«إن جالك الميرى اتمرغ فى ترابه».. مثل شعبى يعنى أن الوظيفة مضمونة، وتوفر الأمان لمن يحظى بها، وهو مثل يؤمن به الذين يفتقدون القدرات والمواهب، والذين يسعون إلى تأمين راتب شهرى فقط دون الاهتمام بتنمية القدرات، أو توافر الطموح لتحقيق النجاح، وذلك فى الوقت الذى أصبح فيه الفارق كبيراً جداً بين القطاعين العام والخاص، فإن كانت ميزة القطاع الحكومى هى التثبيت، فتلك الميزة اختفت بعد أن تحولت العقود إلى سنوية، مثل القطاع الخاص، وبات الفارق فى صالح القطاع الخاص، حيث التأمين والعقود إضافة إلى الوضع الاجتماعى والترقية السريعة، والعائد المادى الذى يتضاعف، كل هذه أشياء ليست موجودة فى «الميرى»، اللهم بعض الوزارات والهيئات لأصحاب الوساطة إذن ففى أى شىء «يتمرمغ الذى يأتى له الميرى؟».. سؤال طرحناه. قال «ناصر فؤاد»، المتحدث الرسمى باسم وزارة التنمية الإدارية: «لابد أن يكون هناك وصف لكل وظيفة، حتى نغلق الباب نهائياً أمام وجود شخص فى وظيفة دون أن يكون هناك داع لاختياره»، موضحاً أن الوزارة أصدرت فى يناير 2010 قراراً وزارياً ينص على أن أى تعاقد مع الجهاز الإدارى للدولة، سواء الدائم أو المؤقت، لابد أن يعلن عنه، وأن تتم المفاضلة بين المتقدمين، وأن يتم الإعلان عن اسم من حصل على الوظيفة، حتى يستطيع من لم يتم اختياره الطعن فى الاختيار، إضافة إلى أن التعاقد فى المشاريع والمؤسسات الحكومية لابد أن يكون مبنياً على إعلان، وأن يتم ترتيب المتقدمين حسب خبراتهم ودرجاتهم العلمية، وأن يكون الاختيار على أساس علمى. أضاف: «الدولة مسؤولة عن تهيئة مناخ العمل، وليس توفير الفرص لكل خريجى الجامعات، وذلك لن يتم إلا عن طريق زيادة الاستثمارات الجديدة والمختلفة فى شتى القطاعات، وبالتالى توفير فرص توظيف وعمالة بشكل غير مباشر، وتقليل حجم البطالة»، لافتاً إلى تقديم تسهيلات للمستثمرين تحفزهم على الاستثمار. أما الذين يرون أن الإيمان بأن الوظيفة الحكومية هى الاستقرار والأمان، فهذه وجهة نظر خاطئة، لأن 75٪ من قوة العمالة المصرية فى القطاع الخاص، فلابد أن يثق المواطن وخريج الجامعة فى العمل بالقطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن وزارة القوى العاملة تبذل مجهوداً كبيراً فى الحفاظ على حقوق العاملين بالقطاع الخاص. وقال «إسلام رفعت» نائب رئيس مجلس إدارة شركة استشارات اقتصادية عالمية: إن الذى ينظر إلى العمل فى القطاع العام، معتبراً أنه الهدف والغاية شخص كسلان غير طموح، وليس لديه روح تنافسية، وأقصى طموحاته أن يقبض راتباً ثابتاً كل شهر، واطمأن هكذا من وجهة نظره على مستقبله، وسيصدم خلال سنوات قليلة أن راتبه أصبح لا يلائم الظروف الاقتصادية التى نعيشها، وسيعرف أنه لا مجال أمامه سوى الاستمرار في الحكومة، لأنه لا بديل لديه، لأنه غير متطور وغير متفاعل مع السوق الخارجية. ويضيف: هذا ما يحدث للأسف منذ زمن، لكننى أستغرب من الذين يصرون على التعلق بالعمل فى الحكومة والقطاع العام، وأعتبرهم قاصرى النظر محدودى القدرات أو لا يرغبون فى بذل مجهود، فكل هدفهم فقط هو الذهاب للعمل فى مواعيد رسمية، وعدم بذل أى مجهود، والعودة إلى النوم دون النظر إلى النجاح، وسيكون بكل تأكيد مستقبلهم يساوى «صفراً»، حتى إن بدأوا براتب كبير شكلياً ألف أو 1500 جنيه فهم بعد 5 سنوات من عملهم سيكتشفون