فى يقينى أن الإنسان المثالى فى رمضان هو ذلك الذى يجمع بين الحسنيين: التقوى والنشاط، ومن فضلك انظر إلى نفسك أولاً وحاسب ضميرك قبل أن تنتقد الآخرين. وقبل شرح ما أعنيه، أقول إن هذا الشخص لابد أن يكون عاشقاً لربنا وهذا الحب هو من وجهة نظرى العمود الفقرى أو الأساسى الذى تقوم عليه تلك العاطفة النبيلة الجميلة. والتقوى التى أعنيها تتمثل أولاً فى الالتزام بالعبادة فهو فى شهر الصيام يحاول قراءة القرآن الكريم كله بتأن، ولا يكتفى بذلك بل يحرص أيضاً على صلاة التراويح، يعنى «إنسان عابد لخالقه بحق وحقيقى»، ولن يتحقق له ذلك إلا إذا كانت أخلاقه حلوة مع الناس، وحاول تفتكر أننى تحدثت معك الأسبوع الماضى عن قوم منا عبادتهم تستحق عشرة على عشرة، لكنهم يستحقون صفراً مربعاً فى تعاملاتهم! وتقوى الله لا تنطبق عليهم أبداً لأنهم ركزوا على جانب وأغفلوا آخر. والإنسان المتدين بحق تراه أيضاً نشيطاً فى عمله لأنه يعلم جيداً أن إسلامنا الجميل يرفض الكسل والخمول بحجة الصيام، فهو يريد أن يكون قدوة لغيره ليس بالكلام ولكن بالسلوك العملى ولذلك يحرص على أن يكون «شاطر فى عمله» ومتفوقاً وبذلك يوجه صفعة لأعداء الإسلام والعلمانيين الذين ينظرون إلى المتدينين على أنهم أناس متخلفون!! فهو على العكس من ذلك يتقدم الصفوف بذكائه وشطارته وأمانته فى العمل وحسن تعامله مع الناس على اختلاف أطيافهم! وهنا أتوقف لأننى لاحظت أن بعض المتدينين من المسلمين والأقباط على حد سواء يعاملون من يتوافقون معهم فى الأفكار بما يرضى الله! أما غيرهم فويل لهم! حيث يختفى التعامل على أساس الدين والأخلاق، وتظهر المصلحة بالدرجة الأولى! وإذا نظرت معى إلى أحوال مجتمعنا فإنك ستلاحظ على الفور أن تلك الفئة الجميلة التى أتحدث عنها قلة نادرة فى مجتمعنا للأسف وهناك إلى جانبها فئات ثلاث تمثل الأغلبية العظمى.. صنف من الناس جانب التقوى عندهم محترم! أما النشاط فلا حظ لهم فيه! والواحد منهم يأخذ إجازة فى رمضان من الدنيا كلها مع أن قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بل شهد هذا الشهر بالذات فتوحات كبرى مثل غزوة بدر وفتح مكة. وهناك من تراه نشيطاً فى رمضان لكنه يصلى أى كلام! وهو غير متحمس أبداً لصلاة التراويح ويسأل عن معناها ومغزاها!! ويحاول أن يتفلسف مع أن معلوماته فى الدين صفر على الشمال! والأسوأ منه من لا يصلى مطلقاً فهو فقط صائم! طيب إزاى؟ وما يفعله مجرد إضراب عن الطعام والشراب! أما من يفطر جهاراً نهاراً، فهو إنسان بلا حياء ومن فضلك احترس منه جداً إذا تعاملت معه، أما لو قلت حضرتك: لا يا سيدى الدين حاجة والمعاملات شىء آخر «فذنبك على جنبك» بالتعبير العامى لأن تلك النوعية من الناس لا أمان لها ويمكن أن تؤذيك وتعطيك مقلباً ساخناً، وأنت المسؤول فى هذه الحالة لأنك كنت واثقاً فى أمانتهم مع أن الإنسان الذى لا يعرف ربنا من الصعب جداً جداً أن يكون زى الفل فى تعاملاته الدنيوية لأن فاقد الشىء لا يعطيه، وصدق المثل الشائع «باب النجار مخلع»! فعنصر أساسى فى الأمانة مفتقد اسمه الضمير الصاحى الذى يخاف الله. وأخيراً، فإن هناك فئة من الناس واسعة الانتشار لا يتوفر فيها كل ما ذكرته!! والواحد من هؤلاء غير متدين وفى الوقت نفسه بليد كسلان تراه جالساً أمام التليفزيون بالساعات ويقضى معظم وقته فى التسلية والكسل، وهذا النوع من البشر عبء على الدين والدنيا معاً سواء كان اسمه «محمد» أو جورج، فالجامع والكنيسة يرثيان لحاله! ولا يمكن أن يكون صاحبنا هذا مفيداً فى محيطه، بل أراه من الأسباب الأساسية للتخلف والخسة التى نشكو منها.