دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    سعر الذهب اليوم الأحد 4 مايو 2025 في مصر.. استقرار بعد الانخفاض    مختص بالقوانين الاقتصادية: أي قانون يلغي عقود الإيجار القديمة خلال 5 سنوات "غير دستوري"    الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة: أمطار وعودة الأجواء الباردة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 148 مخالفة عدم غلق المحلات في مواعيدها    مينا مسعود يحضر العرض المسرحي في يوم وليلة ويشيد به    الإفتاء توضح: هذا هو التوقيت الصحيح لاحتساب منتصف الليل في مناسك الحج لضمان صحة الأعمال    عشان دعوتك تتقبل.. اعرف ساعة الاستجابة في يوم الجمعة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد فشله في اعتراض صاروخ اليمن وسقوطه بمحيط مطار تل أبيب    شاهد عيان على جسارة شعب يصون مقدراته بالسلاح والتنمية.. قناة السويس فى حماية المصريين    مد فعاليات مبادرة كلنا واحد لمدة شهر اعتبارا 1 مايو    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري الأحد 4-5- 2025    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    الكوابيس القديمة تعود بثياب جديدة! كيف صاغ ترامب ولايته الثانية على أنقاض الديمقراطية الأمريكية    هجوم كشمير أشعل الوضع الهند وباكستان الدولتان النوويتان صراع يتجه نحو نقطة الغليان    الوجهان اللذان يقفان وراء النظام العالمى المتغير هل ترامب هو جورباتشوف الجديد!    رئيس وزراء أستراليا المنتخب: الشعب صوت لصالح الوحدة بدلا من الانقسام    واصفًا الإمارات ب"الدويلة" الراعية للفوضى والمرتزقة"…التلفزيون الجزائري : "عيال زايد" أدوات رخيصة بيد الصهيونية العالمية يسوّقون الخراب    بغير أن تُسيل دمًا    درس هوليوودي في الإدارة الكروية    تمثال ل«صلاح» في ليفربول!!    وجه رسالة قوية لنتنياهو.. القسام تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يكشف تعرضه للقصف مرتين    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة الثالثة من مرحلة حسم الدوري    عاجل.. الزمالك يرفض عقوبات رابطة الأندية    لجنة حكماء لإنقاذ مهنة الحكيم    من لايك على «فيسبوك» ل«قرار مصيرى».. ال SNA بصمة رقمية تنتهك خصوصيتنا «المكشوفة»    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    بسبب وجبة «لبن رايب».. إصابة جدة وأحفادها ال 3 بحالة تسمم في الأقصر    والدتها سلمته للشرطة.. ضبط مُسن تحرش بفتاة 9 سنوات من ذوي الهمم داخل قطار «أشمون - رمسيس»    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» يوسف البدرى وزير الحسبة ! "الحلقة 3"    بعد ختام الدورة الحادية عشرة: مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. وشعار «النضال من أجل الاستمرار»    سرقوا رائحة النعناع الطازج    أهرامات العالم!    عبدالناصر حين يصبح «تريند»!    