عندما تتابع التقارير التى يجرى تسريبها عن الرئيس بين حين وآخر، لابد أن تشعر بالقلق، حتى لو كان الهدف من هذه التقارير طمأنتك بأن الرئيس سيعود للقاهرة وسيبدأ مزاولة نشاطه من جديد. لكن اللافت أن هناك حديثاً يتزايد حول نية الرئيس تعيين نائب له للمرة الأولى بعد أن أشرفت ولايته الخامسة على الانتهاء، فيما يحاول البعض ترويج هذه الخطوة باعتبارها مرادفاً للاستقرار، وكأن المطلوب منا أن نتنفس جميعاً الصعداء لأن الرئيس يفكر أخيراً فى تعيين نائب له بعد أن ظل 30 عاماً يرفض هذه الخطوة. كان الرئيس طوال هذه المدة يحتج بأنه لا يريد أن يفرض خليفة له على الشعب المصرى، ويريد خاصة بعد تعديل طريقة انتخاب رئيس الجمهورية أن يكون للشعب، عبر صندوق الاقتراع، حق اختيار من يحكمه، وهذا منطق وجيه للحق رغم كل عيوب المادة 76 التى تكاد تبقى حق الترشح للرئاسة مقصوراً على مرشح واحد. الأمر تقريباً محسوم دستورياً.. فلماذا إذن يحاول البعض مناقشة الرئيس ومحاولة إقناعه بتعيين نائب له، وكأن الاستقرار فقط سيتحدد باختيار مبارك لمن يخلفه، مع أن الأمر قد يكون أسهل بكثير لو أعلن الحزب الوطنى، الذى يرأسه الرئيس مبارك، عن مرشحه للرئاسة فى انتخابات 2011 المقبلة.. ألا تعتقد أن مرشح الوطنى فى هذه الحالة سيكون كنائب الرئيس تماماً الذى يتقدم للترشح بدلاً منه، أو عقب خلو المنصب. بعض قيادات الحزب الوطنى يحتجون بأنه من غير المناسب إعلان اسم مرشح الحزب بينما مازال باقياً على الانتخابات 18 شهراً، وهذا منطق متردد، فليس هناك داع على الإطلاق لأن يفاجئ «الوطنى» الناس باسم مرشحه قبل أسابيع من الاقتراع، والأحزاب الكبرى فى العالم كله تفصح عن أسماء مرشحيها قبل موعد الانتخابات بوقت طويل ما بين انتخابات داخلية فى الحزب، واستعدادات للانتخابات العامة.. ولكم فى الانتخابات الأمريكية مثال. لكن هذه التقارير إذا كانت صحيحة، فذلك يعنى أحد أمرين، إما أن المدة الرئاسية الحالية قد يرغب الرئيس فى عدم استكمالها لأى سبب، وفى الوقت نفسه لا يريد الدعوة لانتخابات مبكرة، ويفضل مع مستشاريه ترك الحراك السياسى الحالى يتفاعل حتى الموعد الطبيعى للانتخابات، فيفكر فى نائب يستكمل المدة، أو أنه اختار خليفته بالفعل وهو خليفة تنطبق عليه العوائق الدستورية الحالية، ولا يحق له الترشح فى الانتخابات قبل الانضمام للأمانة العامة للحزب الوطنى، كما يقول الدستور، وانضمامه لهذه الهيئة الحزبية العليا سيكون أكثر وجاهة ومنطقية وهو نائب الرئيس. هذه مجرد احتمالات تفترض صحة ما يجرى تداوله الآن، وإن كنت لا أرى مبرراً منطقياً لذلك مع وجود آليات دستورية لنقل السلطة وانتخاب الرئيس، كما أن تعيين النائب ليس الخطوة المهمة التى ينتظرها الشعب المصرى من الرئيس مبارك.. الاستقرار لن يضمنه النائب بقدر ما سيضمنه دستور عصرى ينهى عصر التفويضات المطلقة للحاكم.. لكن قبل أى إجراءات من حقنا أن نعرف.. ماذا يجرى تحديداً فى شرم الشيخ؟ [email protected]