إذا طالبت بالاستقامة فأنت «حنبلى» نسبة إلى الإمام «أحمد بن حنبل» الذى اُتّهم بالتشدد مع أن هذا الاتهام غير صحيح أبداً! والمؤسف أننا نعيش فى عصر الإنسان النظيف فيه يعتبر استثناء! والأخلاق لا وجود لها فى معظم الأحيان مع أن المصريين من أكثر الشعوب تديناً وتقرباً إلى الله ولكن هناك حاجة غلط فى تلك العبادة أستطيع تلخيصها فى أربع كلمات بالضبط: حب ربنا عندنا نظرى. وأشرح ما أعنيه قائلاً إن الحب الصحيح لابد أن يكون شاملاً حتى ينعكس على حياة الإنسان فى الدين والدنيا، وتحديداً أقول إن له أربعة مجالات أساسية وإلا كان هذا الحب أى كلام. المجال الأول يتعلق بخالق السماوات والأرض، ولا أفهم إزاى واحد يدعى حب الله ثم لا يصلى بانتظام، ويكون آخر طناش، ولا يعترف بخطئه بل يتفلسف قائلاً: حب ربنا فى قلبى! والحب الصحيح لله سبحانه وتعالى تراه ينعكس على أخلاق الإنسان فتراه «زى الفل» ويستحق تقدير جيد جداً على سلوكه، فهو يبذل جهده فى الابتعاد عن كل ما يغضب حبيبه، وبهذه المناسبة يعجبنى كلام نبى الإسلام لرجل جاء يسأله عن الحلال والحرام، فلم تكن الإجابة بموعظة بل بكلمتين بالضبط: «استفت قلبك»، فهذا رجل مؤمن يعرف جيداً ما يغضب ربه وما يرضيه، فليس فى حاجة إلى دروس فى الأخلاق! وفى حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام عن الإثم: إنه ما حاك فى صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس وإن أفتوك» يعنى حتى لو قال لك بعضهم إن هذا الغلط لا شىء فيه، لكنك غير مستريح له، وهذا يقتضى منك أولاً ضميراً حياً يحب الله بحق وحقيقى. والمجال الثالث للحب النظيف الذى يؤدى إلى الاستقامة يتعلق بالمعاملات، وهذا امتحان بالغ الصعوبة للأخلاق، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالفلوس والبيزنس والمناصب والنفوذ، فإذا كنت حضرتك صاحب منصب فكيف ستتعامل مع الذين معك؟ وهل ستكون إنساناً لطيفاً «وحبوباً» وحازماً فى الوقت ذاته، أم شخصاً بداخله الغرور ومتكبراً على خلق الله؟ وهل من أجل صفقة مالية تجنى من ورائها أرباحاً يمكن أن تتغاضى عن الحلال والحرام وهى مبادئ مستقرة فى ضميرك وتعرفها جيداً؟ وهناك إنسان بفطرته جميل، لكنه من أجل الوصول إلى هدف فى ذهنه يفقد براءته التى كانت موجودة فى شبابه أيام الزمن الجميل، وأتساءل: وما قيمة الحب إذا كان يطيح به عند أول مصلحة؟! وأخيراً فإن حب الوطن من الإيمان، ومن مشاكل بلادى الأساسية عزوف الغالبية الساحقة من الناس عن الاهتمام بأحوال بلدنا، فكل واحد مشغول بحياته الخاصة فقط، وما يجرى فى مصر لا يهمه فى شىء، ربما من اليأس والإحباط وعدم وجود ديمقراطية حقيقية وتداول للسلطة تعطى الأمل فى حياة أفضل، وإن بكرة سيكون أحسن من النهارده، الإنسان على أرضنا غريب، ويعيش وكأنه لاجئ فى بلده.. ومن فضلك تأمل عبارتى الأخيرة جيداً، لاجئ فى بلده فهى تعبير عن واقع مؤلم.. أليس كذلك؟