في ظل فضائح وكوارث حكومة الانقلاب .. مجند يحاول الانتحار فى معبد فيله احتجاجا على طقوس عبادة الشمس    الرئيس السيسى ينتصر لعمال مصر    أول مايو يخلد ذكرى «ضحايا ساحة هيماركيت» عيد العمال احتفاء عالمى بنضال الشقيانين    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    وزير الصحة يوقع مذكرة تفاهم مع نظريه السعودي للتعاون في عدد من المجالات الصحية الهامة لمواطني البلدين    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    الأهلي سيتعاقد مع جوميز ويعلن في هذا التوقيت.. نجم الزمالك السابق يكشف    إنتر ميلان يواصل مطاردة نابولي بالفوز على فيرونا بالكالتشيو    كامل الوزير: هجمة من المصانع الصينية والتركية على مصر.. وإنشاء مدينتين للنسيج في الفيوم والمنيا    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    الفريق كامل الوزير: فروع بلبن مفتوحة وشغالة بكل الدول العربية إحنا في مصر هنقفلها    كامل الوزير: البنية التحتية شرايين حياة الدولة.. والناس فهمت أهمية استثمار 2 تريليون جنيه    50 موسيقيًا يجتمعون في احتفالية اليوم العالمي للجاز على مسرح تياترو    كامل الوزير: 80% من مشروعات البنية التحتية انتهت.. والعالم كله ينظر لنا الآن    حزب الله يدين الاعتداء الإسرائيلي على سوريا    الشرطة الألمانية تلاحق مشاركي حفل زفاف رقصوا على الطريق السريع بتهمة تعطيل السير    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    " قلب سليم " ..شعر / منصور عياد    «إدمان السوشيال ميديا .. آفة العصر».. الأوقاف تصدر العدد السابع من مجلة وقاية    مصرع شخص وإصابة 6 في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأسوان    تمهيدا للرحيل.. نجم الأهلي يفاجئ الإدارة برسالة حاسمة    فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة    الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر الإسلامى جمال البنا: مبارك استخدم الإخوان لتبرير عدم السير فى الديمقراطية
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2009

يستطيع المفكر الإسلامى جمال البنا أن يرى من شرفة منزله الواقع بشارع الجيش بحى باب الشعرية الانهيار الأرضى الذى حدث فى خط سير المترو نتيجة خلل فى عملية الإنشاء، لكنه يعتبر هذا الانهيار هو الأقل بين الانهيارات الأخرى التى طالت المجتمع المصرى ثقافيا واجتماعيا وسياسيا.
فى شقته بالطابق الأول كان يجلس خلف كومة من الأوراق ومن حوله أرفف عامرة بالكتب يستأنس ويستعين بها فيما يكتب من دعوة للإصلاح الدينى وتحرير الإسلام من سيطرة آراء السلف التى يعتبر أنها سبب فى تخلف المسلمين بسبب رهن الحاضر بآراء أناس عاشوا قبل ألف عام.
ويعتبر أن الإسلام لم يقف عند المذاهب الإسلامية الأربعة ويمكن أن تكون هناك مذاهب جديدة تعيد تفسير الإسلام بعقلية العصر الحديث. قائلا إنه يستطيع أن يقدم اجتهادات أفضل من الأئمة الأربعة.
ويرى أن المجتمعات الإسلامية لا تتقدم لأنها لم تفهم الإسلام فهما حقيقيا يعود للقرآن.
وتحدث البنا فى حواره المطول مع «الشروق» عن الانهيار الحادث فى المجتمع المصرى وأسبابه، واعتبر أن «الحرية للمجتمع كالهواء للإنسان وإذا منع الهواء عن الإنسان اختنق، وإذا منعت الحرية عن شعب يشل» وحمل حركة يوليو مسئولية ما يحدث من انهيار لأنها صادرت الحرية.
وانتقد علماء الأزهر وقال إن المؤسسة الدينية متحالفة مع المؤسسة الحاكمة، والاثنان يعملان لغير حساب الشعب.
ويرى البنا أن الإخوان لم يكونوا حجر عثرة فى الإصلاح وكانوا ضحايا للاضطهاد أكثر من أى مجموعة أخرى فى الشعب المصرى، موضحا أن الاضطهاد بدأ منذ أيام السعديين فى عهد الملك فاروق واستمر فى عهد الرئيسين جمال عبدالناصر، وأنور السادات واشتعل فى عهد الرئيس حسنى مبارك، لكن البنا اعتبر أن مبارك استخدمهم لتبرير عدم السير فى الديمقراطية. وإلى نص الحوار.
