عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولادة أحفاد الرؤساء المصريين في الخارج بحثاً عن طب متفوق أم وجاهة اجتماعية؟!

الولادة في مستشفيات بريطانيا تتكلف مابين 3500 و5000 جنيه إسترليني فريدة ابنة جمال مبارك أكملت عقد الأحفاد المولودين في الخارج للرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك
جمال مبارك و زوجته
ما المساعدة الطبية التي تحتاجها أي سيدة في انتظار حادث سعيد يسبقه ألم تاريخي اسمه ألم الولادة؟ نعيد السؤال مرة ثانية بشكل أدق.. إذا كانت هذه السيدة هي مواطنة مصرية وتخطت بمستواها الاقتصادي الطبقة الوسطي بمراحل ولديها بجوار الهاتف قائمة بعناوين جميع المستشفيات الاستثمارية في مصر فما الذي يدفعها للتفكير في التحرك تحت وطأة هذا الوزن الثقيل بالشهر التاسع لتسافر ما يزيد علي 12 ساعة إلي أمريكا أو بريطانيا أو كندا لتضع مولوداً سيبقي لون بشرته واحدا سواء كانت غرفة العمليات التي استقبلته في مقاطعة مانشستر بلندن أو في مقاطعة منيا القمح بمحافظة الشرقية؟ وما عدد المصريات اللاتي يفعلن ذلك؟ ومن هن؟ ولماذا؟
ولادة خديجة الجمال زوجة جمال مبارك لابنتهما الأولي فريدة في لندن- خاصة أنها ليست الأولي لأحد من المشاهير في مصر وقد سبقهما في ذلك كثيرون منهم المغنية شيرين- طرح العديد من الأسئلة السابقة ومعها أسئلة أخري علي شاكلة: هل هذا إعلان عن نوع جديد من فشل مستشفيات مصر وأطبائها حتي في الولادة؟ أم أن موضة الولادة في أمريكا التي أصبحت ظاهرة بيت الطبقات القادرة في مصر هي السبب؟ ولماذا لا ينظر هؤلاء إلي قضية الولادة في الخارج للحصول علي الجنسية الأمريكية كما ينظر لها البعض علي أنها حالة احتقار للبلد، أم أن لهولاء منطقهم أمام تدهور الأحوال بشكل عام؟
رغم أن أحفاد الرئيس السادات هم أول من بدأوا طريق الولادة بالخارج فإن السيدة جيهان السادات وضعت أطفالها الثلاثة في مصر وصادفت في المرة الأولي عدم وجود زوجها وقيام أحد الأقارب بنقلها إلي أقرب مستشفي، أما أولي حالات أبناء الرؤساء التي بدأت معها سكة سفر الولادة في الخارج فكانت مع السيدة رقية السادات الابنة الكبري للرئيس السادات من زوجته الأولي إقبال والتي وضعت ابنها الأصغر «شريف» في أحد المستشفيات اللندنية، وفي وقت مقارب وضعت داليا فهمي زوجة المهندس خالد جمال عبد الناصر طفليهما الأول والثاني جمال وتحية أثناء إقامته في لندن خلال فترة إعداد رسالة الدكتوراه، وكذلك ينطبق الأمر علي ياسمين جمال السادات التي أطلق عليها جدها قبل وفاته بقليل «الحلوة المستوردة».
وهذه هي الحالات الأشهر والتي غالبا يتم الكشف عنها لتعلقها بظروف سفر أو عمل إلا أن الحقيقة المؤكدة أيضا أنه ومنذ هذا الوقت تحولت الولادة بالخارج إلي ظاهرة وتقليد لدي كثير من أسر السياسيين وأصحاب النفوذ والمال في مصر والعالم العربي،ذلك رغم كل الإرشادات الصحية العالمية المتعلقة بالولادة لا تشترط أبدا أن تتم الولادة في لندن أو نيويورك وإنما تضع شروطاً وضوابط أخري.
فعلي سبيل المثال فإن لائحة الإرشادات الصحية التي تقدمها دوائر الصحة البريطانية حول «عملية الولادة المثلي» تشرح للسيدة الحامل أهم العوامل التي يجب أن تراعيها والأسئلة التي يجب أن تجيب عنها قبل اختيار مكان الولادة، وتبدأ الورقة برسالة طمأنة بأن عملية الولادة هي من أسهل العمليات الجراحية علي الإطلاق بل إنها لا تعتبر عملية بالمعني الكامل، لأن عملية الولادة الفطرية «الطبيعية» تحتاج طبيباً بدرجة مراقب أكثر منه جراح، وتضيف اللائحة أن مستشفي الولادة التي تزيد فيها حالات الولادة القيصرية بالتدخل الجراحي علي 23% هو مؤشر خطير علي مستوي الأداء والمراقبة داخل المستشفي بل وقد تعكس رغبة في الربح لا أكثر.
