الفارق الأساسى بين الإنسان الذى يحب ربنا بصحيح وغيره أن «الأول عنده ضمير صاحى، والثانى ضميره نايم فى العسل!!». وكلامى سالف الذكر يقوم على دعامتين.. الدعامة الأولى أن المتدين ليس بملاك، بل هو بشر يخطئ ويصيب، ويمكن أن يرتكب ألف غلطة وخطأ، ولكن من ينتمى إلى إسلامنا الجميل يراجع نفسه باستمرار، ويعمل على تصحيح أخطائه، ويتطلع إلى رحمة ربه، وصدق الله العظيم القائل فى كتابه الكريم: «ومن يعمل سوءاً ويظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً».. وتلك الآية الكريمة الموجودة فى سورة النساء موجهة للمؤمنين، لأن غيرهم لا يعرفون ربنا أصلاً! وفى عصرنا النكِد وجدنا طائفة من المتشددين يعاملون الناس من علو! ولا يعترفون بأنهم أخطأوا! ودوماً غيرهم هو الغلطان!، ومن يتضرع إلى الله فى صلاته ويستحق عشرة على عشرة فى عباداته قد تداخله آفة الغرور والتكبر وإن مفيش حد أحسن منه، وبالتالى يفقد صفة التواضع، ويكون ضميره فى إجازة من حيث لا يدرى مع أنه يظن نفسه قريباً من الله. والدعامة الثانية أن الحب ليس بالكلام وهو أمر سهل جداً، والأمر الأصعب منه أن تعمل على إرضاء حبيبك! وهذا أراه ينطبق على كل من تحب ابتداء من ربنا وحتى شريك عمرك والناس كلهم! والمؤسف أن تلك العاطفة النبيلة تعانى أزمة وتجدها غالباً كلاماً فى كلام، وهذا واضح فى أزمة الأخلاق التى نراها، والسبب الأول لها أن الحب الحقيقى مفتقد فى حياتنا، وإذا جئنا إلى موضوعنا الأساسى وهو حب ربنا فالمؤكد أن الملحدين الكافرين به قليلون جداً، وهو أمر غريب على عالم الشرق، وإن كان منتشراً فى بلاد الغرب!، والمشكلة عندنا أن حب الناس لخالق السماوات والأرض مجرد عاطفة جميلة، ولا تتم ترجمتها إلى أفعال وسلوكيات! وهناك من يحب ربنا ولا يحرص على الصلاة فى أوقاتها أو لا يصلى أصلاً بحجة أن الدين المعاملة! وهذا منطق غريب، لأن حب الله عبادة وأخلاق ومعاملة وكل شىء حلو وجميل وطيب فى الدنيا! وغير معقول أن «يتفلسف» الإنسان ويفسر الدين على مزاجه!، وأراهن أن من يحب ربنا ولا ينتظم فى عباداته ضميره نايم فى العسل، فلا يحرص على إرضاء حبيبه، وغالباً تجد سلوكياته قائمة على مزاجه وأهوائه ومصالحه ونظام شيلنى وشيلك!! وأخلص من هذا كله إلى نتيجة غريبة جداً ولا شك أنها ستشكل مفاجأة لحضرتك وتتمثل فى أن أصحاب الضمائر النائمة فى العسل ينقسمون إلى قسمين كل منهما على النقيض من الآخر، أناس متشددون مقبلون على الله جداً جداً، لكن فى تدينهم حاجة غلط تسىء إلى إسلامنا الجميل، وتقدم صورة سيئة للتدين!، وآخرون آخر طناش، وعلاقتهم بربنا نظرية! ويرتكبون الغلط دون أن تتحرك ضمائرهم، والسبب أن قلوبهم ليست موصولة مباشرة مع الله! بعكس القسم الأول الموصول ولكن تكبرهم أساء إليهم! وهكذا تجد أن المتشددين وأصحاب المزاج يجمعهم شىء واحد يتمثل فى الضمائر النائمة فى العسل.