هل مصر على حافة الانهيار؟
الانهيار كلمة رمزية قوية جدا لظاهرة نعانى منها منذ الانقلاب الناصرى فى عام 1952، والذى بدأ يهدم المقومات التى قام عليها المجتمع الليبرالى السابق، ولم يستطع أن يقيم أسسا موضوعية حقيقية يمكن أن يقوم عليها مجتمع. حدث تدمير لأوضاع وقيم دون إحلال أوضاع وقيم أخرى، فأصبحنا فى حالة ضياع تؤدى إلى حدوث انهيار بين الحين والآخر. لدينا انهيار فى جميع المجالات، وانهيار باب الشعرية هو أقل الانهيارات، لأنه انهيار فى شارع، لكن لدينا انهيار عام على مستوى الدولة، الفساد قضى على الاقتصاد وقطب الشعب ما بين أقلية لا تتعدى 1% تستأثر بمعظم الثروة، وأغلبية لا تملك شيئا يذكر، وذلك لا يقاس بمجتمع النصف فى المائة الذى كان قبل ثورة يوليو. ما يحدث هو أسوأ صورة لرأسمالية ملفقة لا تقوم على عمل ولا على إنتاج لكن على مساوات، رشاوى، عملات، متاجرة فى الأراضى، وكل صور النصب والخداع، هذا اقتصاد طفيلى الاقتصاد الحقيقى ينتج بحوثا واكتشافات. انهيار التعليم بدأ حينما أراد عبدالناصر أن يجعله كالماء والهواء، وهذا كلام فارغ، لأن التعليم ليس كالماء والهواء، فهو يحتاج إمكانات مادية وهى ليست متوافرة فكانت النتيجة أن الفصل تكدس بالتلاميذ. المواد التى تدرس ليست هى المطلوبة حيث يتم حشو الذهن بمعلومات لا قيمة لها، فانهار التعليم. وانهيار التعليم كارثة لأن الذى يكوِّن الإنسان فى العصر الحديث أمران، التربية المنزلية فى الطفولة ثم التعليم. وللأسف الشديد فالتربية المنزلية تقوم على أساس خاطئ وهو تدليل الطفل ومحاولة تيسير كل الوسائل له وتجنيبه القيام بأى عمل خوفا من أن يقع أو يخطئ، فينشأ الطفل مدلل، وحينما يكبر لا يملك المهارات التى تؤهله للإنتاج، وحين يبكى وهو كبير لا يجد أحدا يسأل عنه، فتصبح الطريقة التى يصل بها لأغراضه هى النفاق، الذى انتشر وعم المجتمع.
الإنسان المصرى فى المرحلة الليبرالية كان عزيزا ولم يكن أحد يستطيع أن يقبض عليه أو يعتقله سنوات دون محاكمة. الجريمة الكبرى لعبدالناصر أنه قهر الإنسان المصرى وأشاع الخوف فى نفس الإنسان.
الدكتور علاء الأسوانى تساءل فى مقال فى «الشروق» هل المصريون شعب متدين.؟
ليسوا متدينين لأنهم لو كانوا متدينين ما انحدروا بهذه الصورة. التدين لدينا شكلى فى مظاهر وطقوس. الدين روح وجوهر، الدين قيم.
ما سبب انتشار ظاهرة التدين الشكلى؟
لأنه الأسهل. رجل يريد أن يعرف عنه التقوى والورع، أسهل شىء بالنسبة له أن يطلق لحيته، أو يرتدى جلبابا قصيرا، أما إذا قلت له أنفق من مالك أو وقتك فهذا أصعب.
ما علاقة ازدياد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين بالتدين الشكلى؟
الإخوان جزء من المجتمع، أصابهم ما أصابه، لا يستطيعون النجاة مما أصاب المجتمع، فليس لهم دور فى هذا الانهيار العام الذى أصاب المجتمع والمسئول عنه بالدرجة الأولى هو سوء النظام السياسى.
