مصادر: غدا اجتماع تنسيقي بمستقبل وطن لإعلان القائمة الوطنية لانتخابات النواب المقبلة    البابا تواضروس يلقي وصايا داود النبي لابنه سليمان على كهنة 7 إيبارشيات بأسيوط (صور)    أخبار الاقتصاد اليوم: ارتفاع سعر الذهب.. خدمات مجانية لتطوير الأعمال الحرفية ضمن فعاليات معرض تراثنا.. أسهم الأسواق الناشئة تواصل ارتفاعها بدعم من التفاؤل بصفقات الذكاء الاصطناعي    وزير الزراعة يوضح الحقيقة الكاملة لأزمة غرق أراضي طرح النهر    ترامب ينشر رد حماس على خطته بمنصة تروث سوشيال    قيادي بحماس ل الشروق: رد الحركة على خطة ترامب لم يمس الثوابت المتمثلة في الدولة والسلاح وحق المقاومة    اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي ألقى قنابل قرب عناصرنا في جنوب لبنان    حلمي طولان: المنتخب في ورطة قبل كأس العرب والأندية تبحث عن مصلحتها    درجات الحرارة غدا السبت في مصر    المنيا: سقوط توك توك في حفرة صرف صحي أمام وحدة صحية بأبو قرقاص دون إصابات    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بقنا    أنوسة كوتة تكشف تطورات الحالة الصحية ل ماس محمد رحيم    رياض الخولي في ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية: «طيور الظلام» قفزة مهمة في حياتي الفنية    أوبرا دمنهور تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر (صور وتفاصيل)    بيحسوا بالملل.. 4 أبراج لا تحب الوحدة وتهرب من العزلة (هل أنت منهم؟)    4 عناصر يجب الانتباه إليها، النظام الغذائي المثالي للتعايش مع أمراض الكلى المزمنة    المنيا.. النيابة تنتدب الطب الشرعي لكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مزرعة بسمالوط    وكيل جهاز المخابرات السابق: المصالحة الفلسطينية لم تعد أولوية في ظل الوضع الحالي    العقيد محمد عبدالقادر: إنجاز أكتوبر كان نصرًا عربيًا بامتياز    إرث أكتوبر العظيم    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    قوات جيش الاحتلال تقتحم بلدات في نابلس وتعتقل شابين فلسطينيين    لمدة 6 ساعات.. قطع المياه عن هذه المناطق بالجيزة خلال ساعات    الزمالك يدرس رحيل ثلاثة لاعبين في الشتاء.. عواد والجزيري على قائمة المغادرين    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    محمد صلاح يلتقط صورة تذكارية مع الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    87 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بتلا والشهداء في المنوفية    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    ضبط متهمين بالتعدي على طلاب أمام مدرسة بالمطرية    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصرى اليوم» تنشر تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان عن عام 2009: «رقعة الفقر» تتسع.. و«شبكات الأمان الاجتماعى» هشة أمام الطائفية

أصدر المجلس القومى لحقوق الإنسان تقريره السنوى السادس حول حالة حقوق الإنسان فى مصر لعام 2009 دون توصيات محددة بعكس ما جرت عليه عادة المجلس فى السنوات السابقة، لكن التقرير تضمن فى الوقت نفسه العديد من الملاحظات على وضعية حقوق الإنسان، وأكد أن مسارها اتسم بقدر من الجمود خلال العام المنقضى.
وعلى الرغم من أجواء التكتم التى صاحبت إعداد التقرير، الذى رفعه المجلس إلى الرئيس حسنى مبارك ورئيسى مجلسى الشعب والشورى فى الأسبوع الأول من شهر فبراير الماضى، دون علم أعضاء المجلس أنفسهم، فإن مصادر مطلعة اعتبرته الأضعف من بين تقارير المجلس، وأرجعت ذلك إلى ضيق مسؤولى القومى لحقوق الإنسان لعدم استجابة الدولة لتوصياتهم كل عام، والاكتفاء بإشادة مجلس الوزراء بالتقرير من خلال استعراضه فى جلسة عادية من باب رفع الحرج، وامتصاص بعض الانتقادات.
وتنشر «المصرى اليوم» نصوصاً لأهم ما تناوله التقرير، كما تنشر نص خطاب أرسله حافظ أبوسعدة، عضو المجلس، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إلى السفير محمود كارم، أمين عام المجلس، ينتقد خلاله خلو التقرير من التوصيات، وتحول دور المجلس إلى «مكتب بريد» ينقل الشكاوى إلى الجهات المعنية، كما يطالب فيه بأن يكون التقرير السنوى تقييماً لحالة حقوق الإنسان فى مصر، وليس تقريراً عن أنشطة المجلس.