أما أهم الأسئلة التي يجب أن تفكر فيها المرأة عندما تقرر الولادة فهي: هل هي قريبة من البيت والعائلة؟ وما رأي الطبيب المتابع لفترة الحمل؟ وأي المستشفيات التي يتعامل معها؟ هل يتوافر بالمستشفي طبيب ولادة في جميع الأوقات؟ هل في المستشفي وحدة للعناية المركزة؟ هل هناك استشاري رضاعة وإخصائي طب أطفال؟ هل هناك قسم خاص بالتخدير؟ هل هناك مكان لمبيت المرافق؟ كم ليلة يسمح للأم بالمبيت؟ وهل يسمح للأم أن تبقي الطفل في غرفتها؟ هل يتم تقديم نصائح حول الرضاعة ورعاية الصغار؟ هل يسمح بإدخال كاميرا الفيديو إلي غرفة الولادة؟.. ثم النصيحة الأخيرة «اطلعي أولا علي الرابطة الوطنية لمراكز الإنجاب داخل مقاطعتك قبل التفكير في التوسع خارجها وتأكدي من سلامة أوراق وتراخيص المستشفي».
هذا عن موقف طب النساء عامة لكن الغريب أن الطب النسائي في مصر له سمات خاصة جداً، هذا الطب الذي بدأ من عند «الداية» وانتقل بعدها ليكون ثاني قسم يتم تأسيسه في قصر العيني بعد قسم الرمد ويكون رائده هو د. نجيب محفوظ باشا الذي يظهر اسمه ضمن قائمة ال 500 رائد عالميا بطب النساء والذي تم تسمية الروائي الكبير علي اسمه امتناناً له ولدوره في حالة الولادة الصعبة-، ليصل إلي اليوم حيث يوجد 129 مركز ولادة حكومياً وأهلياً وحوالي 53 مستشفي متخصصاً واستثمارياً والأهم أنه مجال واسع وجاذب لجميع الأطباء باختلاف قدراتهم بل وأهوائهم السياسية أيضا فهو القسم الطبي الوحيد الذي تنافس داخله الحزب الوطني والمعارضة إذا ينتمي د.حسام بدراوي للفريق الأول ويمثل د.محمد أبوالغار المعسكر الثاني؟
تأتي بريطانيا وأمريكا في مقدمة الدول التي يفضل بعض المصريين الولادة فيها، فرغم أن الأولي لا تمنح الجنسية فإن اسمها ارتبط بصورة أكبر بعمليات الولادة بقصور الرئاسة العربية خلال الفترة الأخيرة، ويعتبر مستشفي «بورتلاند» شرق لندن هو الأوسع انتشاراً والأكثر شهرة والذي شهد قبيل فترة قليلة من ميلاد فريدة جمال مبارك في لندن رحلة مماثلة قامت بها «عائشة معمر القذافي» وزوجة «أحمد علي صالح» النجل الأكبر للرئيس اليمني والنائب الأول لقائد القوات المسلحة، وقبلهم بما يزيد عن عشر سنوات كانت ولادة «زهوة ياسر عرفات»، وكما يقول الموقع الرسمي للمستشفي العريق «لا نعلن عن أسماء عملائنا» ولكنها تؤكد في الوقت نفسه قيمة أن يحصل المولود علي شهادة تشير إلي مولده داخل بورتلاند، ومن اللافت للنظر دون أن يثير الدهشة أن تتوافر قائمة العروض والخدمات باللغة الإنجليزية ونسخة خاصة ب «اللغة العربية» ليس هذا فقط بل أن يكون هناك منسق خاص للعملاء العرب وهي الاسم الأكثر شهرة لدي كل من يسافرن للولادة بالخارج وهي الطبيبة «خديجة مهاجر» وهي مسلمة بريطانية من أصل عربي. أما ما تقدمه بورتلاند فهو السماح بليلة مبيت واحدة في حين أن إقامة المرافقين غالبا ما تكون في فندق كلاريدجزClaridge's بمنطقة ماي فيرMayfair القريبة، والقائمة بالطبع تتسع لمستشفيات أخري علي رأسها كريت أورمند الأمريكية وكروميل المملوكة للشيخ زايد ويعمل بها عدد كبير من الأطباء العرب والسعر المتداول داخل أغلب المستشفيات البريطانية الخاصة من 3500 5000 جنيه إسترليني للولادة الطبيعية، في حين تتوافر مستشفيات حكومية عريقة يتم تداولها بكثرة علي منتديات المصريين بالخارج وهي لندن كلينيك ووتشلسي أند ويست مينستر.