كتبت صحيفة النيويورك تايمز مقالا عنك قالوا فيه إن أفكارك صادمة للمجتمع، وأن المجتمع المصرى لا يقبل بالتعددية. ما رأيك فى ذلك؟
هو كذلك. هذه حقيقية، المجتمع المصرى لا يؤمن بالتعديدية ولا يؤمن بالحرية مطلقا، وهذا أصل كل متاعبنا، فالحرية شرط رئيسى لتقدم المجتمع. الحرية للمجتمع كالهواء للإنسان، إذا منع الهواء عن الإنسان اختنق، وإذا منعت الحرية عن شعب يشل. ليس لدينا حرية من 1952.
هل غياب الحرية سبب من أسباب الانهيار؟
الحرية شرط رئيسى. ولدى كتاب عنوانه مطلبنا الأول هو الحرية وهى عبارة استعارها الشيخ يوسف القرضاوى هذه العبارة وأوضحت لماذا يكون مطلبنا الأول هو الحرية؟ لماذا لا تكن كلمة الله هى العليا؟ وقلت إنه لو أردنا أن تكون كلمة الله هى العليا أو أن تطبق الشريعة فالشرط الرئيسى لكى نحقق هذا هو الحرية، فإذا لم تكن هناك حرية فكيف ندعو لكلمة الله، فحتى لو أننا لا نؤمن بمفهوم الحرية لكن يجب أن ندرك أنها الوسيلة لتحقيق المطالب حتى لو كانت هذه الطالب غير مشروعة من وجهة نظرنا، وأقصد بذلك الحرية فى مجال الفكر والاعتقاد لكن ليس فى مجال العمل، لأن العدل هو الفيصل فى مجال العمل وليس الحرية، الحرية هى الأساس فى الفكر.
أنت ضد مقولة دعه يعمل دعه يمر؟
نعم، فهى كلمة حق أريد بها باطل، فعلا دعه يعمل دعه يمر ولكن ليس معنى هذا أن يظلم وأن يستغل. أطلق طاقاته، ولكن يجب أن يكون ذلك فى سبيل المجتمع ليس فى سبيل الفرد وعلى حساب المجتمع.
ما النموذج الاقتصادى الذى تتبناه؟
كتبت مقالا بعنوان «الحزب الديمقراطى الاشتراكى الإسلامى هو الحل» قلت فيه إننا نريد حزبا يتكفل بثلاثة أمور وهى: الديمقراطية باعتبارها رمزا لحرية الفكر، لكن عيب الحرية أن تكون مطلقة فى مجال العمل فتبيح للقوى أن يبطش بالضعيف وللغنى أن يستغل الضعيف، فالحل لذلك هو الاشتراكية التى تقوم على العدالة. إذن يجب أن يكون هناك اقتصاد مبنى على أساس الحرية لكن دون مساس بالعدل. ليس كاشتراكية لنيين وماركس ولكن بمعناها المتعلق بالعدل، وانتفاء الاستغلال. ثالثا إسلامى، لأن الإسلام هو الذى يربى الضمير فلا الديمقراطية ولا الاشتراكية تربى الضمير. الضمير يجب أن يكون فوق مستوى الأغراض المادية بحيث أنه إذا ظلم أحد لا يسرق لأن لديه ضميرا يمنعه من السرقة. وما يربى الضمير هو الدين.
قلتم إن الإسلام دين وأمة؟
الإسلام يريد الحكم الرشيد المستلهم من القيم القرآنية التى تكاد تكون ديمقراطية لكنه لا يتولى الحكم.
كيف تكون أمة بدون أن تحكم؟
أمة تضغط ضغطا ديمقراطيا على السلطة لكن لا تطبق الشريعة كما فى السعودية.
هل أنت مع تطبيق الشريعة؟
الشريعة معناها العدل، والعدل مطبق فى سويسرا التى ترفع علما عليه صليب أكثر مما هو مطبق فى السعودية التى ترفع علما مطبوعا عليه «لا إله إلا ألله محمد رسول الله» فلا يتشدق أحد.
