«كنت فى الشارع باتبهدل أوى.. كنت باشوف أذى كتير من كل اللى حواليا من أول الأهالى والناس العاديين، لغاية الحكومة والضباط وأمناء الشرطة واللى كانوا بيعملوه فينا» هكذا تحدث أحمد عبدالعال-25 عاما- أحد أولاد الشوارع عن حياته السابقة فى الشارع: «فى الشارع عرفت إهانة إن ميبقاش ليك تمن.. إن كل الناس تيجى عليك عشان مالكش ضهر يحميك..» تابع أحمد الذى امتلأ وجهه ويداه بكثير من الجروح: «فى الشارع كمان اتعرضت لعصابات سرقة الأعضاء البشرية، وطلبوا يشتروا منى كليتى بس أنا رفضت لكن غيرى سمع كلامهم وباع». بدأ أحمد حياته فى الشارع وعمره 12 عاما وقضى فيه نحو 13 عاما.. كان والده تاجرا صغيرا يأتى ببضائع من بورسعيد ويحاول بيعها فى القاهرة، وكان لدى أحمد خمسة إخوة يعيشون معه ووالده فى حجرة واحدة: «كنت أصغر واحد فيهم، وأخويا الكبير كان بيخلينى أنزل بالغصب وأبيع مناديل فى الإشارات ولما أرجع يضربنى وياخد منى الفلوس.. ماكانش فيه حد بيدافع عنى قدام ظلم أخويا غير أمى، وفى النهاية ما قدرتش أستحمل القرف ده كله فسبت لهم البيت». يضيف أحمد: «سمعت إن فيه جمعية بتعمل مشاريع لأولاد الشوارع وتملكها لهم.. فى الأول ماكنتش مصدق.. ناس كتير أوى كانت بتقول كلام كتير.. اللى يقولى هشغلك، واللى يقولى هوفرلك مكان تقعد فيه، بس كله كان كلام، وماكانش فيه أى حاجة بتحصل، وبطلت أصدق حد.. بس المرة دى حسيت إن الحكاية بجد، بيدربونا ويعلمونا ويخلونا نفكر ممكن نعمل مشاريع إيه، ويطلبوا منّا دراسات جدوى للمشاريع.. وعلّمونا إزاى نعملها.. وأنا قلت خلاص هافتح محل منظفات منزلية وبقالة فى حى من الأحياء الشعبية.. وفعلا أخدت من المشروع 5000 جنيه منحة، وبدأت أدور على محل، لغاية ما لقيت واحد مساحته كويسة، أخدته بعقد إيجار جديد لمدة سنتين، دفعتله 1500 جنيه تأمين، وبباقى الفلوس جبت بضاعة مليت بيها المحل فى الأول اتعرضت لمشاكل كتير.. كان بيتنصب عليا كتير أوى.. بس فى كل الأوقات كنت بلاقى سند وحد يحمينى.. مرة اتنصب عليا فى بيعة بيض.. اشتريت ب500 جنيه وطلع كله بايظ.. سكان الشارع اللى فيه المحل هما اللى جابوا لى حقى.. أنا كنت باقول إن بيتى اتخرب ومشروعى باظ.. بس فى لحظة لقيت كل الناس حواليا.. اللى واقف جانبى يواسينى.. والشباب فى الشارع راحوا يدوروا على اللى نصب عليا وجابوه، والستات اللى فضلوا يتخانقوا مع التاجر النصاب عشان يرجع لى فلوسى.. كل ده حصل عشانى، وكل دول وقفوا جانبى.. أنا فاكر أول ما فتحت المحل بدأت أتعرف على الناس اللى حواليا.. كان منهم واحدة ست كبيرة ساكنة فى البيت اللى جنب المحل، الست دى بقيت دلوقتى أكتر من أمى، كل يوم تصحينى عشان أشوف شغلى وأول ما بافتح المحل تعملى كوباية الشاى وتنزلها بنفسها.. غير الغدا والعشا اللى بتعملهم لى أو بيعملهم حد من السكان جيراننا، ولما بفتح متأخر بتزعل منى ومابترضاش تتكلم معايا غير لما أصالحها». ويضيف أحمد قائلا: «الناس هنا هما اللى دوروا لى على مكان أسكن فيه.. كنت الأول بابات فى المحل.. أقفله الساعة 12 وأنام فيه.. لما ربنا ييسر الحال وفعلا لقينا أوضة فى نفس الشارع اللى فيه المحل، إيجارها 90 جنيه فى الشهر، مش عارف الناس هى اللى اتغيرت معايا ولا أنا اللى باشوفهم غير الأول.. بس دلوقتى باحس إنى لازم ابقى كويس عشان خاطر كل اللى وقفوا جانبى دول، أنا كمان بدأت أتعلم القراءة والكتابة والحساب، عشان أقدر أسجل تمن البضايع، وأحسب صرفت إيه ومعايا كام.. أنا بقالى حوالى 8 شهور شغال.. والدنيا اتغيرت كتير خلال ال8 شهور اللى فاتوا دول».. «باتمنى دلوقتى إن شغلى يكبر والمحل ده يبقى أكبر وأكبر، وأقدر أتجوز وأفتح بيت وأكون أسرة كويسة، وأجيب عيال وأعلمهم تعليم كويس».