د.محمد أبوالغار أستاذ الطب النسائي بدأ حديثه قائلاً «مافيش أسهل من الولادة، اللي تعمله داية بيعمله طالب امتياز بيعمله أكبر أستاذ في مصر» وأضاف أن الإنجاب خارج مصر لا يتعلق فقط بموضة أو شياكة بالأوساط السياسية والمالية ولكنها أصبحت منهجا لدي كثير من المصريين أبناء الطبقة الوسطي العليا للحصول علي الجنسية باعتبارها أهم تأمين لمستقبل أبنائهم، وقال إنها ظاهرة بدأها الأقباط المهاجرون وبدأت كل أسرة تساعد أقاربها في مصر علي الأقل بالولادة للخارج حتي إن لم يتمكنوا من الهجرة بشكل كامل ومن بعدها انتشرت بين المسلمين الباحثين عن فرصة للهجرة»، وأضاف: «أمريكا وأستراليا وكندا بالطبع تجيء في المرتبة الأولي لأنها الدول التي تمنح الجنسية مباشرة إلا أن هناك دولا أوروبية تمنح الجنسية بعد فترة أقل من سنتين إقامة للمولود وتعتبر «أيرلندا» هي النموذج الأنسب لعدة أسباب أهمها انخفاض تكاليف الولادة مقارنة بغيرها».
في حين يذهب د.عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق للقول بأن هناك فئة من السياسيين ورجال الأعمال الذين صاروا يخشون المستقبل لدرجة الخوف الهيستيري وبحاستهم يدركون أن القادم ربما يكون أسوأ، فيلتمسون الأمان في جنسية دولة أخري سواء كان ذلك بالميلاد أو بالاكتساب.
وعن ميل البعض للولادة في بريطانيا تحديداً، فأرجع الأشعل ذلك لكونها بلدا لا يشترط التنازل عن الجنسية الأصلية للحصول علي جنسيتها، موضحا أن الجنسية الأجنبية تمنح صاحبها حماية خاصة مما جعل ذلك حلما لكثير من المصريين سواء كانوا من المسئولين أو رجال الأعمال أو من المواطنين البسطاء في ظل تدهور الأوضاع التي أثرت في قيم الانتماء خاصة بين الشباب الذين يتساءلون الآن «هي الجنسية المصرية لزمتها إيه» علي حد تعبيره.
فيما اختلف تفسير الناشط أحمد بهاء الدين شعبان لميل بعض كبار رجال الثروة والسياسية في مصر علي أن ينجبوا أبناءهم في الخارج، وقال محددا حديثه علي ولادة ابنة جمال مبارك في لندن: «ربما يكون هذا أمراً طبيعياً لأن جمال مبارك قضي شبابه في إنجلترا وأخواله من ويلز، فطبيعي جدا أن يشعر بحنين وانتماء إلي إنجلترا، وإن كان هذا سلوك «مؤسف» وفيه قدر كبير من الإهانة لمصر».
أما السفير إبراهيم يسري فتحدث عن الأمر من زاوية أشمل قائلاً: «رؤساء دول العالم الثالث والدول الاستبدادية عموما متفقون في هذه الجزئية.. كلهم يبحثون لذويهم عن جنسيات تحميهم من الانقلابات والاضطرابات وتضمن لهم حياة كريمة، لذلك فليس مستغرباً ما قام به جمال مبارك فهو لم يشذ عن القاعدة.
أما بطلة مصر في السباحة سابقا وطبيبة النساء والتوليد «رانيا علواني» فعلقت قائلة: طب النساء في مصر متميز جدا والإرشادات به واسعة، وكثير من الدول العربية يأتون للمتابعة والولادة في مصر، وأضافت: أنا ماعنديش مانع إن أي حد يقول أي سبب للولادة بالخارج، لكن ما ينفعش نقول إن مستوي الطب وحش خاصة انك بتتكلم عن مستويات تقدر تدخل لأفضل مستشفيات في مصر، وأعتقد أن إللي بتعاني بجد هي الست إلي بتولد في مستشفي الجلاء وغيرها من الجمعيات الأهلية اللي ستات عليها بالطوابير ومستوي الخدمة صعب وفي حالة رهبة نفسية، الست بتدخل في أصعب لحظة في حياتها للولادة وسط ضغط ونطر من كل إللي في المستشفي وممنوع حد يدخل معاها وفي الآخر بتولد وبتفرح».
عامة، من الصعب طبعا تحديد عدد من يلدن بالخارج ولكن ما يسهل التأكد منه هو الإحصاءات التي تتحدث عن أن إجمالي المصريين المقيمين خارج مصر مليونان و726 ألف مواطن وخلال عام واحد اكتسب 2186 مصرياً للجنسيات الأجنبية منها الألمانية والأسترالية والأمريكية وهو ما يعني «أن هناك كثيراً من المصريين يفضلون الإنجاب بالخارج لظروف حياتهم ولخوفهم الشديد من القادم بالبلد فيقولون «أي جنسية تانية أحسن» وهو ما يجعل أبناء الذوات خارج هذا الاختيار بالتأكيد.