لماذا لا تتقدم المجتمعات الإسلامية؟
لا تتقدم لأنها لم تفهم الإسلام فهما حقيقيا يعود للقرآن، الذى هو أصل الإسلام، أو يعود إلى الرسول، ولكن الدول الإسلامية أخذت بآراء الفقهاء والأسلاف وأخذت برأى فلان وفلان، وفلان وفلان كمالك وابن حنيفة ومسلم وغيرهم كانوا أناس عظماء ولكنهم أيضا بشر وغير معصومين، وكان زمانهم مغلق، وما قالوه قالوه منذ ألف سنة فكيف تلزم المجتمع الإسلامى اليوم بأن يطبق آراء هؤلاء، هذه رجعية تجعل المسلمين يعيشون فى عالم من ألف سنة فطبعا هذا يؤدى إلى التخلف.
ما سبب فشل المشروع الحداثى المصرى؟
سبب فشل مشروع الحداثة المصرى هو فساد الحكم من ناحية وسوء فهم الإسلام من ناحية أخرى. وتوجد عوامل أخرى أيضا ولكن ليس بهذه الأهمية، لأن الإسلام هو نبض الجماهير، هو ضمير الجماهير، إذا حسن يرتفع مستوى الجماهير، وإذا ساء ينحط المستوى، وهو ساء لذا انحط مستوى الجماهير وتدهور.
كيف أدى الفكر الدينى إلى إجهاض مشروع الحداثة المصرى؟
الفكر الدينى أسهم فى تأخيره متحالفا مع سوء نظام الحكم، فالمؤسسة الدينية متحالفة مع المؤسسة الحاكمة، والاثنان يعملان لغير حساب الشعب ولغير القيم، ولغير الوصول لموضوعية، ولغير أن الدين جاء لهداية الإنسان، وليس للاستبداد بالإنسان والتحكم فى الإنسان، فالإسلام يحرم عليهم الخبائث ويحلل لهم الطيبات وينقذهم من الإصر والأغلال التى كانوا عليها، ينقذهم من الظلمات إلى النور وهذا هدف الإسلام.
هل يمكن أن نقول أنك مفكر إسلامى ليبرالى؟
هذا صحيح.
كيف وفقت بين الإسلام والليبرالية؟
بالقرآن.. كانت معظم دراساتى فى شبابى دراسات أوروبية بحتة، مثل الحرية، الحركات الدستورية، ثورات الشعوب، حركات المرأة، حركات العمال والنقابات.. كل هذه الأشياء، ولكن عندما بدأت التفت للإسلام وجدت أن الشىء الذى جعلنى أؤمن بالحضارة الأوروبية موجود فى القران، وهى الحرية، فطبقا للقرآن ربنا أراد أن يجعل فى الأرض خليفة وهذا الخليفة هى الإنسان، إذن الإنسان هو الهدف. ولهداية هذا الإنسان أنزل الله الأديان فالأديان وسيلة والإنسان هو الغاية، وطالما أن هناك إنسانا فيجب أن تكون له إرادة، وطالما هناك إرادة فيجب أن تكون هناك حرية، ولذلك القران ملىء بالحرية فيما يتعلق بالفكر والاعتقاد «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، و«لا إكراه فى الدين» كلام واضح تماما مثل الشمس، فالإسلام يقرر حرية الاعتقاد دون قيد أو شرط، من يُرد أن يؤمن فليؤمن ومن يُرد أن يكفر فليفكر، شخص يريد أن يرتد ويصبح مسيحيا أو يهوديا فليرتد، ولا عقاب عليه فى هذا، لأنى لن أعمل شرطة للضمائر، ثم إن الإسلام لن يخسر شيئا، فمن حيث العدد، المسلمون كذا مليار، وثانيا فالإسلام قيم، والقيم لا تخسر حينما يرتد فرد عنها، فلا العدل سينقص ولا الحرية ستنقص ولا القيم.
لكن ماذا حين يصطدم الإسلام بالحرية؟
لا اصطدام بين الإسلام وحرية الفكر.
