كان الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التربية والتعليم، ضيفاً على اجتماع لجنة «المواطنة» فى المجلس الأعلى للثقافة، صباح أمس الأول، برئاسة الدكتورة ليلى تكلا.. ولأنى عضو فيها، فقد ذهبت لأسأل الوزير بدر سؤالاً محدداً، له أول وله آخر! طبعاً كلمة «المواطنة» سوف تبدو صعبة عليك، شأنها شأن «الخصخصة» و«الشفافية» و«الحوكمة» و.. و.. إلى آخر هذه الكلمات التى انتشرت على ألسنتنا خلال الفترة الأخيرة، دون أن تحظى بالشرح الكافى، الذى يجعلها سهلة على الناس، ويجعلها مهضومة لكل عقل بسيط! وليس ل«المواطنة» معنى، إلا أن نكون جميعاً متساوين فى الحقوق وفى الواجبات، لا لشىء، إلا لأننا مصريون فى الأول وفى الآخر، وبصرف النظر تماماً عن دين كل واحد، أو لونه، أو نوعه، أو أى شىء.. فأنت على أرض هذا البلد مصرى، وأنا مصرى، وهو مصرى، ولا شىء مطلقاً يدعو إلى أى تفرقة بيننا، أو يبررها، وإذا كانت هناك تفرقة من أى نوع، فيجب أن نقاومها طول الوقت، ونظل نقاوم، حتى لا يكون لها أى وجود! وليس من الممكن أن نصل، كأفراد فى المجتمع، إلى هذا الموقف من أى تفرقة إلا إذا كنا فى الأصل قد تلقينا تعليماً حقيقياً، فى المدرسة وفى الجامعة، مع وضع ألف خط تحت كلمة حقيقى، لأنه فرق كبير جداً بين أن تذهب إلى المدرسة لتتعلم، وبين أن تذهب إليها نفسها، لتنال شهادةً، بأنك ذهبت وتخرجت! وقد كان الدكتور بدر، طوال الجلسة، التى دامت ثلاث ساعات ونصفاً يتكلم عن تطوير فى المناهج، بما يحول «المواطنة» من مجرد فكرة نتحدث عنها فى كل منتدى، إلى يقين فى داخل كل واحد فينا، ثم إلى سلوك على الأرض.. وكان يتكلم أيضاً، عن مدرس يتم تدريبه، ليسقى هذه المناهج المتطورة لطلابه، وكان يتكلم للمرة الثالثة عن مدرسة لائقة كمبنى، بحيث تجرى فيها العملية التعليمية بانضباط وكفاءة، من أولها إلى نهايتها! ولذلك كان سؤالى على النحو الآتى: إذا كنت يا دكتور بدر، تفكر بهذه الطريقة، فنحن معك، ونؤيدك وندعمك، ولكن يجب أن تقول لنا: من أين سوف يتم تمويل هذه العملية التعليمية بعناصرها الثلاثة الأساسية من أول المنهج، مروراً بالمدرس وانتهاء بالمدرسة؟! والسؤال على نحو آخر هو: ليس هناك تعليم «ببلاش» وإنما له تكلفة لابد أن يدفعها أى طرف من أطرافه، وليس سراً أن الذى يدفع هذه التكلفة، الآن، هو كل «ولى أمر» على حدة، فى صورة دروس خصوصية، وحين تتصدى الدولة لموضوع التعليم، كما يجب أن تتصدى له إنفاقاً واهتماماً وأولوية، فسوف تنتقل التكلفة وقتها من أولياء الأمور كل واحد على مستواه إلى الحكومة إجمالاً! وحين جاء المهندس محمد منصور إلى وزارة النقل، قبل أن يستقيل منها، فإنه صارح الدولة بأن حال السكة الحديد زى الزفت، وأنها - أى الدولة - إذا كانت تريد سكة حديد زى الناس، فهو - كوزير - يريد 7 مليارات جنيه، فإذا لم تكن الدولة عندها هذا المبلغ، فيجب أن تتوقف عن الكلام عن سكة حديد تنقل الناس إلى مصالحهم وبيوتهم، وليس إلى الآخرة! وكان السؤال للوزير بدر: إذا كان الوزير منصور قد طلب سبعة مليارات وحصل عليها، فكم طلبت أنت، ومتى تطلب لتحقق تعليماً جيداً؟! والذين يتابعون كوارث السكة الحديد لابد أنهم قد لاحظوا أنها، كلها وبلا استثناء، تعود إلى أخطاء بشر، لم يتعلموا، بما يعنى أن المشكلة بصريح العبارة أولها عند الوزير بدر تحديداً، وآخرها فى كل ركن من أركان المجتمع!