى المعارك وهو يصور، وهو أول فيلم عربى يفوز فى مهرجان «كان»، حيث فاز بجائزة أحسن فيلم طويل أول لمخرجه، بل كان إعلاناً عن المولد الحقيقى للسينما فى الجزائر، وفى كل بلاد المغرب العربى وأن السينما العربية لم تعد هى السينما المصرية وإنما صارت هناك مدرسة جديدة فى السينما هى السينما العربية، وصارت السينما المصرية إحدى سينمات هذه المدرسة الجديدة، وإن كانت ولا تزال الأعرق والأقوى على شتى المستويات. لم يتح لى اللقاء مع كلثوم مرة أخرى، ولكن حامينا مخرج «رياح الأوراس» أصبح من أصدقاء العمر الأعزاء: قلبى معه وهو يفقد كلثوم، ومع الشعب الجزائرى الذى فقد صرحاً شامخاً من صروح الإبداع الباقية. [email protected]