فى ظل الخلاف المتصاعد بين إيران والقوى الغربية الكبرى بشأن طموحات طهران النووية، أفاد تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بأن إيران قد تصبح قادرة على بناء صاروخ قادر على ضرب الولاياتالمتحدة بحلول عام 2015. وجاء فى التقرير الذى صدر هذا الشهر، وأرسلت نسخة سرية منه إلى الكونجرس وكشف عنه النقاب أمس الأول، أن «إيران وبمساعدة أجنبية كافية، ستتمكن على الأرجح من تطوير واختبار صاروخ ذاتى الدفع عابر للقارات يمكنه الوصول للولايات المتحدة بحلول عام 2015». واعتبر التقرير أن «برنامج إيران النووى ورغبتها فى الحفاظ على إمكانية تطوير أسلحة نووية جزء أساسى من استراتيجية الردع لديها». وتراقب واشنطن عن كثب النجاحات التى تحققها إيران فى تكنولوجيا الصواريخ بعيدة المدى، وتتهم طهران بالسعى لامتلاك أسلحة نووية، كما تدفع باتجاه فرض جولة جديدة من العقوبات على الجمهورية الإسلامية، بينما تنفى إيران الاتهامات الموجهة إليها وتقول إن برنامجها النووى أغراضه سلمية. وفشل الجيش الأمريكى فى يناير الماضى فى إحباط ضربة صاروخية إيرانية جرت محاكاتها فى إطار تدريب تكلف 150 مليون دولار فوق المحيط الهادى، وفشلت المحاولة بسبب عطل فى رادار. ولم يتضح على الفور ما إذا كان التقدير الأخير لتكنولوجيا الصواريخ فى إيران مختلفا عن تقدير وضعته المخابرات العامة فى مايو 2009 وجاء فيه أنه من غير المرجح أن تمتلك إيران صاروخاً بعيد المدى قبل ما بين 2015 و2020 وذلك وفقاً لما قاله مسؤولون أمريكيون اطلعوا على التقرير السابق حين صدوره. ومن ناحيته، وصف آيك سكيلتون رئيس لجنة القوات المسلحة فى مجلس النواب الأمريكى التقرير بأنه «نظرة شاملة للوضع العسكرى فى إيران». واشتمل التقرير أيضا على تقدير لقدرات إيران العسكرية الأوسع ودعمها لمقاتلين فى العراق وأفغانستان بجانب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى الأراضى الفلسطينية و«حزب الله» فى لبنان. وذكر التقرير - دون أن يوضح تفاصيل - أن «حزب الله» قام وبدعم من إيران بتجديد ترسانته عما كانت عليه أثناء الحرب التى شنتها إسرائيل على لبنان عام 2006، وقال إن إيران لديها القدرة من خلال علاقتها الطويلة بحزب الله «على ضرب إسرائيل بشكل مباشر وهى تهدد مصالح إسرائيلية وأمريكية فى العالم». وقدر التقرير قوام القوات البرية الإيرانية بنحو 220 ألف فرد و«قوات المقاومة البرية» التابعة للحرس الثورى بنحو 130 ألف فرد. وقال إن إيران تملك ما بين 1800 و1900 دبابة. ويبحث مستشارو الأمن القومى للرئيس الأمريكى، باراك أوباما، عدداً كبيراً من الخيارات لكبح جماح برنامج إيران النووى ومن بينها توجيه ضربات عسكرية إذا فشلت الدبلوماسية والعقوبات. كانت طهران رفضت فى أكتوبر الماضى اقتراحاً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسليم 70% من اليورانيوم الضعيف التخصيب إلى روسيا لتخصيبه بنسبة 20% ثم تحويله إلى وقود فى فرنسا لمفاعل الأبحاث الإيرانى. وطالبت طهران بأن يتم التبادل بشكل متزامن وعلى أراضيها بسبب «عدم ثقتها» بالغربيين، ورفضت القوى الكبرى هذه الشروط مما أدى إلى قرار إيران إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% الذى تحتاجه بنفسها. كان الرئيس الإيرانى، محمود أحمدى نجاد، وافق أمس الأول على عدة مواقع لإقامة مصانع جديدة لتخصيب اليورانيوم، لكن البيت الأبيض شكك فى هذه المعلومات، معتبراًَ أن هذا الكلام لا يتطابق مع حقيقة البرنامج النووى الإيرانى. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت جيبس، أمس الأول «كما يحدث عادة فإن الخطاب الإيرانى والبرنامج النووى الإيرانى لا يتطابقان دائماً مع حقيقة ما هم قادرون على القيام به»، لكن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت أن الولاياتالمتحدة «لاتزال مهتمة» بإحياء عرض تبادل اليورانيوم الذى قدمته الوكالة الذرية، إذا اتخذت طهران خطوات تظهر جديتها فى هذا الشأن. جاء ذلك فيما أعلن وزير الخارجية التركى، أحمد داود أوغلو، أمس فى طهران أن تركيا «مستعدة للعب دور وسيط» بين إيران والقوى الكبرى للمساعدة فى حل أزمة الملف النووى الإيرانى. وقال داود أوغلو فى ختام لقاء مع نظيره الإيرانى، منوشهر متقى، «نأمل فى أن يكون لنا دور مفيد فى هذا الملف»، مؤكدا أنه بالنسبة لأنقرة فإن «الحل يمر عبر التفاوض والعملية الدبلوماسية» بدلا من العقوبات التى تفكر فيها القوى الكبرى بحق إيران. وعلى صعيد متصل دعت الولاياتالمتحدةوروسيا الدول الأخرى الأعضاء فى الأممالمتحدة إلى التمثل بهما على صعيد خفض الأسلحة النووية والاستخدام السلمى للطاقة النووية واتخاذ إجراءات فى هذا الإطار. ووجه سفيرا البلدين، خلال جلسة مناقشة لموضوع نزع السلاح والأمن، نداءً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما طالب الأمين العام للمنظمة الدولية، بان كى مون، بتحويل موارد التسلح نحو التنمية، وأوضح كى مون أن «النفقات على التسلح فى العالم تتجاوز ألف مليار دولار سنويا وتزداد باضطراد»، وأضاف «ينبغى قلب هذه الأولويات، يمكننا إنفاق موارد نحتاج إليها من أجل مكافحة التبدل المناخى والتصدى لانعدام الأمن الغذائى وتحقيق أهداف الألفية».