أنهم فى حالة يرثى لها، طبعاً بعكس العاملين فى القطاع الخاص، والذى بدأ بهذا الراتب بعد 5 سنوات سيكون راتبه ما بين 3 و5 آلاف جنيه، مع وضع وظيفى أكبر، وهذا هو الفارق. ويتعجب «أحمد أبوالناس» من الذين يرددون مقولة «إن جالك الميرى اتمرغ فى ترابه»، موضحاً أننا يمكننا أن نطلقها مجازاً أثناء النوم، كنوع من الهذيان والتخريف. ويتساءل إن جالى الميرى ففيما أتمرغ؟! أتمرغ وأنا أرى زملائى الذين توجهوا إلى القطاع العام فرحاً براتب قيمته 1000 جنيه فى الحكومة، أصبحوا يشتكون من وضعهم، لأنهم رأوا زملاءهم فى القطاع الخاص، أصبح منهم الأكبر منصباً والأكبر راتباً، ومن تخطى ال3000 جنيه، وبعضهم من تزوج واشترى السيارات والشقق الفاخرة والبعض الآخر فتح مشروعاً أو شركة خاصة به. ويضيف «أبوالناس»: إن الذى يعمل فى القطاع العام يصلح له لأنه لا مكان فى القطاع الخاص للخاملين، غير الطموحين، فالقطاع الخاص يعطى من يعطيه، ومن يعطى هو بكل تأكيد إنسان نشيط له هدف. أما من يطرد - كما يرى البعض لائمين على القطاع الخاص - فالحقيقة أن مكانه أن يذهب إلي عمل يعود منه دون أن يفعل شيئاً، ثم يقبض راتباً آخر الشهر ومثل هذه النوعية من الناس ستبقى كما هى حتى تخرج من الدنيا ولن تتقدم! ويوضح «أنا شخصياً عملت فى القطاع الخاص، لمدة تصل إلى 5 سنوات بعد تخرجى، وبدأت براتب يعتبر قليلاً، لكننى استمررت، ثم انتقلت إلى شركة أخرى براتب أفضل، حتى أصبح لى خبرة وسعر، واكتسبت الخبرة والمال، اللذين جعلانى أمتلك شركة خاصة بى فى نفس مجالى، وإن كانت صغيرة، لكنها ستكبر. ويرى «مصطفى صالح» أن فكرة العمل فى الحكومة أو القطاع الخاص، ترجع إلي مدى قيمة المكان وليس القطاع، بمعنى أننى إذا جاءتنى فرصة عمل فى وزارة مثل البترول، أو أحد مشتقاتها من الشركات، فهنا بكل تأكيد أتبع هذه المقولة «وأتمرمغ للصبح»، لكن إذا جاءتنى فى أماكن حكومية تعرف بندرة مرتباتها، «200 إلى 500 على أقصى تقدير»، فسيكون ردى «بلا ترابه بلا قصوره» وسأتوجه بكل تأكيد إلى القطاع الخاص، والعكس صحيح، رغم أن القطاع الخاص له سلبياته ومنها التهرب من التأمينات، وأنا شخصياً فى قمة ارتياحى منذ 4 سنوات فى القطاع الخاص، لأننى فى مكان أعطيه فيعطينى. ويضيف: ما يميز القطاع الخاص التطوير والتدريب المستمر لموظفيه والترقية السريعة والاحتكاك القوى بقطاعات أقوى، وهذا ما لا يوجد فى الحكومة، التى تعطى أموالها للجالسين على المكاتب لتعطيل مصالح الناس أو لعب ال«games» على الكمبيوتر. ويؤكد «أحمد خلف» أن العمل فى القطاع الخاص أفضل من العمل فى الحكومة والقطاع العام، لأن فيه تحقيقاً أكبر للذات، وعائداً مادياً أفضل، وتطويراً وتدريباً دورياً عكس القطاع الحكومى. ويوضح «خلف» أن القطاع الخاص لن يسرح عاملاً أو موظفاً، إلا إذا تهاون فى عمله، فطالما أنك تعطى العمل حقه فلا يوجد ما يؤرقك، على العكس فهناك تحفيز، مقارنة ب«الحكومة»، التى لا فرق فيها بين من يعمل ومن لا يعمل، الكل متساوٍ فى النهاية فى الراتب، فالذى قال: «إن جالك الميرى» قد مات «وشبع موت»!! فيما يختلف «محمد العربى» مؤكداً أنه يفضل القطاع العام، لأنه لن يفعل شيئاً سوى الذهاب والعودة الساعة الثالثة عصراً، كحد أقصى، ليبحث عن عمل آخر حتى يتسنى له تحقيق دخل إضافى، لان الحكومة لن تعطيه راتباً عادلاً»!