لا يكاد يمر علينا شهر حتى يضرب كوكبنا إعصار أو تسونامى أو زلزال. ووفقاً لمنظمة أوكس فام، وهى منظمة أهلية بريطانية، فإن ما يقرب من 250 مليون نسمة يذهبون ضحية الكوارث الطبيعية. ومن المتوقع أن يصلوا إلى 375 مليوناً بحلول عام 2015. وفى غضون الأسابيع القليلة الماضية، تعرضت هاييتى وشيلى لزلازل عنيفة. غير أنه لا يجب أن يغيب عنا أن التسونامى دمر جنوب شرق آسيا فى عام 2004 أو أن الإعصار كاترينا كان مدمراً لولاية لويزيانا أو أن الفيضانات أغرقت غرب أفريقيا. فلا يوجد مكان آمن على الأرض. وألقت تلك الكوارث الطبيعية، التى وقعت مؤخراً، الضوء على حدود النظام الإنسانى الحالى. وبخلاف الالتزام الملحوظ من جانب العاملين فى هذا المجال، وبالرغم من زيادة الوسائل المخصصة لهذا المجال، فإن المجتمع المدنى لا يمتلك القوة الكافية ليواجه التحديات التى يفرضها غضب الطبيعة. وتقوم المنظمات الأهلية والهيئات الحكومية الدولية بالفعل بعمل كبير، ناهيك عن الفلسفة الجديدة: هناك قيمة واحدة فقط وهى إنقاذ الأرواح. ولكن ما يحتاجه العالم الإنسانى بالفعل هو الإعداد والإشراف والتنسيق والتنظيم والهيكلة... إنه يحتاج إلى «جهاز مخابرات إنسانى» لوضع توقعات لعمل العالم الإنسانى وتوحيده. فنحن لا نتوقف عن تقييم البصمة البيئية وحساب كفاءة الطاقة فى كوكبنا. ألم يحن الوقت بعد لنتعلم كيفية ترتيب الموارد الإنسانية وإدارتها والوسائل المتاحة بالإضافة إلى القدرة البشرية؟ وتقع هذه المهمة على عاتق الأممالمتحدة بطبيعة الحال لأنها «تتحمل مسؤولية حماية» البشر فى العالم، وهى أيضاً الكيان الوحيد الذى يمتلك شرعية تنسيق جميع فرق الإنقاذ سواء كانت منظمات حكومية أو غير حكومية. ومع الافتقار إلى وجود قوة إنسانية دولية تمتلك السرعة فى رد الفعل فإننا نطالب بوجودها اليوم. توجد فرق حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ذات الخوذة الزرقاء فى أماكن النزاع المسلح. فقد حان الوقت لإيجاد فرق الإنقاذ ذات الخوذة الحمراء تكون حمراء مثل لون الإنقاذ من أجل الكوارث الطبيعية. ولكونها المركز الجديد للأزمات فى العالم، فإن فرق الإنقاذ ذات الخوذة الحمراء تسعى لتسهيل عمل المنظمات الأهلية فى وقت حالات الطوارئ. اليوم فترة الطوارئ. تفتقر إلى وضع توقعات والسيطرة على الموقف. وبالفعل فإن الأمر يستغرق بعض الوقت لنقل المساعدات الإنسانية ولكن بمجرد وصولها إلى الموقع علينا القيام بنشر مجهوداتنا بأسلوب منظم ومنسق بدون تضييع أى وقت. فإنه فى الساعات الأولى بعد وقوع الكارثة نستطيع إنقاذ الأرواح. وبعد ذلك يكون قد فات الأوان ويقضى عمال الإنقاذ مزيداً من الوقت فى عد الضحايا. ونمتلك القدرة الكاملة على خلق عمل إنسانى فعال ومستدام. ومع فرق الإنقاذ ذات الخوذة الحمراء نستطيع القيام بعمل إنسانى يتناسب مع أوقات الطوارئ، وهى جهة إنسانية 100% تدور حول قيادة عليا قوية تحدد الاحتياجات وتقوم بعمل جرد للموارد المتاحة وتمتلك مراكز إقليمية فى كل قارة لوضع استراتيجية العمل من أجل توافق الإجراءات كما تدور حول قوة تشغيلية واحدة يتم نشرها فى وقت الطوارئ لتنسيق فرق الإغاثة وتنظيم المساعدات الدولية. وكان زلزال هاييتى كارثة أودت بحياة الكثيرين. ولذلك فإن على المجتمع الدولى أن يقر بضرورة توفير «مرشد» للعالم الإنسانى. فهذا أمر حيوى للضحايا وضرورى لفرق الإغاثة الذين يشتكون من عدم قدرتهم على تحسين أنشطتهم لتصل إلى أفضل مستوى بسبب غياب التنظيم والتنسيق. ومن بورت أو برنس، انضم رئيس دولة هاييتى رينيه بريفال، الذى شهد أكبر تعبئة دولية غير مسبوقة وأكبر حالة من عدم التنظيم للمساعدات الإنسانية فى السنوات الأخيرة، انضم إلى معركة فرق الإنقاذ ذات الخوذة الحمراء. وقال: «فى البداية يجب أن تكون المساعدة منظمة، وأنا أساند بقوة اقتراح الوزيرة الفرنسية السابقة نيكول جيدج وهى متواجدة معنا اليوم لإنشاء وحدة دولية تحت رعاية الأممالمتحدة يطلق عليها فرق الإنقاذ ذات الخوذة الحمراء على غرار فرق حفظ السلام ذات الخوذة الزرقاء وتضم هذه الوحدة جميع الدول التى ترغب فى الانضمام لها وبالتالى يتم تنسيق المساعدات لتصل بكفاءة وفى أول يوم ودون تأخير». وبعد مرور شهرين، كرر رينيه بريفال طلبه أمام باراك أوباما أثناء خطابه فى البيت الأبيض. وإذا لعب الأمريكيون، فرضاً، دور منسق الإغاثة فى هاييتى، فمن الحتمى أن تشترك جميع الدول فى مهمات الإنقاذ المستقبلية. وفى الآونة الأخيرة، طالب الفاتيكان بضرورة خلق شكل جديد لحوكمة المساعدات الإنسانية. وكما أثارت صحيفة الفاتيكان لوسيرفاتور رومانو فى يوم 2 مارس قائلة: «إن النوايا الحسنة لم تعد كافية. وسوف تستمر مسألة تنسيق أعمال الإغاثة فى الظهور فى الأفق حتى نتخذ القرارات اللازمة»، وذلك قبل قيامها بالدعوة إلى «الإرادة السياسية» لدى رؤساء الدول لخلق «قوة تابعة للأمم المتحدة للحماية المدنية». وماذا سيحدث لو أن أفريقيا التى اتحدت حملت بوعى الخوذة الحمراء إلى منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ تستطيع أفريقيا المتحدة حفر «حق المساعدة» على رخام ميثاق منظمة الاتحاد الأفريقى. ويجب على أفريقيا صاحبة الرؤية أن تعمل على توصيل صوتها فى هذه المناقشة، فلماذا لا يحدث ذلك فى مايو فى مدينة نيس حيث تعقد القمة الأفريقية - الفرنسية المقبلة؟ جون بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى نيكول جيدج الوزيرة الفرنسية السابقة ورئيسة مؤسسة فرق الإنقاذ