وماذا عن الحرية الشخصية؟
ولا الحرية الشخصية، ولكن الاصطدام بين الإسلام وحرية الظلم فى العمل، نجد الإسلام مثل الاشتراكية وسبق الاشتراكية بل وأحسن من الاشتراكية فى أنه قرر العدل وندد بالظلم وحرم الاستغلال، كل الأهداف التى تطالب بها الاشتراكية وعجز عنها لينين وغيره أرادها الإسلام.
الفرد حر يفعل ما يريد، الآثام تنقسم إلى قسمين، قسم يتعلق بالضعف الإنسانى وهو أن يزنى الفرد أو يسرف أو يشرب الخمر وغيرها من هذه الأشياء، وهناك آثام شرور، كأن يسرق أو ينصب أو يظلم، فالآثام الناتجة عن الضعف الإنسانى، والتى لا تعود آثارها إلا على الإنسان نفسه، الإنسان حر فى أن يفعلها وجزاءه عند الله، ولكن حين تتخطى الآثام إلى ضرر الآخرين مثل القتل أو السرقة أو الاغتصاب، فهنا يكون هناك قوانين رادعة.
هل أفكاركم وما تدعون إليه يصب فى الفكر القرآنى أم تعتبرونه نوعا من البروتستانتية الإسلامية؟
لا يوجد شىء يسمى بروتستانتية إسلامية، إحنا بتوع القرآن والسنة الملتزمة بالقرآن، وفى نظرنا الإسلام جاء بأفضل الصور لله تعالى وأفضل ما يكون عليه الدين وهو نهاية مسيرة الأديان وآخرها، لدينا إسلامنا وقرآننا ونعمل بهما، كل ما فى الأمر أن الآخرين بقوا ألف سنة يعبدون أسلافهم، ونحن جئنا وقلنا لا، سنرجع للقرآن مباشرة، وكلام هؤلاء الأسلاف سواء كانوا رجال حديثا أو رجال تفسير أو رجال فقه غير ملزم ولن نتخلى عن عقلنا ونأخذ بعقلهم، ولا ننظر بأعينهم الميتة للعصر الحديث.
هل تعتبر أفكارك مدرسة فقيه جديدة؟ أم فلسفة إسلامية؟ أم اجتهاد؟
هى مدرسة فقيهة جديدة، فهى ليست فلسفة لأنى لا أحب كلمة فلسفة، ولأن الفلسفة غير الدين، ولا هى اجتهاد بمعنى اجتهاد لأنها أكبر من الاجتهاد، هى تكاد أن تكون ثورة فى فهم الإسلام، لأنه منذ ألف سنة، أى منذ ظهور الأئمة الأربعة فى القرن الثانى للهجرة والمسلمين على هذا الحال، نحن مازلنا نتبع كلام هؤلاء الناس الذين وضعوا منظومة المعرفة الإسلامية فى القرون الأولى للهجرة، ما نقوله الآن أننا فى منعطف طريق، التاريخ وضعنا فيه كما وضع أسلفنا عندما وضعوا منظومة المعرفة الإسلامية منذ ألف عام. علينا أن نعيد صياغة منظومة المعرفة الإسلامية على أسس جديدة بفضل ما لدينا من ثقافة رائعة لم تكن متاحة للأسلاف، ولا يمكن أن يتصورها الأسلاف بحيث جعلتنا أقدر منهم. «واحد يقولى أنت متجيش نص مالك».. لا أنا أستطيع أن أفصل أكثر من مالك لأن لدى كل ثقافة مالك وأضعاف أضعاف ثقافة مالك، الناس يبخسون أنفسهم، ويبخسون عقلهم، ويعبدون آباءهم، ونحن ثورة على ذلك».