رصد المجلس القومى لحقوق الإنسان فى تقريره عن عام 2009 مجموعة من الصعوبات التى تعترض عمله، معتبراً أنه يتقاسم بعضها مع غيره من المنظمات الوطنية المعنية بالنهوض بحقوق الإنسان وإشكاليات التعامل مع الأوضاع الناتجة من سريان حالة الطوارئ واستمرار حبس محتجزين أمضوا فترة عقوبتهم أو يتعرضون لظاهرة الاعتقال المتكرر بقرارات إدارية، وأشار المجلس فى تقريره السنوى أيضاً إلى أنه يتقاسم مع غيره من المنظمات الوطنية المعاناة من بطء الإجراءات المتعلقة بمعالجة أسباب ظواهر الاحتقان الاجتماعى، وفى مقدمتها الاحتقان الطائفى والتوتر الأمنى فى سيناء، وحماية المواطنين المصريين العاملين فى الخارج.
وأشار المجلس إلى أن المفهوم الخاطئ للطبيعة الاستشارية للمجلس يضع صعوبات إضافية أمام الاضطلاع بدوره فى معالجة الشكاوى ومعالجة بعض الإشكاليات ومنها زيارة السجون وأماكن الاحتجاز أو تبنى حالات بعض الضحايا أمام القضاء.
وطالب التقرير بتذليل تلك الصعوبات من خلال إدخال تعديلات على قانون تأسيس المجلس رقم 94 لسنة 2003 بحيث يتم دعم قدراته بإمكانية تعيين مفوضين متفرغين من بين أعضائه ومنحهم صلاحيات محددة لتلبية احتياجات العمل والتوسع فى الأنشطة مثل العديد من المؤسسات الوطنية.
واقترح التقرير إمكانية قيام المجلس بضم أعضاء من الشخصيات العامة الخبيرة والمعنية بحقوق الإنسان فى لجانه النوعية، دعماً لقدرات هذه اللجان على ممارسة أنشطتها، وإلزام جهات الاختصاص المعنية بتوفير المعلومات واتخاذ الإجراءات المتعلقة بالتحقيق فى الشكاوى المحالة من المجلس وإزالة أسبابها.
وشدد التقرير على ضرورة إعطاء المجلس الحق فى رفع الدعاوى القضائية أو التدخل فيها فى الحالات التى تستوجب ذلك، دفاعا عن حقوق الإنسان، مشيراً إلى أنه حق متاح للجمعيات الأهلية فى قانونى حماية البيئة وحماية المستهلك، ومن الغريب ألا يكون للمجلس القومى هذا الحق.
وأكد المجلس، فى تقريره، أن مسار حقوق الإنسان اتسم بقدر من الجمود خلال العام 2009، فعدا تعزيز مشاركة المرأة فى مجلس الشعب، لم يحرز الإطار القانونى تطوراً فى إزالة العقبات التشريعية التى تحول دون تعزيز حقوق الإنسان أو الحريات العامة، أو تسهم فى دعم حقوق المواطنة، التى أرساها الدستور فى تعديله الأخير، مشيراً إلى أن تعهدات الدولة بالإصلاح التشريعى ظلت دون تنفيذ، كما بقى أهم إنجاز تشريعى حققته الدولة فى العام 2008، وهو قانون الطفل، معلقاً لعدم صدور لائحته التنفيذية.
وأشار التقرير إلى وجود ممارسات جسدت انتهاكات لطائفة من الحقوق الأساسية والحريات العامة، وضاعفت تداعيات الأزمة الاقتصادية وتراكماتها من معاناة المواطنين فى تلبية حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، فاتسعت رقعة الفقر، وحجب الغلاء والإهمال فساداً مالياً وإدارياً نال من الجهود التى بذلتها الحكومة لتخفيف الآثار الاجتماعية للأزمة الاقتصادية، لافتاً إلى أن عوامل الجمود السياسى، وهشاشة شبكات الأمان الاجتماعى تضافرت لتفاقم العديد من الأزمات الاجتماعية وفى مقدمتها التوترات الطائفية والاجتماعية والأمنية التى ظهرت تجلياتها فى سلسلة غير مسبوقة من الأحداث الطائفية، والاحتجاجات الاجتماعية.
