«ماقدرتش أستحمل وعرفت ليه زميلاتى سابوا القسم ده».. هكذا بدأت د. مروة أبوضيف حكايتها مع «كشك الولادة» فى مستشفى الدمرداش العام « كنت فى الامتياز وحضرت عملية ولادة وشوفت بعينى دكتور محترم وأستاذ كبير وهو بيضرب المريضة.. ما قدرتش أستحمل يعنى إيه يضرب واحدة عشان بتصرخ من الألم.. هى ذنبها إنها بتولد ولا إيه.. كانوا بيعلمونا إن آلام المخاض رهيبة وغير محتملة بس ده كان فى الكلية لكن فى الكشك شوفت يعنى إيه تعاقب إنسان عشان بيتألم.. تعاقبه عشان بيحس» فى كشك الولادة بمستشفى الدمرداش كانت مروة ترى تجاربها الأولى كطبيبة شابة فى الحياة العملية «كان نفسى أتعلم بجد واعرف أساعد الستات إنها تولد بشكل محترم.. فى الأول ماكنتش مصدقة الكلام اللى بيتقال إن المرضى بينضربوا وإن فيه دكتور ممكن يشتم مريضة أو يضربها عشان بتصرخ من الألم.. كنت بقول ده مش معقول ومش ممكن يكون بيحصل.. بعد شوية ولما شفت بعينى الضرب والإهانة ماقدرتش أستحمل خرجت من كشك الولادة ومارجعتش القسم ده تانى». غادرت مروة المستشفى كله، لم تكتف بقسم النساء فقط، رحلت إلى مستشفى هيئة النقل العام وتخصصت فى علاج الأمراض الجلدية لتبتعد أكبر مسافة ممكنة عن «أكشاك الإهانة والضرب» وكى تظل فكرة الطب بداخلها نقية إلى حد ما. محمد سيد الطبيب الشاب فى المستشفى نفسه كان قراره أكثر حسما: «فى البداية كنت بسمع زى أى طالب طب عن اللى بيحصل.. وفى الامتياز شفت زمايلنا اللى دخلوا روند النسا وعرفت منهم تفاصيل مرعبة عن الضرب والتكدير والشتيمة.. عرفت إن الانتهاكات شيء طبيعى وعادى جدا فى القسم وعرفت إن ضرب المرضى جوه الكشك أسهل من شكة الدبوس والأغلبية بتعمل كده»، يحكى محمد عن الوجه الآخر للكشك قائلاً: «مش المريض بس اللى ممكن ينضرب.. فكرة الإهانة فكرة عامة، ممكن جدا نائب سينيور يضرب نائب جينور وممكن يشتمه بالأب والأم قدام الناس.. وعشان تبقى نائب فى مستشفى الدمرداش وخاصة فى قسم النسا عليك أنك تتحمل إهانات فوق طاقة البشر وده اللى بيخلى بعض الأطباء الشبان يلجأوا للانتحار، بسبب الضغوط النفسية الرهيبة اللى بيتعرضوا لها من الأساتذة الكبار طبعا ده بيحصل مش بس للأطباء لكن للطبيبات كمان، أنا فاكر واحدة زميلتنا كانت متفوقة جدا وعلى طريق إنها تبقى من أشطر طبيبات النساء، الزميلة دى تركت قسم النسا كله بسبب الإهانات المتكررة، وفيه قاعدة الكل عارفها والأساتذة بيطبقوها وهى إن تخصص فتاة فى أمراض النسا يعنى تقليص حصة الأطباء الذكور من السوق وعشان كده بيتفننوا فى تطفيش أى بنت عاوزة تبقى طبيبة نسا وماحدش بيعدى منهم إلا لو معاه واسطة أو خد قرار إنه يدخل فى حرب إهانات تستمر سنين لحد ما يبقى نائب نسا وطبعا لازم يحاول يفلت من عقوبات الdirty work وينسى بقى التعليم الحقيقى وشغل العمليات».