إذن ما تطرح يوفق بين الإسلام وما بين الحداثة ويصل ما انقطع خلال ألف عام؟
نعم، ولكن بشرط الحداثة السليمة، وليس الحداثة بالمعنى الأوربى الكامل، لأن هناك فرقا كبيرا بين الإنسان الإسلامى وبين الإنسان الأوروبى، الإنسان الأوروبى هو الإنسان الطليق دون قيد أو شرط، بينما الإنسان الإسلامى هو الإنسان المستخلف، الذى لديه أمانة ورسالة ومقيد بهذه الأمانة، ومقيد بهذه الرسالة، فالحداثة تعبير أوروبى ويمثل تطورا معينا، ليس شرطا أن يوجد لدينا، ولا ينقصنا شىء إذا لم يوجد، بل على العكس معظم الحداثة عملية تفكيك وعملية هدم أكثر ما هى عملية بناء.
هل ترى أننا بحاجة إلى تحديث الخطاب الدينى أم إصلاح دينى؟
الأزهريون أرادوا الاستسهال والقول إصلاح الخطاب الدينى. كيف سأصلح الخطاب الدينى إذا كان فهمى للإسلام خطأ؟! فالقضية كلها قضية منهج، فكل الأزهريين لا يستطيعون أن يأتوا بمصلح حقيقى لأنهم قيدوا أنفسهم بمنهج وهذا المنهج هو الأسلاف فأصبح فهمهم سلفيا، لا يتصورون إلا أن يكون هناك خمسة أو ستة مذاهب، ما المانع أن يكون هناك أكثر، هل ربنا حكم علينا بالأربع مذاهب فقط. لا يتصورن أن هناك أناس أكبر من أسلافهم، يجب أن يفهموا أننا أكبر من الأسلاف.
فى الحقيقة الأزهر حجر عثرة فى طريق التقدم وإن لم يغير نفسه تماما فسيسهم فى تخلف المجتمع ويجنى على الإسلام، وهذا ما قاله الإمام محمد عبده.
هل أصبح هناك الآن كهنة للإسلام؟
مائة بالمائة، ولولا أن الإسلام يندد بالكهانة والذين اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله لكان هؤلاء قد حكمونا وأقاموا محاكم تفتيش.
ما رأيك فى شيوخ الفضائيات؟
هؤلاء أسميهم وعظة، ويلجئون إلى دغدغة المشاعر ويتصيدون الأحاديث الضعيفة التى تثير الخيال والشىء الوحيد الذى يشهد لهم الذقون الطويلة، حسبك بذقنه دليلا وشاهدا.
هل الإخوان حجر عثرة فى طريق الديمقراطية؟
الإخوان لم يكونوا حجر عثرة لأنهم لا يدعون أنهم يمثلون الإسلام فقط، مثلما يفعل الأزهر، ولا حالفوا الحاكم ولا جاءت لهم فرص حكم أو غيره بل على العكس هم كانوا ضحايا للاضطهاد أكثر من أى مجموعة أخرى فى الشعب المصرى، الاضطهاد بدأ منذ أيام السعديين فى عهد الملك فاروق واستمر فى عهد عبدالناصر، والسادات واشتعل فى عهد مبارك. لكن مبارك استخدمهم لتبرير عدم السير فى الديمقراطية. وإذا كان على الاستخدام فالسادات استخدمهم أكثر، هذه مصالح واتفاقيات.
هل هم يدخلون فى مصالح مع النظام؟
أعتقد هذا.
ماذا لو أن الإمام حسن البنا كان موجودا الآن؟
لاختلفت الصورة تماما.
كيف؟
لما ظهر عبدالناصر من الأساس، ظهور عبدالناصر كان من أكبر أسبابه استشهاد حسن البنا. ولذلك أول ما فعلته ثورة يوليو أنها ألقت القبض على قتلة حسن البنا، وحاكموهم فى اليوم التالى لاستيلائهم على السلطة تقريبا. كانت شخصية حسن البنا، حتى فى حالة قيام حركة عبدالناصر، ستحول دون الصدام، لأن الذى كان على رأس الإخوان وهو المستشار حسن الهضيبى كان يمثل الشرعية لأنه كان قاضيا بمعنى الكلمة، بينما لم يكن لدى عبدالناصر شىء لديه اسمه الشرعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.