وأكد المجلس أنه بمناسبة مرور عامين على إصداره لوثيقة تفعيل حقوق المواطنة التى كفلتها التعديلات الدستورية فى عام 2007، فقد أجرى المجلس مراجعة لمدى التقدم المحرز فى تفعيل هذه الحقوق، ولم تكن مؤسسات الدولة الدستورية بمنأى عن هذه المراجعات، ففى سياق دورهما الدستورى، قام مجلسا الشعب والشورى بمراجعات مهمة للعديد من السياسات الاجتماعية للدولة وواصل القضاء الإدارى دوره فى مراجعة العديد من القرارات الإدارية التى تؤثر على مصالح المواطنين، وأصدر أحكاماً وفتاوى مهمة، من أبرزها قبول الطعن بعدم دستورية ضم الصندوق القومى للتأمينات إلى وزارة المالية، وتعزيز الحريات الشخصية بتمكين الطالبات المنتقبات من السكن بالمدن الجامعية، واللحاق بامتحاناتهن، وبيان مواطن العيب الدستورى فى مشروع قانون التأمين الصحى الجديد.
وأشار المجلس إلى أن مراجعاته للإجراءات التى اتخذتها مؤسسات الدولة عكست مسافة بين السياسات الرسمية من ناحية وتطلعات المجتمع نحو تفعيل احترام حقوق الإنسان والمواطنة من ناحية أخرى، بدءاً بتغليب اعتبارات الأمن على الحريات العامة، ومروراً بتغليب اعتبارات النمو الاقتصادى على اعتبارات العدالة الاجتماعية، وانتهاء ببطء إجراءات الإصلاح التى أصبحت تقصر عن مطالب المجتمع بتسريعها.
وجدد التقرير تأكيد المجلس على العلاقة العضوية الوثيقة التى تربط إعمال معايير وقيم حقوق الإنسان بسائر عناصر الواقع القانونى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى، وهى العلاقة التى يعبر عنها الدستور، كما تعبر عنها الالتزامات الدولية النابعة عن انضمام مصر لثمان من اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أنه رغم أن الفترة التى يغطيها التقرير كسابقتها، شهدت تقدما فى بعض مجالات حقوق الإنسان، كما شهدت تراجعاً فى البعض الآخر. فقد كانت بمثابة جسر انتقالى نحو استحقاقات دستورية وقانونية ستحدد مسار حقوق الإنسان والحريات العامة فى البلاد بشكل كبير فى الفترة القادمة، وفى مقدمتها النظر فى مد العمل بحالة الطوارئ فى شهر مايو 2010، وانتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى وانتخابات مجلس الشعب، وتفعيل التعهدات الطوعية التى التزمت بها الدولة فى سياق المراجعة الدورية الشاملة، مؤكداً أنه على ثقة بأن الدولة سوف تضع فى اعتبارها كل الطموحات التى عبرت عنها المراجعات المختلفة خلال الفترة التى يغطيها التقرير.
ورصد الباب الأول من التقرير حالة حقوق الإنسان ونص على:
أولاً: الحقوق الأساسية:
1- الحق فى الحياة:
استمر انتهاك الحق فى الحياة خلال العام 2009، وطال عدداً من المواطنين المصريين وغيرهم فى سياق علاقتهم بأجهزة الدولة، أو جراء تعرضهم للتعذيب فى أماكن الاحتجاز، أو خلال تنفيذ القرارات الإدارية، كما فقد عدد من المواطنين أرواحهم، بسبب الإهمال فى إدارة المرافق العامة بالدولة فى قطاع الصحة والنقل، وقع بعضها تحت طائلة تحقيقات النيابة العامة، وامتد بعضها للمسؤولية السياسية باستقالة وزير النقل. ووثق المجلس عدداً من الحالات كان من بينها وفاة السجين الفلسطينى يوسف أبو زهرى فى سجن برج العرب بشبهة التعذيب، ومقتل 14 مهاجرا أفريقيا على الحدود مع إسرائيل.
2- الحق فى الحرية والأمان الشخصى:
يشكل انتهاك الحق فى الحرية والأمان الشخصى المدخل الرئيسى لوقوع مصفوفة أخرى من الانتهاكات كما يفضى أحياناً إلى انتهاك الحق فى السلامة الجسدية وغيرها من ضروب المعاملة القاسية والحاطة بالكرامة والمحاكمة العادلة وانتهاك حرية الرأى والتعبير وحرية المشاركة فى الشؤون العامة وحرية التنظيم، كما أن انتهاك الحق فى الحرية والأمان الشخصى يمثل أكثر أنماط انتهاكات الحقوق الأساسية.
وقد تنوعت أشكال وصور هذا الانتهاك خلال العام لتشمل القبض والاعتقال الإدارى، والذى شمل عدداً من النشطاء السياسيين وأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من المواطنين على صلة بالاحتجاجات الاجتماعية والتظاهرات السياسية، فضلاً عن استمرار اعتقال عدد غير محدود من المعتقلين من التيارات الإسلامية.