ومما يسهل التأكد منه أيضاً أن مستوي الأطباء في مصر ليس متردياً لهذه الحالة خاصة في مجال طب النساء الذي أشاد به تقرير منظمة الصحة العالمية العام الماضي ورصد تطورا ملحوظا في نقص عدد وفيات الأمهات والمواليد وانتقال مصر من المرحلة الخامسة إلي الثالثة وإشاراته إلي أن المستوي الطبي جيد بالنسب لما يزيد علي 80% من القائمين علي هذه المهنة وأن أسباب التعثر تعود لسوء مستوي التغذية وارتفاع معدلات الأنيميا وانخفاض مستوي التمريض وافتقار عدد كبير من المناطق النائية لوحدات طبية، فهل يهرب أصحاب السلطة والثروة للولادة خارج مصر خوفا من أن يوقعهم حظهم السيئ في نسبة ال20% المتبقية؟ ربما، خاصة أنه إذا كان مفهوما أن تقدم مطربة مثل شيرين علي الولادة في الولايات المتحدة الأمريكية بدوافع المباهاة بالحدث واقتناص الجنسية الأمريكية لابنتها الوليدة، فإنه من المدهش إذن أن يقدم البعض علي إنجاب أبنائهم في بريطانيا تحديدا وهي التي لا تمنح جنسيتها للمولودين الأجانب علي أراضيها، فهل ما حدث مع «فريدة جمال محمد حسني مبارك» له علاقة بأمور عائلية لا يعرف عنها أحد شيئا؟ وارد، خاصة أن ولادة خديجة الجمال -كما أعلن- كانت طبيعية وعادية كأي عملية ولادة ولا تحتاج إلي أي رعاية طبية فائقة، وإن كان لم يتم التأكد حتي الآن من أن خديجة قد رافقت أسرة الرئيس في رحلته العلاجية الأخيرة في ألمانيا، فإن ظروف الحمل في أيامه الأخيرة تشير إلي أنه من الصعب أن تتنقل زوجة نجل الرئيس من مصر إلي ألمانيا ومنها إلي بريطانيا من أجل الولادة، والأرجح أنها سافرت من مصر إلي لندن مباشرة استعداداً للولادة المنتظرة، وهو أمر يوحي بأن ذلك كان مرتبا ومتفقا عليه من قبل، وأن ولادة أول حفيدة للرئيس مبارك في بريطانيا لم يكن أمرا عارضا فرضته ظروف وجود أسرة الرئيس بأكملها خارج مصر بسبب إجراء مبارك لعملية جراحية لاستئصال الحويصلة المرارية.
المدهش أن تقريراً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» صدر عام 2008، يشير إلي أن 37% من حالات الولادة في مصر تتم دون متابعة من أي شخص، سواء كان طبيبا مختصاً أو «داية»!، وورغم هذا فإن معدل وفيات الأمهات المصريات أثناء الولادة قد انخفض- بحسب تقرير آخر منسوب لجامعة الدول العربية - بشكل كبير في السنوات الأولي من الألفية الجديدة حتي وصلا إلي 84 حالة لكل مائة ألف سيدة، فيما يصل عدد وفيات الأمهات الحوامل أثناء ولادتهن إلي نصف مليون أم في العالم كله بحسب تقرير آخر لليونيسيف صادر في 2009.
النسبة العالمية كبيرة ومروعة طبعا، لكن غالبيتها تقع في البلدان شديدة الفقر في أفريقيا وآسيا، أو تلك الواقعة تحت ظروف احتلال أو ديكتاتورية مطلقة، تقلل من شروط الرعاية الصحية، وهي أمور بعيدة إلي حد كبير عن مصر، التي وإن كانت تشهد تدهورا صحيا في نواح شتي، فإن ذلك لم يصل إلي الحد الذي يدفع البعض إلي تنظيم رحلات للخارج من أجل التسوق والفسحة والولادة حرصا علي حياة الأم، لكن الأمر فيما يبدو له علاقة أكيدة بوضع الأم المالي والسياسي، ذلك أنه رغم المآسي التي تشهدها المستشفيات الحكومية فالستات في مصر لسه بيولدوا وبيفرحوا رغم ظروفهم الصعبة، فازاي إللي خدته الفقيرة مش هتقدر عليه بنت الأغنياء في المستشفيات الخاصة» وهو ما يجعل أبناء النفوذ والسلطة والمال خارج هذا الاختيار أيضاً، لتبقي الإجابة الأولي الخاصة بالشياكة هي الإجابة الأكثر وجاهة ومنطقية و«شياكة» أيضاً!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.