«ضربها بيده على فخذها وقال افتحى يا حيوانة» هكذا بدأ مينا ذكرى الطبيب، المدون، الناشط الحقوقى الكتابة عن خبرته كطبيب مساعد فى غرفة الولادة بقسم النساء والتوليد فى أحد المستشفيات العامة. يحكى مينا فى مدونته «مراقب مصرى» عن تلك اللحظات قائلاً: «كانت من أولى (حالات) الولادة (الطبيعية) التى أحضرها كطبيب مساعد فى أحد أشهر مستشفيات الولادة الحكومية فى مصر.. كان أسلوب التعامل مع السيدات اللاتى يأتين ليضعن أطفالهن فى هذا المستشفى المجانى ليس بالأسلوب الإنسانى ولا المتحضر ولا المهنى بشكل عام ولكن هذه الحالة بوجه خاص تلقت معاملة (خاصة) لظروفها الخاصة فقد أتت فى سيارة أجرة وهى على وشك الولادة بل إن رأس الجنين كان بالفعل بدأ يشق طريقه نحو العالم الخارجى ولم يكن لديها وثيقة زواج ولم يكن معها أحد من أهلها وحين ضربها الطبيب شعرت بالعجز والشلل ولم أعرف ماذا أفعل؟!». يضيف مينا: «لم أعرف لها اسما ربما كان رشا أو دينا، لكن كانت الحالة غير مستوفاة لأوراق التسجيل والتى على رأسها وثيقة الزواج وشخص (ذكر) من عائلة (الزوج) ليشهد بصحة نسب الطفلة (للأب) الذى ستدلى الأم باسمه.. بشكل ما تداولت ألسنة الأطباء والممرضات (طبيعة) هذه (الحالة) التى تبلغ من العمر ما لا يزيد على ثمانية عشر عاما ولا زوج لها وتأتى بمفردها للمستشفى الحكومى الذى كنت طبيب امتياز به وكانت ظروفها تجعل الجميع يتعاملون معها باعتبارها (عاهرة).. لو أتت فى مرحلة مبكرة من الولادة فقط بعدة دقائق لكانوا طردوها لتلد طفلها (أو طفلتها) فى الشارع أو لتلقى حتفها بعيدا عن (المستشفى الطاهر) بأطبائه وممرضاته». وفى مدونة «على القهوة» يرصد مدون آخر تفاصيل انتهاك حقوق «ست الحبايب» فى غرفة الولادة ويبدأ تدوينته بتحذير واضح «تحتوى هذه الصفحة على محتوى صادم برجاء توخى الحذر فقد تنفجر هذه التدوينة فى وجهك.. غير مصرح للحوامل والمرضعات». تتناول التدوينة التى حملت عنوان «مساء الخير يا مولاتى» تفاصيل عملية ولادة طبيعية بداية من «البهدلة» وحتى طريقة تفحص الغرز بعد الولادة و«التريقة» على الجسد الجريح من الأطباء ومعاونيهم. يقول المدون: «هذه هى ست الحبايب التى نغنى لها تهان وتنتهك جسديا ونفسيا فى أكشاك الولادة». مينا ذكرى يعلق على التدوينة ليكشف جزءاً آخر من خبرته كطبيب وحقوقى فيقول: «شاركت فى أكثر من 2000 عملية ولادة أثناء عملى كطبيب وأفكر فى الكتابة عن حالات شاهدتها لأكشف هذا النظام الفاشل صحيا وإنسانيا.. فكرت أن أكتب عن المريضة التى انتزعها الألم من الخدر وركضت خارج كشك الولادة، بينما جرحها لايزال نازفا ومشيمتها متدلية.. وأتذكر السيدة التى قمت بتوليدها على عربة نصف نقل فى إحدى قرى الصعيد أو الأخرى التى اضطرت للولادة على الأرض لأن أهلها خافوا من تلوث الفراش بدماء الولادة!».