وعبر المجلس عن قلقه تجاه استمرار ظاهرة أخذ رهائن من النساء والأطفال وذوى القربى لإجبار مطلوبين على تسليم أنفسهم لأقسام الشرطة، ففى قسم شرطة إمبابة احتجز رجال المباحث الجنائية ثلاث نساء وشابين وطفلاً من أسرة المواطن «وجيه فخرى»، فضلا عن رضيعة عمرها ستون يوما فى 17 مايو 2009، ومنهم «ماجدة إمام عبدالمنعم» البالغة من العمر 50 عاما، و«شيماء وجيه فخرى» الطالبة ببكالوريوس التجارة، و«رباب عبدالفتاح جابر» ومعها طفلتها الرضيعة «شهد كريم وجيه».
3- الحق فى المحاكمة العادلة:
يتمثل انتهاك ضمانات الحق فى المحاكمة العادلة فى مصر بشكل نمطى عبر إحالة المتهمين للمحاكمة أمام المحاكم الاستثنائية على أحد مسارين: الأول هو محاكمة المتهمين من المدنيين أمام المحاكم العسكرية التى تختص أصلا بمحاكمة العسكريين، والثانى هو إحالة المتهمين للمحاكمة أمام محاكم جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، بمقتضى قانون الطوارئ والتى لا يمكن الطعن على أحكامها. ويعتبر كلا المسارين المصدرين الرئيسيين لانتهاك الحق فى المحاكمة العادلة وفق المعايير الدولية الخاصة بمحاكمة المتهم أمام القضاء الطبيعى.
4- معاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين:
استمرت جهود الدولة فى تطوير المؤسسات العقابية، ومحاولة تحسين أوضاع السجناء وغيرهم من المحتجزين، وتوسعت خلال العام فى إطلاق سراح السجناء وفق قواعد الإفراج الشرطى بعد قضائهم ثلاثة أرباع المدة المحكوم بها. وأطلقت وزارة الداخلية سراح (2834) نزيلا من المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية.
ثانياً: الحريات العامة:
1- حرية الفكر والاعتقاد:
شهدت حرية الفكر والاعتقاد خلال الفترة التى يغطيها التقرير انفراجة نسبية للمواطنين البهائيين، واستمرار التضييق على المواطنين الشيعة، والتعنت فى التعامل مع المنتقبات، بينما تفاقمت مظاهر الاحتقان الطائفى بين المواطنين المسلمين والأقباط، وانزلقت إلى أعمال عنف أفضت إلى سقوط العديد من الضحايا.
وجدد المجلس دعوته لتبنى مقترحاته التشريعية بإصدار قانون يجرم التمييز والحض على الكراهية، وكذا إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة، وهو ما سيدلل على الحرص على إعلاء حقوق المواطنة ومبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
2- حرية الرأى والتعبير:
ولا يجد المجلس القومى لحقوق الإنسان مبرراً لاستمرار تشريعات مقيدة للحق فى التماس المعلومات، وحرية الرأى والتعبير فهى لا تتمشى مع الدستور، أو الالتزامات القانونية النابعة من انضمام الدولة للاتفاقيات الدولية، كما أنها تتعارض مع البرنامج الرسمى للدولة وتعهدات القيادة السياسية بتعزيز الحريات المدنية والسياسية، وربما الأهم من ذلك هو تجاوز التقنيات الحديثة للكثير من هذه التشريعات سواء عبر الفضائيات، أو شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) التى لم تدع من آثارها سوى العقوبات الزجرية التى تسىء للحكومة أكثر مما تحقق أهدافها من الحظر.
وتدلل الممارسة خلال العام 2009، كما فى سابقه، صحة هذا الافتراض، فعبر الممارسة استمرت الصحافة المستقلة تنتزع مساحات أكبر من اهتمام الرأى العام، واتسع نطاق الوصول إلى شبكة المعلومات الدولية، وتطورت تقنيات الهواتف النقالة، لكن ظلت بعض السلطات تتشبث بقيود تجاوزها الزمن حتى أصبحت مصر آخر دولة فى العالم ترفع الحظر على نظام GPS الخاص بخرائط الطرق بينما كان يجرى تصويرها بدقة عالية عبر الأقمار الصناعية بكل تفاصيلها، وكان يمكن متابعتها على المواقع المتخصصة بالشبكة الدولية.
