عيد: نريد أن يكون المتحف بديلا عصريا لمراكز الشباب المتحف الجديد يمثل «أكاديمية متكاملة» تتيح للزوار تعلم الحرف التراثية واللغة المصرية القديمة قال خبير المتاحف وأستاذ دراساتها في بريطانيا الدكتور هيثم عيد، إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع سياحي أو صرح معماري ضخم، بل هو بيت للمجتمع المصري ومؤسسة وطنية شاملة؛ مشددًا على أن قيمته الحقيقية لن تتحقق إلا إذا شعر المصريون بالانتماء إليه واعتبروه جزءًا من حياتهم اليومية. جاء ذلك في تصريحات ل«الشروق» مع الأكاديمي المصري العالمي، على خلفية لقاء ثقافي نظمته السفارة الأمريكية بالقاهرة، حيث أوضح أن المتحف المصري الكبير سيكون حدثًا ثقافيًا عالميًا بكل المقاييس. وأضاف: «الأهم من ذلك أن يصبح المتحف بيت المصريين أولًا، قبل أن يكون وجهة للسياح». وقال عيد: «إذا كان الأثر والحكاية التي نعرضها لا تترك أثرًا إيجابيًا في المجتمع، فهذا يعني أننا لم نقدم شيئًا، ومن حق كل مواطن أن يشعر بأن المتحف ملكه، وأن يكون جزءًا من حمايته ودعمه». وأشار عيد، إلى أن المشروع، الذي أنفقت عليه مصر مليارات الجنيهات، لا يجب أن يُختزل في كونه مخزنًا للآثار، بل مؤسسة وطنية قادرة على احتضان جميع فئات المجتمع، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، عبر برامج تعليمية وفنية وثقافية، مضيفًا أن هذه الفئات ينبغي أن تجد في المتحف فضاءً مرحبًا بها، يساعدها على الاندماج والاستفادة من التراث. وأوضح خبير المتاحف، أن أكبر تحدٍ يواجه هذا القطاع في مصر هو ضعف الترويج الخارجي رغم جودة العمل الذي يقدمه المتخصصون. وتابع: «نحن نمتلك أعمالًا على مستوى عالمي، لكننا لا نُحسن تسويقها، وفي الخارج تُبنى سمعة المتاحف عبر المؤتمرات والنشر العلمي والحضور الدولي، بينما يظل الكثير مما ننجزه غير معروف بالشكل الكافي». وتحدث عن دور التكنولوجيا الحديثة في دعم المتاحف، قائلاً: «الوسائط الرقمية وأدوات الواقع الافتراضي تتيح للجمهور حول العالم الاطلاع على آثار مصر وكأنهم بداخلها، لكنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن الزيارة الحقيقية، والتكنولوجيا وسيلة للترويج، لكنها لا تغني عن رؤية الأثر على الطبيعة. ومشاهدة مقبرة توت عنخ آمون عبر نظارة تختلف تمامًا عن دخولها فعليًا». وعن الدور الاجتماعي والثقافي للمتحف المصري الكبير، أوضح عيد، أن الرؤية المستقبلية له تتجاوز فكرة العرض التقليدي إلى كونه مركزًا متكاملاً للثقافة والإبداع. وأضاف: «نريد أن يكون المتحف المصري الكبير بديلاً عصريًا لمراكز الشباب، حيث يمكن للطفل أن يذهب إلى مدرسته صباحًا ثم ينهي يومه في المتحف، يمارس الرياضة، ويحضر ورشًا فنية وعروضًا مسرحية، فينشأ مرتبطًا بتاريخه وهويته الوطنية». وتابع أن المتحف الجديد يمثل أيضًا «أكاديمية متكاملة» تتيح للزوار تعلم الحرف التراثية واللغة المصرية القديمة، فضلاً عن ممارسة الفنون التشكيلية والموسيقية المرتبطة بالهوية المصرية، مؤكدًا أن هذه الأنشطة تجعل المتحف أقرب إلى الناس وتجعل المجتمع شريكًا في رسالته. ووجه خبير المتاحف، رسالة تقدير لكل من أسهم في إنجاز المشروع، قائلاً: «الحلم الذي راودنا منذ أواخر التسعينيات تحقق اليوم. هذا ليس إنجازًا لمرة واحدة، بل بداية لسلسلة من المتاحف الكبرى في أنحاء مصر كلها، حتى تظل المتاحف بيوتًا للمجتمع وذاكرة حية للأمة».