إذا فتحنا النقاش حول عملية التحول الجارية فى التطهير العرقى والديموجرافى لأمريكا نجد روايتين تتنافسان بقوة بشأن هذه المسألة.. الأولى محورها المهاجرون غير الأوروبيين، وأبرزهم النازحون المكسيكيون الذين بدأ على أيديهم تمزيق نسيج الأمة الأمريكية الاجتماعى.. والرواية الأخرى تدور حول تنوع الأجيال الشابة من الأمريكيين بما يؤدى فى النهاية مع مرور السنوات والعقود إلى ظهور عصر «الاندماج بين الثقافات المختلفة». وهذه النوعية من القصص حول تاريخ وجذور العرق الأمريكى ليست الهدف الرئيسى من وجهة نظر الكاتب جريجورى رودريجوز، نظرا لأن مهاجرى اليوم مقارنة بأقرانهم فى الماضى صاروا قادرين على الاندماج فى المجتمع الأمريكى بصورة أكبر، وتزامن ذلك مع سعى الأمريكيين «الأصليين» طوال الوقت إلى استثمار عرقهم وجنسهم الأبيض فى توسيع الفجوة بينهم وبين هؤلاء المهاجرين لتكون لهم الأفضلية والحظوة الكبرى داخل المجتمع. واللافت للنظر أنه وفقا لمكتب إحصاء السكان وبحلول عام 2050 سيكون البيض أقلية فى الولاياتالمتحدة، ومن ثم يفرض السؤال التالى نفسه على المشهد: ماذا سيكون رد فعل الأغلبية الحالية من البيض إزاء هذه القضية الأكثر أهمية اجتماعيا وديموجرافيا، والتى سيصطدم بها البلد فى السنوات العشر المقبلة؟! وعلى مدى العقد المقبل، يتوقع الكاتب رودريجوز المزيد من الدعاوى المرفوعة ضد التمييز العنصرى تقابلها مقاومة شرسة من البيض لأسباب عرقية ورغبة فى البقاء على رأس الخريطة السكانية والديموجرافية للمجتمع فى كل مناطق البلاد.. ويعنى هذا السباق الساخن أن الحياة السياسية فى أمريكا ستكون رهنا لهذا المتغير ولعل انتخاب باراك أوباما كأول رئيس أسود لأمريكا أبرز مثال على اشتعال هذا الماراثون الشاق، خصوصا مع شعور الزنوج فى أمريكا بالتفاؤل والأمل فى غد أفضل مقارنة بالوضع فى الماضى.. وبعد قراءة المشهد على هذا النحو يبدو أن معركة الأعراق فى أمريكا تخرج من مرحلة لتدخل فى أخرى أكثر حرجا وتأزما وتحتاج إلى سنوات وعقود لحسمها إما لصالح البيض وفوزهم بالثروة والنفوذ السياسى على حساب الجماعات الملونة الأخرى أو بتحقيق حلم الاندماج بين الثقافات والعرقيات المتنوعة فى نسيج واحد يوما ما دون تمييز أو نظرة عنصرية فوقية.