3- الحق فى التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات الأهلية:
استمرت ممارسة هذا الحق تعانى من وطأة التشريعات المنظمة لها، وآليات تنفيذها، وفى مقدمتها قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته، وآليته «لجنة الأحزاب السياسية»، وقانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002، وقانون النقابات المهنية رقم 100 لسنة 1993، إذ أفضت فى مجموعها إلى رفض تأسيس عشرات من الأحزاب السياسية على مر السنين وتقييد ممارسة القائم منها على نحو يخل بمسؤولياتها الحزبية، وتقييد حرية تأسيس الجمعيات الأهلية، وعرقلة ممارسة الحقوق النقابية بل شل عدد منها، لم يتمكن من إجراء انتخاباته لأكثر من خمسة عشر عاماً ووضع نقابات أخرى تحت إشراف لجان غير منتخبة.
4- الحق فى التجمع السلمى:
تخضع ممارسة الحق فى التجمع السلمى فى مصر لمنظومة صارمة من القوانين يعود بعضها إلى قرابة قرن سابق وهو القانون رقم 10 لسنة 1914، الذى تتناقض بعض مواده مع أحكام الدستور المصرى، والقانون رقم 12 لسنة 1923، وقد شددت الحكومة القيود المفروضة على ممارسة هذا الحق فى أبريل 2008 بإصدار قانون جديد يحظر التظاهر فى دور العبادة لأى سبب ويعاقب مخالف أحكامه بالحبس لمدة تصل إلى سنة.
ثالثاً: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
استمر إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال العام موضع الانشغال الأبرز فى ضوء تزايد الشكوى العامة من الأوضاع الاقتصادية وآثارها الاجتماعية، وبصفة خاصة فى ظل استمرار موجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، التى استمرت بالتناقض مع موجة الركود التى عمت الأسواق العالمية وبينها السوق المحلية.
وتأثرت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سلباًَ خلال العام 2009 بفعل العديد من العوامل، يتقدمها استفحال الأزمة الاقتصادية العالمية التى بدأت فى خريف العام 2008، وأثرت سلباً على معدلات النمو الاقتصادى التى انخفضت من متوسط 7.2٪ تقريباً إلى 4.7٪ تقريباً للعام 2009.
1- الحق فى العيش الكريم:
بينما أدت الأزمة الاقتصادية العالمية، المصحوبة بركود اقتصادى عالمى ومخاوف من كساد واسع أدت إلى تبنى مختلف الدول وفى مقدمتها الدول الغنية للعديد من السياسات الاجتماعية والإجراءات الحمائية، إلا أن السياسات الاقتصادية الحكومية تابعت جهودها فى اتجاه تعزيز التحول لاقتصاد السوق الحرة، متخذة بضعة إجراءات محدودة للحد من الآثار الاجتماعية السلبية.
وشهدت البلاد فى الربع الأول من العام 2009 خفضاً متكرراً للفائدة على القروض والودائع، بهدف تقديم دعم للأنشطة الاستثمارية والتصديرية، بغرض التخفيف من خسائر النشاط الاقتصادى للقطاع الخاص، ولكن عمت الشكوى من أثره السلبى على صغار المودعين والمتعاملين الذين يمثلون الشريحة الأكبر عدداً فى البلاد.
2- الحق فى الصحة:
شهد العام استمرار الجدل بشأن السياسات الصحية، لاسيما مع ظهور الوباء المعروف باسم «أنفلونزا الخنازير»، فى وقت تعانى فيه البلاد من مخاطر وباء «أنفلونزا الطيور» الذى بات متوطناً فى البلاد، وكذا استمرار الجدل السياسى والقانونى بشأن إصرار الحكومة على المضى قدماً فى خصخصة خدمات التأمين الصحى، وقرار وزير الصحة بإلغاء التسعير الجبرى للدواء، ووقوع إصابات جماعية نتيجة تلوث مياه الشرب فى بعض المناطق، كذلك استمرت محاكمة المتهمين فى قضية أكياس الدم الملوثة المعروفة إعلامياً باسم قضية «هايدلينا».
واستمر خلال العام الجدل والانتقادات للتوجهات الحكومية لخصخصة هيئة التأمين الصحى، وتحويلها إلى شركة قابضة، إزاء عزم الحكومة إعادة التقدم بمشروع قانون إلى مجلس الشعب خلال دور انعقاده الحالى لتحقيق هذا الهدف، بعد أن جوبهت ببطلان قرار سابق لرئيس الوزراء بتحويل الهيئة العامة للتأمين الصحى إلى شركة قابضة، واضطرارها لسحب مشروع القانون السابق بعد استشعارها معارضة قوية ضده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.