هل يخلع الموتى أكفانهم ويعودون للحياة؟ هل بعد اليأس رجاء؟ أسئلة تستنبطها وأنت تقرأ مقدمة الكتاب الأخير، الصادر للراحل محمود عوض، والذى حمل عنوان «اليوم السابع.. الحرب المستحيلة.. حرب الاستنزاف، وقد استهله بمقدمة استعرض فيها أجواء الأيام التالية للنكسة فى يونيو عام 1967، متنقلا ما بين عواصم العالم العربى والغربى وردود الفعل على عملية «قتل الديك الرومى» وهو الاسم الكودى لعملية التخلص من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى استقبل النكسة وما تلاها بعبارة: «لقد عرفوا كيف يصطادونى». فموسكو استقبلت فى أعقاب النكسة كلا من رئيس الجزائر «هوارى بومدين» ورئيس العراق عبدالرحمن عارف لتخبرهما بغضبها للفشل العربى الذى انتهى باستيلاء إسرائيل وأمريكا على السلاح الروسى ليعرفا أسراره. بينما تلقى الرئيس الأمريكى «ليندون جونسون» فى واشنطن تقريراً عن نجاح أهداف الحرب الإسرائيلية فى دحض كل دعاوى العروبة والقومية لدى الدول العربية التى لم تعد لها حياة إلا أن تعيش منعزلة منكفئة على جراحها. أما يوغسلافيا فقد استقبلت عاصمتها بلجراد خطابا من الرئيس الأمريكى يخبر فيه نظيره «جوزيف تيتو» بأنه لن يدفع مصر إلى ذل أكثر مما تعرضت له. ولكن عليها ألا تعترض على أى ثمن على العرب سداده. فى الوقت ذاته كان الملك فيصل فى الرياض يبلغ غضبه للسفير الأمريكى مطالبا إياه بالانسحاب الإسرائيلى من سيناء والقدس والجولان والضفة الغربية، أى الأراضى التى احتلتها إسرائيل فى 5 يونيو من عام 1967. أما الرئيس ناصر فكان قراره بترحيل أسرته خارج حدود القاهرة، واضعاً مسدسه بجواره دوماً، خاصة أنه لم يعد يفصل إسرائيل عن ابنة المعز سوى 7 دبابات. هكذا كانت أحوالنا العربية فى تلك الأيام، ولذا كان التفكير، مجرد التفكير، فى حرب جديدة مع إسرائيل فى ظل تلك الظروف، ضرباً من الجنون.